اعتقد الكثيرون ان المنتخب الايطالي سيخوض نهائيات مونديال البرازيل 2014 بروحية التجديد التي بدأت منذ اربعة اعوام
وقادته الى الوصول لنهائي كأس اوروبا 2012، لكن هذه الحقبة انتهت قبل ان تبدأ قبل خروج "الازوري" من الدور الاول على
يد الاوروغواي (1-صفر).
ولم يكن الهدف الذي سجله دييغو غودين برأسه في الدقائق الاخيرة قاتلا لامال ايطاليا في مواصلة المشوار وتعويض خيبة
جنوب افريقيا 2010 حين تنازلت عن لقبها وودعت من الدور الاول ايضا، بل انه كان بمثابة كرة الثلج التي تطيح بكل شيء
امامها واول ضحاياها كان المدرب تشيزاري برانديلي ورئيس الاتحاد الايطالي لكرة القدم جانكارلو ابيتي.
"عندما يفشل المشروع، يجب عليك حينها ان تتحمل المسؤولية"، هذا ما قاله برانديلي الذي فاجأ الجميع بقرار استقالته من
المنصب الذي استلمه بعد خروج "الازوري" من الدور ذاته قبل اربعة اعوام خلفا لمارتشيلو ليبي.
واعتبر مدرب فيورنتينا السابق ان طريق ايطاليا نحو العودة بين الكبار تبدو وعرة جدا، مضيفا: "علينا ان نبدأ من اسفل الهرم
صعودا، بدءا من فئة الفتيان، يجب ان نعيد الاهمية لما يعنيه ارتداء قميص المنتخب الوطني".
وواصل "لا يخفى على احد بان المنتخب الوطني غير محبوب. نحن المنتخب الوطني الوحيد الذي غادر (ايطاليا متوجها الى
البرازيل) دون مساندة شعبه الذي يعتمد علينا بعد ذلك من اجل ان نكون امل الامة. واجهنا صافرات الاستهجان والاهانات. كنا
نشعر بالخزي لقدومنا الى هنا".
ودخل برانديلي الى مونديال البرازيل وهو يحلم بان يساهم في قيادة بلاده الى وضع نجمة خامسة على صدرها ومعادلة الرقم
القياسي المسجل باسم اصحاب الضيافة، وذلك باسلوب خارج عن "طبيعتها" بان جزء منه خلال المباراة الاولى امام انكلترا
(2-1) ثم اختفى تماما امام كوستاريكا (صفر-1) قبل الموقعة "القاتلة" امام الاوروغواي التي اكملها "الازوري" بعشرة
لاعبين.
ويمكن القول ان حملة التجديد التي اطلقها برانديلي منذ 2010 اعطت ثمارها بعض الشيء بوصول المنتخب الى نهائي كأس
اوروبا 2012 والمركز الثالث في كأس القارات 2013 وفي التصفيات المؤهلة الى مونديال 2014، لكن هدف غودين القاتل
والذي سبقه الطرد القاسي لكلاوديو ماركيزيو وحادثة "العض" التي كان يستحق عليها لويس سواريز الطرد، كانت بمثابة
الضربة القاضية في حملة التجديد التي تحولت الى بذور تصدع بعد الحملة التي شنها مخضرمو المنتخب على زميلهم الشاب
ماريو بالوتيلي.
ويبدو ان بالوتيلي سيدفع ثمن الاخفاق الايطالي في مونديال البرازيلي، لان اللاعب الغاني الاصل وجد نفسه وسط حملة انتقادات
واسعة من زملائه والكثير من الايطاليين "الوطنيين" الذين اعتبروا انه تقاعس في تأدية مهامه مع المنتخب الوطني ان كان ضد
كوستاريكا او ضد الاوروغواي.
وكان دانييلي دي روسي اول من هاجم زميله الشاب الذي بدا واقفا في ارضية الملعب دون بذل اي مجهود يذكر ما دفع برانديلي
الى استبداله في بداية الشوط الثاني، قائلا" يجب ان نبدأ مرحلة جديدة مع رجال حقيقيين"، مشيرا الى ان المنتخب ليس بحاجة
الى لاعبين نجوم لا يتحركون "لان هؤلاء يشكلون اهانة للمنتخب الوطني".
واعتبر دي روسي ان مخضرمي المنتخب هم من حملوا العبء لان الشباب متلكئون، متوافقا بذلك مع الحارس القائد جانلويجي
بوفون الذي انتقد زملاءه الشبان ايضا من دون ان يسمي احدا، قائلا: "نسمع دائما اراء تطالب بالتغيير. يتحدثون عن ان بوفون،
بيرلو، دي روسي، كييليني تقدموا في السن. والواقع بانه عندما يحتاج الفريق الى دفع العربة الى الامام، فان هؤلاء العجزة هم
الذين يقفون في الصف الاول للقيام بذلك. من الضروري ابداء الاحترام قليلا لهؤلاء، ليس لما قدموه بل لما يمثلونه حتى الان".
واذا كان اللاعبون يعتمدون "شيئا" من الدبلوماسية في انتقاداتهم، فان الجمهور "العادي" لا يحاول بتاتا "تلطيف" تعليقاته وهذا ما
حصل على موقع "اينستاغرام" حيث نشر احد المستخدمين شريط فيديو يتوجه الى مهاجم ميلان قائلا: "ماريو، هل تعلم ما هي
المشكلة؟ المشكلة انك لست ايطاليا، فارحل".
ورد بالوتيلي شخصيا على هذا المشجع "الوطني"، قائلا: "انا ماريو بالوتيلي، عمري 23 عاما ولم اختر ان اكون ايطاليا. اردت
ذلك حقا لاني ولدت وترعرعت في ايطاليا. كأس العالم هذه كانت تعني الكثير لي وانا حزين، غاضب واشعر بخيبة كبيرة من
نفسي".
وواصل "صحيح انه كان الاحرى بي ان اسجل ضد كوستاريكا، انت محق، لكن ماذا بعدها؟ لا يجب القاء اللوم علي لان هذه
المرة قدم ماريو بالوتيلي كل شيء من اجل المنتخب".
وتابع "هذه المرة، يجب ان تجدوا عذرا اخر (للخروج المخيب) لان ضمير ماريو بالوتيلي مرتاح، وهو مستعد لمواصلة المشوار
مرفوع الرأس. انا فخور لاني قدمت كل شيء من اجل بلدي".
واردف "سوبر ماريو": "لكن ربما، وكما تقولون، ان لست ايطاليا. الافارقة لا يتركون اخا لهم في الارض (في اشارة منه الى
انتقادات دي روسي وغيرهم من اللاعبين). ابدا، نحن السود، كما تطلقون علينا، متقدمون عليكم بسنوات ضوئية"، معتبرا ان
الذي يهدر فرصة او يركض اقل من غيره لا يجب ان يشعر بالعار، "بل من يجب ان يشعر بالعار، هو من يقوم بهذه الامور (
التصريحات العنصرية)، انتم ايطاليون حقيقيون! هل انتم كذلك فعلا!".
ومن المبالغ تحميل بالوتيلي مسؤولية المشاركة الفاشلة، وقد يكون اللاعب الغاني الاصل الذي تبنته عائلة ايطالية، محقا بموضوع
العنصرية لان احدا لم يحمل ماركيزيو مسؤولية الهزيمة امام الاوروغواي بعد الخطأ غير المبرر الذي قام به وادى الى طرده ما
تسبب في نهاية المطاف بخروج بلاده من الباب الصغير.
وما هو مؤكد ان مونديال البرازيل كان نهاية المشوار بالنسبة للاعبين كبار مثل بوفون (36 عاما) وبيرلو (35 عاما) وانتونيو
كاسانو (31) واندريا بارزاغلي (33)، وسيكون بانتظار خليفة برانديلي، ان كان ماسيميليانو اليغري او لوتشيانو سباليتي او
غيرهما، مهمة شاقة لايجاد البديل الشاب الذي بامكانه سد الفراغ.
أرسل تعليقك