القاهرة - محمود حساني
يرى رئيس وزراء مصر الأسبق، الدكتور عصام شرف، أن "25 يناير"، ثورة شعبية بكل المقاييس، كانت ومازالت صفحة مضيئة في تاريخ مصر، مهما حاول البعض التشكيك فيها أو النيّل من شبابها، قام بها الشعب وحماها الجيش، كانت وما زالت جزءًا من تاريخ الحركة الوطنية المصرية في أنبل وأرفع مواقفها ضد الاستبداد والطغيان والظلم، فلولا هذه الثورة لكان جمال مبارك رئيسًا للبلاد، ومازال الحزب الوطني ورجال أعماله يسيطرون على خيرات البلاد، ولما أصبح الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيسًا للبلاد، ورجل يعلم تمام اليقين.
وأضاف الدكتور عصام شرف في تصريحات خاصة إلى "مصر اليوم"، قائلًا "لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن نقول ما نعيشه الأن من مشاكل وأزمات، سبب فيه ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير، بل هي نتيجة تراكمات لعهود مضت، أهدرت حق المواطن في أن يعيش في وطنه يسوده العيش والحرية والكرامة والعدالة والإنسانية، وأهدرت على مصر، فرصتها في التقدم والبناء وأن تحتل مكانتها اللائقة بين الأمم.
وتابع شرف، أنه بعد 6 أعوام على اندلاع الثورة، يستطيع أن يقول أن المخاوف التي كانت تُطارد البعض حول اتجاه نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى توريث الحكم إلى نجله جمال مبارك، كانت بالتأكيد ستصبح حقيقة، إذ بدأت أولى ملامح هذا السيناريو، منذ عام 2007، عندما شرّع نظام الحاكم آنذاك، بتعديل عدد من مواد الدستور المصري، لعل أبرزها المادة "76 "، المتعلقة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، والتي جاءت خصيصًا لكي تتناسب مع السيد جمال مبارك، وثاني هذه الخطوات، كانت بسيطرة أعضاء الحزب الوطني على مجلس الشعب، إذ جرّت عملية تزوير ممنهجه الجميع كان شاهدًا عليها، وثالث هذه الخطوات في اعتقادي، كانت ستتمثل في أن يطلب الرئيس الأسبق حسني مبارك، إعفائه من منصبه، على الأرجح، كانت هذه الخطوة ستكون في أيار/مايو 2011 ، بعدها سيتم فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، وسيتم الدفع بنجله جمال مبارك.
وواصل شرف، حديثه "ما أقوله ليس بجديد، بل أعلنه الرئيس السيسي، عندما كان مديرًا للمخابرات الحربية آنذاك، خلال اللقاءات التي جمعته بالسياسيين والمثقفين بعد ثورة الـ 25 من يناير/كانون الثاني، وحال حدوث ذلك، الجيش كان يتوقع أن تحدث انتفاضة شعبية، سينحاز لها الجيش.
وأشار إلى أن ما نعانيه من أوضاع اقتصادية صعبة الأن، نتيجة إلى العجز في الموازنة والديون المتراكمة التي ورثهّا النظام الحالي، عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، وما رأيناه بعد الثورة، من مظاهر سلبية في تصرفات بعض المواطنين، الثورة بريئة منه تمامًا، فعلينا أن نسترد ذلك المشهد العظيم، الذي سيخلد في ذاكرة التاريخ، بعد انتهاء الشباب من ثورتهم، بإعلان تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم، قيامهم بتنظيف الميدان لكي يسترد مظهره، ضف إلى ذلك الشعور الذي لازم الشعب، خلال أيام الثورة، بالدفاع عن الممتلكات العامة والخاصة، وتشكيل ما يعرف بـ " اللجان الشعبية"، كل ذلك، لا يمكن اختزاله في بعض التصرفات السلبية التي طفت على المشهد، بل هي نتيجة لما خلفه ورائه نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، من جهل وفقر وبطالة وانتشار المخدرات، وغياب القدوة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وسيطرة قلة من البشر على خيرات الشعب، ضف إلى ذلك اختلال منظومة الفكر والثقافة والتعليم والدين، فرأينا ما رأيناه من سلوكيات عنيفة وعدوانية.
وعن الاتهامات الموجهة له بفشله في تحقيق مطالب الثورة، أوضح الدكتور عصام شرف، قائلًا "الجميع يعلم أنني أتيت، محملًا على أكتاف شباب الثورة وقبلت المسؤولية، في الوقت الذي تهرب فيه البعض، والجميع يعلم تمامًا طبيعة الأوضاع التي شهدتها البلاد آنذاك عقب الإطاحة بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، من انفلات أمني غير مسبوق ضرب أرجاء البلاد، وتوقف تام لجميع موارد الدولة، وأود أن أشير هنا إلى نقطة هامة، للتاريخ، أن القوات المسلحة، واجهت ظرفًا حرجًا، من تحديات في الداخل والخارج، وتوقف تام في جميع موارد الدولة، واستطاعت القوات المسلحة بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي، بجدارة الحفاظ على وحدة وصلابة مصر والوصول بسفينة الدولة إلى بر الأمان وسط الأمواج العاتية، التي كانت تعصف بدول المنطقة الواحدة تلو الأخرى، وذلك سواء من خلال التزامها بأعلى درجات الانضباط الوطني مع أحداث الثورة، أو من خلال إدارة المرحلة الانتقالية التي تلتها ، في الوقت الذي كانت المخططات الدولية تؤتي ثمارها في كل من ليبيا وسورية والعراق واليمن.
واستطرد شرف، مُخطئ من يرى أن ثورة 25 كانون الثاني/ يناير لم تحقق أي من أهدافها، فشأنها كشأن أي ثورة، نجحت في تحقيق أهداف وأخفقت في أخرى، إلا أن من أهم إنجازاتها، كسر حاجز الخوف في نفوس المصريين إلى غير رجعة، فالم يعد بوسع من يجلس على كرسي الحكم، أن يستهين أو أن يستخف بإرادة المصريين، وهو ما يشكل ضغطًا مستمرًا عليه لتصوين قراراته وأراءه وفقًا لما يراه المواطنين، وخير دليل على ذلك، أن بعد عام على ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، خرج المصريين مرة أخرى إلى الميادين، لإسقاط نظام حكم جماعة الإخوان المحظورة، وهو درسًا لأي حاكم أن هناك شعب، إذ أخطأت ستحاسب.
أرسل تعليقك