واشنطن ـ رولا عيسى
قبل أن يكتشفه الأوروبيون، كان وادي باريا عبارة عن جزء من طريق استخدمه قبائل "البايوت" للوصول من شمال يوتا إلى شمال أريزونا، حيث تفصل بينهم مسافة 60 كيلومترًا، وأثبتت الدلائل التي حصل عليها علماء الأثار أن
أسلاف تلك القبائل كانوا يستوطنون باريا قبل 10000 عام.
وتعني كلمة "باريا" بلغة قبائل "البايوت" (المياه الموحلة)، وهو أمر يعتاد عليه من يتوافدون إلى الوادي بمجرد البدء في التجول بين أنحائه المختلفة، فمن الأساسي في الرحلة الحصول على حقيبة نوم مضادة للمياه.
وتَكَوَّن هذا الوادي بعد انتهاء العصر الجليدي الأخير، إذ انصهرت الأنهار الجليدية، لتنحت هذا الوادي الضيق في صخور باريا، لنحصل على هذه اللوحة الجيولوجية، حيث التنوع التضاريسي الرائع، الذي لا يتوافر في أي مكان آخر في العالم، من الصخور النادرة ذات اللون الأحمر، والمدرجات التي نحتتها الطبيعة في صخور هذا الوادي الضيق، ليتجسد جمال الطبيعة البكر، وما تنظمه من أبيات شعر يقرأها الزائر لهذا المكان البديع، فيما نحتته الطبيعة في قلب الصخور والجبال.
ويأتي الدور على أشعة الشمس، التي تكمل المشهد الرائع، والإضاءة التي تسلطها على تلك التكوينات الصخرية الساحرة، وكأن نحاتًا فرغ لتوه من تشكيل هذه اللوحة الطبيعية الرائعة في قلب الصحراء.
وعندما يبدأ المغامرون رحلتهم الاستكشافية في هذا الوادي الصخري الضيق، فهم ليسوا بصدد مجرد رحلة تملؤها المغامرة، إذ يسجلون شهادتهم على ما فعلته الطبيعة وما نقشته بمطرقتها من أعمال فنية، استمرت في العمل عليها 85 مليون عام.
وتعتبر باريا من المناطق الصحراوية النادرة لاحتوائها على هجين متناسق من الجبال والكهوف، ما يسمح بممارسة الكثير من الأنشطة هناك، مثل تسلق الجبال واستكشاف الكهوف، ويسمح طول الوادي، البالغ 60 كيلومترًا، للسائحين من عشاق المغامرة بممارسة ما يريدونه من أنشطة، لذا تحتاج الرحلة إلى باريا إلى مستوى عال من اللياقة البدنية.
ومع المتعة الغامرة التي يحصلها عشاق المغامرة في هذه الرحلة، من الممكن أن تتحول ممارسة التسلق إلى كارثة حقيقية، إذ تشهد باريا الكثير من الحوادث سنويًا لسبب التسلق.
ويشير الطول غير العادي لهذا الوادي الصخري الضيق إلى أنه "حافل بالمنعطفات، ما يستدعي أن يكون المستكشف لهذا الوادي يقظًا للغاية أثناء السير فيه".
وبعد قطع مئات المترات في باريا يمكن للسائحين أخذ قسط من الراحة على صخور "نافاجو" الرملية، التي نحتتها السيول في وقتٍ سابق، ثم ينتقل المستكشفون وعشاق المغامرة إلى السير بين حوائط صخرية شاهقة الارتفاع، التي يصل ارتفاعها إلى 150 مترًا.
ويحتشد المغامرون من رواد باريا أمام منطقة "باكسكين غلتش"، أجمل منطقة في باريا، إذ تقع بين أحضان قوس "وراثر"، الذي يعطي المكان إحساسًا بأن الموجودين فيه غادروا الكرة الأرضية إلى الفضاء.
وبمجرد الوصول إلى هناك، تبدأ المغامرة الحقيقية، إذ يعتبر القوس أفضل مكان لممارسة رياضة تسلق الجبال، رفقة المتمرسين من السكان المحليين، ويُسمح لراغبي تسلق الجبال في هذا الموقع بالبدء في التسلق يوميًا في مجموعات، تتكون كل مجموعة من 10 أفراد على الأقل، يُمنحون تصريحًا بعد أن تقع عليهم القرعة، التي تُجرى بين المجموعات المتقدمة للصعود إلى الجبل قبل 24 ساعة، ويمكن الحصول على التصاريح بالسفر إلى هناك وممارسة التسلق من مكتب إدارة الأراضي في الولايات المتحدة.
أرسل تعليقك