توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"ثقافة النشر والتوزيع" في الإمارات تطرح رواية "عقرون 94"

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطرح رواية عقرون 94

رواية "عقرون94 "
أبوظبي - مصر اليوم

    تقع رواية "عقرون94 " للكاتب الروائي عمار باطويل في 93 صفحة من القطع المتوسط ، وقد بناها الكاتب في ثلاثة عشر فصلًا يطول بعضها ويقصر بعضها الآخر، وهي رواية تبدو صغيرة الحجم، ولكن عند قراءتك لها ستكتشف أنها كبيرة الفكر، عظيمة المحتوى، فليست العبرة بكثرة الورق، ولا تباعد السطور، وإنما العبرة بكمية الأفكار والرؤى التي يطرحها الكاتب وجودتها، وتصويرها للواقع، ورصدها لقضايا المجتمع، فالرواية تاريخ في غلاف فني، فهي تؤرخ لغزو الشمال اليمني لجنوبه وحضرموت تحت شعار "الوحدة الشرعية في عام1994"؛ لذلك وضع العام مقرونًا بالعنوان لينبه ذاكرتنا إلى الحدث، ومن هنا فإن لدى الكاتب الروائي القدرة على تجسيد التاريخ وعلى بعثه من جديد في هذا القالب الفني في اتجاهين، بينما لا يستطيع ذلك المؤرخ.

 وكتبت الرواية بأسلوب سهل ممتع تتناسب لغته مع لغة أبطال الرواية المهمشين أو (الحرافيش) كما يطلق عليهم الكاتب، واستعمل في السرد ضمير المتكلم الذي يدل على الذاتية، فهو يتحدث به وشخوص الرواية أيضا يتحدثون به؛ لأنه يساعد على الانسيابية في التعبير السردي؛ ولهذا تشعر وأنت تقرأ الرواية وكأن أبطالها يتحدثون إليك، ولا يغض من اللغة والأسلوب أن الكاتب استخدم بعض الألفاظ العامية المحلية التي اضطر إلى شرحها في الهامش.

وقال الجاحظ في كتابه "البيان والتبيين" ما معناه أن لكل فئة مجتمعية لغتها، فلا تحدّث الأمة بلغة الملوك ولا الملوك بلغة العامة ، وكذلك للأعراب لغتهم ،ولأهل الحاضرة لغتهم، وهذا ما حاول الكاتب أن يمزجه ببراعة، كقوله على لسان الكبش: "أيش من موزتقصد، شي غرام بك" أو قوله: "ياهوين..ياهوين..ماتوا الرجال".

واقتصد الكاتب في السرد فلم يلجأ إلى التطويل والتفصيل، ولو كان فعل ذلك، لكان كل فصل من فصولها (13) رواية أخرى؛ ولذلك تحس أن الرواية مضغوطة ومركزة وكلها رموز مرتبطة بالواقع فأنت لا تستطيع أن تفهم ماذا يقصد الكاتب بامتلاك بطل الرواية عقرون حمارا أعرج واحتال لبيعه للعم سرور الأعمى، والذي أعاده له بعد أن اكتشف عرجه، مع سيل من السباب والشتائم إلا إذا فهمت واقع الشرعية التي أتت بشعارات زائفة؛ لذلك فإن وراء السطر سطورا ووراء المعنى معاني، ومع ذلك لا تشعر باي خلل فني.

 والرواية تفوح منها رائحة البيئة الحضرمية، حيث تقرأ حيضان النخيل، والوصر، والمدارة، والمدروف ،والشرح ،والخلفة...الخ. وربما وظف الكاتب أسماء أبطال الرواية توظيفا رمزيا فعقرون يرمز للأصالة والبعد التاريخي، وكاسترو يرمز للمد الاشتراكي، وابنه أيوب يرمز إلى الصبر، والكبش يرمز إلى الذين تبعوا الشرعية دون فهم .. وهكذا بقية الأسماء كعبده الذي هو اسم تهامي ويعني أن الشرعية أرسلت لنا قاذوراتها....الخ.

 وتبدأ الرواية بالقلق الخيف فالحرب تدق طبولها والمستقبل مجهول (السماء ملبدة بالقلق قلق يثير الرعب في القلوب)، وتنتهي بالفرح (وبرغم بساطة عملي إلا أني أشعر بأنني أطير..أطير..أطير) وما بين القلق والفرح تدور أحداث الرواية في ثلاثة محاور رئيسة:

 الأول: الفساد : فساد الوحدة ، الفساد الاجتماعي والأخلاقي ويتمثل في عبده وابنته مريوم (إن ابنتك ياعبده تسببت في إفساد أخلاق شباب الوادي )، ويأتي الخطف نوعا آخر من الفساد الأخلاقي والاجتماعي (أيوب يحمل نفس حيرة أهل الوادي ويسأل عن السر وراء اختفاء البنات ماذا يعمل هؤلاء الشماليون بالبنات؟ هل يسحرونهن أو يغرونهن بالمال كي يذهبن معهم ويتركن أهاليهن؟) إنها مأساة عاشها وادي عقرون ، والفساد الاقتصادي الاجتماعي يتمثل في القات وتوابعه وفي الرشوة وأضرارها ، وفساد سياسي ويتمثل في نكران جنسية عقرون ورفض الفندم صرف جوازسفرله ؛لأنه يشك أنه صومالي وذلك من لون بشرته، وفي الإقصاء ،والتهميش.

الثاني :الضياع : ففي الفصل العاشر يستمع البطل عقرون من جده عن حكاية السيل الذي نزل من عقرون وجرف أراضيهم وهدم بيوتهم ،واضطرهم الى (الجول) وهو ضهر الجبل وكيف أن أباه ضاع منهم ، ثم حضر مكسور الساق يتكئ على عكاز، وكان ذلك يوم ولادة البطل فأشارأبوه عليهم بأن يسموه عقرون ، ثم عودتهم من ( حم حار) وهي معقل الصبيان المهمشين حيث وجدوا ديارهم مهدمة وأشياءهم مدمرة فلم يتحملوا الموقف فتفرقوا في قرى وبلدات دوعن ،وهي إشارة رمزية الى ضياع الوطن ولم يبقى منه غير الاسم .

 ولعله أراد بالسيل الجارف هذه الجحافل القادمة من الشمال كالطوفان والتي ألجأت كثيرا من أهل حضرموت الى الهجرة الى السعودية ودول الخليج. والكاتب يربط بين ضياع وطنه حضرموت في عهد الشرعية ، وضياع فلسطين في عهد القومية (ولكي لا ينسى هذا الملك العظيم......فوجد عقرون في حضرموت وعقرون في فلسطين) وربما يشير الى التشابه في العمق التاريخي بين فلسطين وحضرموت.

 وبالإضافة إلى ضياع الوطن فقد ضاع هذا الإنسان البسيط، فهو مشوش الفكر بين تاريخ حضرموت القديم فجده يقول إن عقرون من نفحات أولياء الله الصالحين، بينما ترى جدته أنه اسم لملك من ملوك حضرموت العظيم، وأن الوادي المحاذي له (مراة) سمي باسم زوجته.

 وضياع آخر للمواطن، فقد أصبح لا يفرق بين الصح والخطأ، فأيوب يتزوج من مريوم المومس التي أضاعت والديها وتبحث عنهما، وتلد له ولدا ضائعا لايعرف أين هو؟، فالكل ضائع في الجنوب وفي الشمال، والقوم عاكفون على القات في ضياع كبير

الثالث: الدعوة إلى الارتباط بالأرض بدلا من البحث عن الوهم ، وهذه الدعوة لا تكاد تجد فصل من فصول الروية يخلو منها (قال لي جدي : إن الإنسان لا يكون بكامل أوصافه الإنسانية إلا عندما يلتحم بالأرض وينتمي إليها بالعمل والكفاح ويسقي تربتها بالعرق والدماء ،مثلك ياعقرون) وزاد من أوار هذه الدعوة أن بطل الرواية عقرون عندما عاد  من المكلا بعد أن رفض الفندم صرف جواز سفر له ليسافر الى السعودية ،عاد الى حقله وارتبط بأرضه، وأخذ يعمل في حقله بجدية وبدأت ظروفه المالية تتحسن بفضل زراعته للفجل وقد يكون لزراعة الفجل رمزية خاصة لأنه لا موسم لزراعته أو أنه من المحصولات الهامشية ؛ليدل الى أن الأرض تعطي من خيراتها حتى الفجل له مردود إيجابي ،وعليك بالعودة إليها..

 وينتقد الكاتب الهجرة على لسان العم منصور(اعمل في بلادك وارض بالقليل ،تأتك الصحة والعافية أما الكثرة في المال فتجلب مرض الأجسام ومرض الغرور، فالحمد لله فقد رضيت بالقليل وأنا أعيش معززا مكرما في بلادي.الغربة ضياع ياعقرون ، وبعد الضياع ذل)، (دارت بي الدنيا بعد ماقال بعد الضياع ذل)

 وأخيرا، فإن الروية جيدة وتحتمل أكثر من قراءة، وفيها رموز كثيرة (كالمدارة) و(الخيول التي تغتسل في ماء النهر من الدماء) و(أولياء الله الصالحين )وغيرها كثير ، وهذه هي ميزة الكاتب المبدع ،ولايعيبها إلا أن الكاتب اهتم بالسرد على حساب الحبكة.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطرح رواية عقرون 94 ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطرح رواية عقرون 94



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطرح رواية عقرون 94 ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطرح رواية عقرون 94



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon