القاهرة - محمود حساني
أكّد رئيس حزب الوفد الدكتور السيد البدوي، أنّ ذاكرة التاريخ لا يمكن أن تزوّر الحقائق، فبعد 6 أعوام على اندلاع أحداث 25 كانون الثاني/ يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك من حكم البلاد، فما حدث "ثورة شعبية" بكل المقاييس، قام بها أبناء الطبقة المتوسطة، أملًا في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ومستقبل أفضل لبلادهم، شارك فيها جميع فئات وطوائف الشعب بمختلف توجهاتهم السياسية، قال عنها المجلس العسكري، برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي آنذاك، في أول رد فعل من المؤسسة العسكرية، على الأحداث التي شهدتها البلاد، " الجيش المصري في حالة انعقاد دائم لبحث المطالب المشروعة للشعب"، فهل يمكن بعد 6 أعوام على اندلاعها، نصف ما حدث بـ"المؤامرة"، وما قام بها " متآمرون"، مشددًا على أن التاريخ لا يبالي بالاتهامات التي يطلقها البعض، وإنما يسّجل حقائق، شهدها العالم بأسره.
وأضاف الدكتور السيد البدوي، في حديث مع "مصر اليوم"،:" ما يطلقه البعض حول "25 يناير"، من كونها مؤامرة، هي وجهة نظر شخصية ترجع إلى صاحبها، فبعد 60 عامًا على اندلاع ثورة 23 تموز/ يوليو 1952، التي قام بها "الضباط الأحرار"، بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ما زال البعض، يقول عنها " انقلاب عسكري"، موضحًا أن من يطلق هذه الاتهامات، تربى وتعلّم بالمّجان، وحصل على وظيفة مرمرقة في بلده، بفضّل تلك الثورة العظيمة، التي ما زالنا نجني الآن ثمارها، فا لولاها لكان الحق في التعليم، والعمل، وتقّلد المناصب في الجيش والشرطة والقضاء، حجرًا على أبناء الطبقة الملكية، دون غيرهم من أبناء الشعب البسيط.
وأجاب حول ما إذا كان ثورة "25 يناير" حققت أهدافها بعد 6 أعوام من اندلاعها، قائلًا، "إذ لم يكن لثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، والتي نستقبل ذكرتها الخامسة خلال أيام، إي إنجاز يُذكر، يكفي أنها أغلقت الباب أمام ما كان يسعى إليه الحزب الوطني، من الدفع بجمال مبارك، بديلًا لوالده، ضف إلى ذالك، بفضّل ثورة "25 يناير"، لا يمكن لحاكم أي كان أن يتجاهل صوت الشعب، الذي خرج مرتين إلى الشوارع والميادين في أقل من عامين، مطالبًا بإسقاط النظام الحاكم، وبفضّل " 25 يناير"، أصبحنا نعيش حياة ديمقراطية سليمة نزيهة، كل مواطن له الحق في التعبير عن رأيه بكل صراحة ووضوح، دون خوفًا من ملاحقة، وخير دليل على ذالك ما نشاهده في وسائل الإعلام ليل نهار.
واتهم البدوي، جماعة الإخوان المحظورة، بسرقة الثورة ممن قاموا بها واختطافها إلى طريقِ آخر، سعيًا لتحقيق هدفها ومصلحتها الخاصة، والتي ظهرت أطماعها بقوة ووضح في أعقاب الاستفتاء على أول تعديلات دستورية شهدتها مصر بعد الثورة، والمعروفة إعلاميًا بـ استفتاء " 19 مارس"، وبعد ذالك أصبحت المتحدث الرسمي باسم الشعب، لذا أي إخفاق شهدته الثورة فيما يتعلق بالأهداف التي نادت بها يُرجع إلى جماعة الإخوان، التي تصدرت المشهد السياسي، حتى وصلت إلى حكم البلاد.. وأضاف ما رأيناه طوال عام من حكم الإخوان للبلاد، ليس بعيدًا عنا، فكان طبيعيًا أن يخرج الشعب مُجددًا في محاولة منه لاسترداد ثورته، التي انحاز لها الجيش للمرة الثانية، مبينًا أن حزب الوفد لعب دورًا كبيرًا خلال ثورة 30 حزيران/يونيو، لا يمكن لأحد أن يتجاهله.
وأشار رئيس حزب الوفد إلى أن القارئ للتاريخ يعي تمامًا أن جماعة الإخوان، أتيحت لها الفرصة أن تكون ضمن نسيج المجتمع المصري، إلا أنها لم تحسن استغلالها، أملًا في تحقيق أطماعها، على الرغم من أنها طوال 80 عامًا، لم تحصل على فرصة، كما حصلت عليها بفضّل الثورة، مشيرًا إلى أن الإخوان، كتنظيم انتهى للأبد، أمام أنصارها ما زالوا موجودين وفاعلين، في انتظار أن تُتاح لهم الفرصة مُجددا بالظهور، ولكن بوجوه وسياسات جديدة.
وعبّر عن رأيه في أداء مجلس النواب بعد عام من انطلاقه، قائلًا "أنا راضِ تمامًا عن أداء المجلس، مجلس النواب الحالي، واحد من البرلمانات الفارقة في تاريخ الحياة السياسية المصرية، منذ نشأتها عام 1866، فلأول مرة نجد الشباب والمرأة والأقباط ممثلين بهذا الحجم الكبير تحت قبته، واجه في بداية تشكيله، تحديات صعبة، فكلنا نعلم مساعي جماعة الإخوان المحظورة لعرقلة تنفيذ المرحلة الثالثة من خارطة الطريق، وحجم الملايين التي صُرفت من إجل عدم إتمام انتخابات البرلمان، لكن إرادة الشعب كانت أقوى من أي محاولات خبيثة. وتابع قائلًا : لا توجد تجربة برلمانية بلا سلبيات، شأنها كشأن أي برلمان في العالم، وهي سلبيات نتاج عدد من نواب البرلمان، وليس البرلمان في مجمله، كما أنه لأول مرة، تعود مصر إلى عضوية البرلمان الدولي بعد 5 سنوات من اندلاع ثورة 30 حزيران/يونيو، كما أن هناك مجموعة من القوانين المهمة، التي أقرّها البرلمان، قانون الجميعات الأهلية وقانون بناء الكنائس، وقانون نقابة الإعلاميين .
واستطرد البدوي، أن الظروف الحالية لم تخدم مجلس النواب، فهو مُثقل منذ يومه الأول، بالأعباء القانونية والدستورية، ضف إليها ما تواجهه الدولة المصرية من تحديات في الداخل والخارج، فكان طبيعياً أن تتبنى الحكومة، مجموعة من القرارات الاقتصادية، لكن أري أن البرلمان، عليه أن يعمل على معالجة آثار القرارات الاقتصادية، وذالك من خلال التوسع في برامج الحماية الاجتماعية، وهذا لن يحدث إلا إذا أصدر مجموعة من التشريعات الاقتصادية .
وأشاد البدوي، بدور ائتلاف " 25/30" تحت قبة البرلمان، مبينًا أن هناك مجموعة من الشخصيات المشهود لها بالنزاهة والوطنية بين أعضائه، الذي تجمعه بهم علاقات قوية، كالروائي يوسف القعيد، والمخرج خالد يوسف، والشاب هيثم أبو العزي الحريري، مشيرًا إلى أنه مع تشكيل أكثر من ائتلاف تحت القبة، فهي ظاهر صحية وتثري الحياة البرلمانية، فالاختلاف في الرؤى والمواقف، يصب في مصلحة البرلمان، رافضاً في الوقت ذات الهجوم الذي يتعرض له أعضاء الائتلاف من وقتٍ إلى آخر في وسائل الإعلام .
وأوضح رئيس حزب الوفد، رؤية حزبه بشأن الأزمة المُثارة بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، قائلًا إن "حزب الوفد بحكم رؤيته وإطلاعه على الوثائق والمستندات والمواقف السياسية طوال الأنظمة السابقة، فأنه يرى أن جزيرتي " تيران وصنافير "، مصرية"، مبينًا أن سبب اللغط المُثار حاليًا، هو سوء تناول الأمر منذ بدايته، وهو ما أدى إلى ما نحن فيه الآن، أصبحنا أمام فريقين، الأول يرفض الاتفاقية، ويتمسك بمصرية الجزيرتين، والثاني، يؤيد الاتفاقية، ولكل فريق حججه التي يستند إليها، مشيرًا إلى أن الأمر الآن أصبح في يد البرلمان .
أرسل تعليقك