توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"سيدة" قصة قصيرة لـ عبير درويش

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - سيدة قصة قصيرة لـ عبير درويش

سيدة قصة قصيرة لـ عبير درويش
القاهرة – مصر اليوم

وضعت إبهامها على حافة الكوب، وباليد الأخرى باحتراف اعتلت "البراد" الداخن؛ وتحسست منفذ البخار المتلظي، فأرخت يدها للوراء ممسكةً بتلابيب اليد المعزولة؛ لترفعه إلى الكوب الآنف ضبطه بمؤشر الإبهام، وظلت تسكب حتى قبيل لمس الماء المغلي لإصبعها؛ وأعادت كلٍ لموضعه؛ وباشرت التقليب؛ ثم الارتشاف بنهم وهي تبتسم ساخرة مني، وكأنما تراني تعلو وجهي الدهشة من كيفية تتناغم مع ظلامها، ومثلي تتخبط في خفوت إنارة حجرة عالم كامل، ما سمعته من أمي عنها أنها "سيدة".

تلك الأرملة الكفيفة التي تعيش في المنزل المتهدم؛ وتتناوب على زيارتها شباب وفتيات الجوار بناءً على توصية ذويهم.. ما اسمك خالتي ؟

"سيدة": لا تتعجبي صغيرتي.. كنت أبصر؛ وكنت شابة جميلة وفتية.. هيه؛ ترملت ولم أرث غير 8 من الأفواه الجائعة؛ ولم أكن مثلكن أقرأ وأكتب وأرتاد الجامعة؛ بل امرأة ريفية جنوبية الموطن والرأس والقبيلة.. لم أملك خيارًا بين أن أترك فلذات كبدي لأهل زوجي كما نصحني أبناء جلدتي.. أو البقاء بالمدينة؛ واحتال على قوتهم وقوتي.. وتبادر لي إعجاب الجيرة من الحضر بما أصنع من خبز شمسي وبتاو وفايش.. والخبز الأسمر الملدن.

المرحوم زوجي أخلص في صنع فرن طيني وأغشاه بالفخار؛ كان يتفاخر أمام أقرانه بأنه يهنأ بما أبرع فيه.. قررت.. سأخبز.. هكذا مزجت أملي وملحي واختمرت الصبر؛ وساعدني أبنائي الخمس، "وهي تشير بكف يدها إلى وجهي" في تجميع مخلفات العصير ومحلات النجارة ليلًا، وكل ما يمكن أن تلتهمه نار فرني الغالي؛ وساعدتني بناتي في العجن وتقطيع الخبز فجرًا.. هيه.. "اختبأت وراء لهيب فرني الطيني لأتجنب جهنم العوز".. وذاع صيتي بالحي؛ وأدمنوا خبزي وكعكي اليابس؛ ومادوا طراوة ولدانة خبزي الأسمر ورقاقي المشجوب بالحليب؛ وفطيري المختال في سمن الناهمين.. أبيع لمن يملك المال.. وأقايض بالحليب والبيض واللحم.. هيه.. وأحيانًا بحلاقة لذكر منهم؛ أو قطع من الصابون النابلسي.. ولا تتعجبي فوق ذلك السطح المتهدم كنت أملك ما يقرب المزرعة من ديكة وبط وأوز.. كنت أرقب فقسهم؛ وأطعمهم بقايا فلذاتي.. في ذلك المنزل الذي يبدو لكِ حطامًا؛ علمت أولادي إلى حد التباهي بهم في أعين أعمامهم المتخاذلين وأخوالهم المستنكرين.. وزوجت بناتي زيجات ترفع لها الهامة وتستقيم؛ وليس سترًا فقط.

ما سبب فقدانك للبصر خالتي ؟

البعض ظن أنه صهد فرني الغالي.. لكن السبب اتضح فيما بعد بأنه مضاعفات مرض السكر.. هيه.. الشقاء بنيتي كفيل بالهدم مثل فرني الغالي..

أنا ركام ورماد الآن لا أكثر.

أين أبناؤك؟

سافروا جميعًا لكنهم يراسلونني.. اقرأي لي الرسائل فأبناء الجيرة عندما يسلمون الخطابات يقرأونها مرة واحدة شحيحة.. أرجوكِ أعيدي إلى مسامعي كلماتهم، وناولتني علبة كرتون خاصة بالأحذية مكتظة بالورق.. "الورق الأبيض الناصع تمامًا".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيدة قصة قصيرة لـ عبير درويش سيدة قصة قصيرة لـ عبير درويش



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيدة قصة قصيرة لـ عبير درويش سيدة قصة قصيرة لـ عبير درويش



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon