توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين

لندن ـ سليم كرم

تسود أجواء من الإحباط واليأس مدينة حلب السورية التاريخية القديمة، حيث بات الظلام فيها مع قدوم فصل الشتاء يحل مبكرًا، ومع اقتراب لحظة الغروب في هذه المدينة التي تعيش كابوسًا هو الأسوأ منذ بداية الثورة في سورية، تجد الناس تهرول إلى بيوتها عبر الشوارع، التي باتت مليئة بحفر قذائف المدفعية، وأكوام أنقاض البنايات المتهدمة، وجبال النفايات والقمامة، التي لم تجد من يحملها منذ أشهر عديدة. فبات الجميع في هذه المدينة يقضي الليل وهو يرتعش من قسوة البرد في الظلام، بلا أضواء ودون تدفئة وبلا طعام تقريبًا. يقول عمر أبو محمد (55 عامًا) وهو أحد السكان القلائل الذين لم يغادروا أحيائهم التي دمرتها القنابل "إننا نقضي الليل نلتحف بالأغطية من قسوة البرد، بلا عمل وبلا مال وبلا حياة". و يضيف وهو يهرع إلى داخل مسكنه "حان الوقت لدخول المنزل قبل ظهور القناصة". كما تتواصل أصوات قذائف المدفعية في أماكن مختلفة في حلب، إلا أن الناس هناك اعتادوا على سماعها، دون مبالاة، على الرغم مما تشكله من تهديد على حياتهم. كما أن الأمطار والسحب والغيوم قللت من حركة الطيران السوري، الأمر الذي يمنحهم بعض الراحة من الغارات الجوية. و تشير صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى أن مطلع الشتاء الثاني على سورية منذ بداية الثورة السورية قبل 21 شهرًا يأتي بكارثة إلى شعب أنهكته الحرب والعنف، فهو يأتي بالجوع والبرد القارس والمرض، وهي عوامل تشكل تحديات يومية للناس في المدينة. و يقول السائق عبد الله أبوعوف (29عامًا) الذي يناضل من أجل إطعام ابنه في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار الوقود والغذاء "نستطيع أن نختبئ من قذائف المدفعية، ولكني لا استطيع أن أتحمل طفل جائع في ظل عدم وجود خبز". ومع ذلك فهو عاجز لا يستطيع أن يفعل شيئًا.  ولا يقتصر الوضع الرهيب على حلب وحدها، فهناك تقارير تشير إلى قيام الكثيرين في سورية بحثًا عن الطعام في أكوام القمامة والنفايات، واستخدامهم أخشاب حطام البنايات في التدفئة، ووقوفهم في طوابير لساعات من أجل الحصول على كسرة خبز، في ظل توقف المخابز الحكومية عن العمل. وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى مبلغ مليار ونصف المليار دولار من أجل مساعدة ما يقرب من نصف مليون سوري من اللاجئين. وهناك مخاوف من أن يكون حجم المعاناة أكبر من ذلك، في ظل عدم التمكن من معرفة أحوال الكثيرين، الذين يبلغ عددهم أربعة ملايين سوري، لسبب صعوبة وصول الصحافيين أو منظمات الإغاثة إليهم. وفي المناطق التي تسيطر عليها المقاومة في حلب، تبدو مظاهر البؤس واضحة، حيث يأمل "الجيش السوري الحر" وقوات المقاومة في دحر القوات الحكومية، وإخراجها من المناطق الريفية المحيطة بالمدينة، إلا أن محاولاتهم تفتقد إلى التخطيط والنضج، وسرعان ما تتوقف، ويكتفي الطرفان بتبادل النيران والقذائف. وتتحكم القوات الحكومية في منطقة وسط البلد والأحياء الثرية في الغرب، بينما تتحكم المقاومة في المنطقة الشمالية الفقيرة. أما المنطقة الوسطى التاريخية فهي ساحة القتال. وفي ظل استمرار القتال، تواصل البنية التحتية في المدينة الانهيار، حيث تستهدف الغارات الجوية المرافق في المناطق التي يسيطر عليها المقاومة، بما في ذلك المستشفيات والمخابز، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي. هذا، و يحاول مجلس الثورة الانتقالي في حلب والذي تم تشكيله للقيام بمهام الحكومة المحلية في تخفيف حدة أزمة الخبز، التي كانت تستغرق وقوف الناس لفترة 16 ساعة في طوابير.  أما عن المصانع والشركات التجارية، فقد توقفت عن العمل، واختفت فرص العمل، وعلى الرغم من توفر اللحوم الطازجة، إلى أن أسعارها ليست في متناول الفرد المتوسط الحال، الذي فقد وظيفته منذ أشهر. و تقول نادية لبان (25 عامًا) التي قتل زوجها قبل شهرين أنها تمضي هي وطفليها أيامًا دون أكل، وقد انضمت إلى طائفة الشحاذين الذين يجوبون الشوارع، من أجل أن يعطف عليهم أحد. كما ينتشر المرض بسهولة في ظل ضعف مناعة الناس جراء الجوع، في مدينة انهار نظام الصرف الصحي فيها. وظهر مرض السل في بعض المناطق في المدينة، وبعض أمراض التهابات البشرة. و يشير أحد الأطباء هناك إلى أن أعداد المرضي في تزايد في الأونة الأخيرة، حيث يصله ما يقرب من 150 مريضًا يوميًا، و يقول صيدلي أن هناك انتشار لأمراض مثل التهاب الكبد والجهاز التنفسي والجرب. بالإضافة إلى إغماءات بسبب الجوع والانهيار في طوابير الخبز، وهي مشكلة تتفاقم يومًا بعد يوم. و يضيف السائق أبو عوف أن "الصراع بدأ بكلمات ثم رصاصات ثم قنابل ثم صواريخ ثم غارات جوية، وها نحن الآن في انتظار الأسلحة الكيماوية". وهناك من يلقي باللائمة على جيش التحرير السوري، لأنه بدأ حرب لم يستطيع حتى الآن إنهائها، بينما يلوم آخرين النظام السوري، لسبب تصعيد استخدام العنف لسحق المقاومة. أما أمثال أبو عوف، وهم كثيرون، فهم يلقون باللائمة على الطرفين، حيث يقول أن "المدنيين وقعوا ضحايا للطرفين الذين يستخدمان المدنيين وقودًا لحربهما". بينما يقول آخرون أنه "لا خلاف على الثورة، وإنما الخلاف على توقيتها ، فقد كان ينبغي أن تكون تدريجية، بحيث تطالب في البداية بوقف الفساد، ثم تتطرق بعد ذلك إلى قضايا أخرى". و تؤكد امرأة أخرى أنها على يقين بأن الحكومة سوف تسقط، ولكنها تخشى من أن يستغرق هذا وقتًا أطول مما ينبغي. واختتمت كلامها بالقول بأنها لا ترى أي أمل في تحسن أحوال البلد.  

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين الشتاء الثاني للحرب في حلب يحمل الجوع والمرض والبرد القارس للمدنيين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon