القاهرة - أحمد عبد الفتاح
صرّح أستاذ القانون الدستوري في جامعة "القاهرة" وعضو لجنة خبراء وضع الدستور الدكتور فتحي فكري، بأنّ لجنة "الخمسين"، لم تلتزم فيما قدمته لجنة الخبراء من مسودة للدستور، خصوصًا فيما يهم مادة محاكمة الرئيس والوزراء والسماح اختيار رئيس مجلس النواب من المعينين.
وأوضح فكري فى حواره مع "مصر اليوم"، أنّ هناك عدد من القوانين التي فيها شبهة عدم دستورية، مثل: قانون التظاهر والضريبة العقارية والقانون المنظم لعمل الهيئة العربية للتصنيع؛ لكنه أقر دستورية محاكمة المدنيين عسكريًا، وفق قانون: حماية المنشآت، وقرار إخلاء الشريط الحدودى في رفح، محذرًا من التلاعب في مواد الدستور فيما بعد، خصوصًا فيما يخص التداول السلمي للسلطة.
وأبرز أنّ هناك نصوص دستورية ألزمت البرلمان، أن يصدر في شأنها قوانين في دور انعقاده الأول، مثل: بناء وترميم الكنائس، وملف العدالة الانتقالية الذي ينبغي أن يحقق متطلبات عدة، أولها: كشف الحقيقة، وألا يقتصر دوره على الأحداث التي عاصرت الثورة؛ بل يشمل كل من يدعي على ثورة كانون الثاني/يناير بأنها مؤامرة، لأنها كانت إرادة شعبية تم استغلالها من بعض القوى والأحزاب.
وأضاف، أنها جاءت نتيجة استبداد وظلم وإهدار لأحكام القضاء، حتى لم يعد الشعب في مقدوره أن يصمت على هذه الأوضاع فثار ثورته فى 25 كانون الثاني، أما القانون الثالث الذي له أهمية بالغة فيتمثل في إصدار اللائحة الداخلية للبرلمان وفق قانون فهذه طفرة ديمقراطية لا توجد في أي دستور مصري، حيث إن اللائحة دليل عمل البرلمان، واللائحة القديمة كانت تتضمن عددًا من المخالفات الدستورية؛ ولم يكن من الممكن إخضاعها إلى الرقابة القضائية؛ لأنها ليست لائحة إدارية وبالتالي تعين إعادة صياغتها، خصوصًا أنّ الكثير من القواعد التي كانت تحتويها ليس لها أي مبرر للاستمرار؛ لأنها كانت تفيض مخالفات.
وتابع فكري، فعلى سبيل المثال أجازت رفع الحصانة في صورة جزئية عن النائب مخالفة نصوص الدستور، والمفترض أن يأذن البرلمان لسماع أقوال النائب فقط، ما يعني أنّ المحقق لا يستطيع أن يوجه له استجوابًا، وبالتالي عليه إذا أراد أن يحبسه احتياطيًا أن يلجأ إلى البرلمان مرة ثانية، ما يجعل الحصانة امتيازًا وليست ضمانة لأداء العضو لمهامه.
ولفت إلى أنّ "الدستور الجاري، سمح اختيار رئيس البرلمان من بين الأعضاء المنتخبين أو المعينين، وكأننا نعيد الكرة مرة ثانية لجواز اختيار عضو معين لرئاسة البرلمان، وهذا في تقديري لا يتفق مع المنطق، فالعضو المعين يجب ألا يعتلي منصة البرلمان؛ لأنه لم يأت وفق إرادة شعبية، فالهدف من اختيار هذا العضو إما نقص في الكفاءات الموجودة في البرلمان أو تعويض نقص في تمثيل بعض الفئات، واعتلاؤه منصة البرلمان وحياده؛ يمنع المجلس من الاستفادة من العضوية المعينة".
وزاد، أنّ هناك أيضًا مواد تحدثت عن محاكمة رئيس الجمهورية جنائيًا؛ لكن ماذا عن الجنح والمخالفات؟ فهناك جنح شديدة الخطورة والجسامة كجنح القتل الخطأ على سبيل المثال، هل يحاسب عليها الرئيس على اعتبار أنّ الجناية تشمل كل الجرائم أم يقتصر الأمر على الجناية في معناها الدقيق؟، فالنص هنا أعفى رئيس الجمهورية من المحاسبة في الجنح والمخالفات، فضلًا عن مادة محاكمة الوزراء التي أغفلت الطبيعة السياسية لعمل الوزير.
واستكمل فكري، فالقوانين في معظم دول العالم تفرض أن تكون محاكمة الوزير محاكمة خاصة وليست استثنائية، والفقرة الثانية التي تخص مادة محاكمة الوزراء تقول في حالة محاكمة الوزير في تهمة الخيانة العظمى تتبع ذات الإجراءات المقررة بالنسبة إلى رئيس الدولة في التحقيق، والمادة هنا تحدثت عن التحقيق ولم تتحدث عن المحاكمة، وبالتالي أصبح هناك فصل ما بين مرحلتي التحقيق والمحاكمة.
واستأنف: "نريد أن نفتح بابًا لحرية الرأي، طالما أنّ ذلك لا يؤدي إلى ارتكاب جريمة، فإبداء الرأي ليس جريمة، ويجب أن نترك من يريد أن يقول ما يشاء في الثورة، وسيفرض الرأي الغالب نفسه على الواقع العملي، خصوصًا عندما تتحقق أهداف الثورة، بعدها ستختفى كل هذه الآراء، أي أنّه إذا حققنا العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية سنقطع الطريق على من يهاجم الثورة".
واستطرد، أنّ "هناك أمور أهم يجب أن ننشغل فيها من تجريم الإساءة لثورتي 25 كانون الثاني و30 حزيران، منها على سبيل المثال، أن يطبق القانون على الجميع بغض النظر عن أي اعتبار، فما عانيناه في السابق أنّ القانون كان يطبق على البعض من دون البعض الآخر، فهنا تتأكد فكرة المواطنة وبالتالي تتعزز روح الانتماء، كما أتمنى أن نلتزم نصوص الدستور، خصوصًا فيما يتناول التداول السلمي للسلطة، أي ألا يتم تعديل الدستور أو حتى يوضع دستور جديد يجعل رئيس الدولة يستمر في منصبه أكثر من المدة المقررة فالدستور يمنع هذا التعديل".
أرسل تعليقك