توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرصاص الطائش تقليد عشائري يقتل العراقيين وسط عجز تام للمسؤولين

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الرصاص الطائش تقليد عشائري يقتل العراقيين وسط عجز تام للمسؤولين

الرصاص الطائش تقليد عشائري
بغداد – نجلاء الطائي

زُف الشاب أحمد من مدينة الفلوجة إلى قبره، بدلا من أن يتم زفافه إلى عروسه، بعدما أصيب برصاصة طائشة قتلته على الفور أطلقها أحد الأصدقاء في يوم الزفاف فرحا بهذه المناسبة، إذ أن طقوس الاحتفال بالمناسبات السعيدة أو الحزينة في العراق لا تكتمل من دون إطلاق الرصاص العشوائي في الهواء. وحادثة أحمد لا تعدو سوى قصة من مئات القصص التي مرت على العراقيين سنويا ويتداولون صوره ومقاطع فيديو خاصة به على مواقع التواصل الاجتماعي، وهكذا أصبحت الظاهرة عرفا مجتمعيا أقوى من القوانين والإجراءات الأمنية الصارمة، ولكن تصاعد نسبة الإصابات بين السكان أخيرا أجبر الحكومة على إعلان حملة جديدة لمكافحة الظاهرة.

بالمقابل أصيب أكثر من 200 شخص بجروح جراء الألعاب النارية، التي استخدمت في العاصمة العراقية بغداد، بطرق عشوائية خلال احتفالات رأس السنة الميلادية، وقالت دائرة صحة الرصافة، في بيان لها إنه: "تم تسجيل 120 إصابة بسبب سوء استخدام الألعاب النارية والمفرقعات، والإطلاق العشوائي للرصاص الحي، في ليلة رأس السنة". وأضافت الدائرة أن: "25 حالة من هؤلاء خطرة، وتم إدخالها غرفة العمليات".

من جهته، قال النقيب أحمد خلف، من شرطة بغداد، إن: "أكثر من 80 شخصا أصيبوا ليلة أمس بجروح بعضها خطرة بجانب الكرخ من بغداد خلال الاحتفال برأس السنة الميلادية بعد استخدام الألعاب النارية والمفرقعات بطريقة عشوائية". وأوضح خلف أن "قوات الأمن تمكنت من اعتقال عدد من المواطنين ممن أساءوا استخدام المفرقعات والألعاب النارية، التي تسببت بإصابة عدد من المواطنين في منطقة المنصور، حيث استخدمت تلك المفرقعات بطريقة أفقية أوقعت إصابات بين المحتفلين".

رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن في بيان رسمي "باتخاذ إجراءات رادعة وعاجلة لمنع ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات ومحاسبة المسؤولين عنها"، كما أعلنت وزارة الداخلية في بيان اعتقال سبعة أشخاص أطلقوا الرصاص في الهواء خلال الأسبوع الماضي.

فحفلات الزواج ومراسيم تشييع الموتى وفوز المنتخب الوطني بكرة القدم في البطولات الدولية هي أكثر المناسبات التي تشهد إطلاق الرصاص، الأسبوع الماضي أعلنت وزارة الصحة مقتل شخص وإصابة (19) آخرين بمناسبة فوز المنتخب العراقي في بطولة الخليج. وهذه الظاهرة تزايدت بعد العام 2003، ضعف سلطة الدولة واخفاق القوات الامنية في فرض الامن اجبر السكان على اقتناء اسلحة تحتفظ بها في منازلها، حتى أن حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أصدرت قرارا صريحا في العام 2012 يسمح لكل منزل بحيازة قطعة سلاح واحدة بندقية أو مسدس على أن يقوم مالكها بتسجيلها في اقرب مركز شرطة، ولكن الكثير من العراقيين لا يقومون بمراجعة مراكز الشرطة.

بل أن هناك أسواقا في بغداد وعدد من المدن متخصصة في بيع وشراء الأسلحة حتى المتوسطة أشهرها سوق مريدي في بغداد الواقع في قلب "مدينة الصدر" ذات الغالبية الشيعية الفقيرة، وشهد السوق الأحد الماضي حملة عسكرية لملاحقة التجار ومصادرة الأسلحة.

الصدمة كانت واضحة على العراقيين وهم يشاهدون نتائج الحملة التي أعلنتها القيادة العسكرية المكلفة بأمن بغداد، الآلاف من قطع السلاح تشمل البنادق الآلية والمسدسات وحتى أسلحة "ار بي جي" المضادة للدروع، مكائن خراطة لصناعة وتحوير بعض قطع السلاح والذخائر.

تعود الظاهرة في الحقيقة إلى تقاليد عشائرية نشأت في عشرينات القرن الماضي، وتحديدا خلال "ثورة العشرين" بعد تحالف عشائر في وسط وجنوب البلاد ضد الاحتلال البريطاني آنذاك، وبدأت العشائر للمرة الأولى تحصل على الأسلحة الخفيفة من البنادق والمسدسات عبر مهاجمة ثكنات الجنود البريطانيين وشرائها من الدول المجاورة أشهرها بندقية "البرنو"

في تلك الثورة كانت كفة الجيش البريطاني هي الراجحة لامتلاكهم المدافع الثقيلة بينما كانت البنادق هي سلاح العشائر وكانت أعدادها محدودة ولا يمنح سوى لبضع مقاتلين ضمن القوة العشائرية التي تهاجم البريطانيين، كما يقول الشيخ حيدر الرميثي أحد شيوخ عشائر محافظة ميسان.

والرميثي هو أحد أحفاد مقاتلي العشائر آنذاك، يقول، "ما زلنا نتناقل قصص تلك الثورة وشعارها الأزلي "الطوب أحسن لو مكواري"، والطوب في اللهجة الشعبية هي المدافع، و"المكوار" هو السلاح الأكثر شعبيا لدى العراقيين في تلك الأيام ويتكون من عصا غليظة تنتهي بكرة صلبة من القار وبإمكان ضربة واحدة أن تشج بها رأس الخصم وتقتله ويسمى سلاح الشجعان لكونه يختلف عن الأسلحة النارية التي تقتل عن مسافة بعيدة.

كانت معظم أسلحة القوة العشائرية المهاجمة "المكوار" بينما تمنح بنادق "البرنو" إلى بعضهم بسبب شحتها وصعوبة الحصول على ذخيرتها، ورغم حاجة العشائر إلى البنادق والرصاص آنذاك إلا أنهم لم يبخلوا بإطلاق الرصاص في الأفراح والأحزان، ومنذ ذلك الوقت نشأت هذه الظاهرة إلى جانب "العراضة"، كما يقول الرميثي.

و"العراضة" رقصة شعبية يقوم بها أفراد العشائر بالمشي ليشكلوا حلقة مدورة وهم يمسكون البنادق في أيديهم لإطلاق الرصاص، وفي منتصف الدائرة يتلو أحد الشعراء قصيدة بالمناسبة التي اجتمعوا من اجلها سواء كانت حزينة أم سعيدة. ويعترف الرميثي أن ظاهرة اطلاق الرصاص العشوائي في الافراح والاحزان ليست حضارية، ولكنه يؤكد صعوبة منعها، ويقول: "بصراحة هناك الكثير من أبناء العشائر يعتبرون عدم إطلاق الرصاص في مناسباتهم إهانة"، ولكن الرميثي يرفض بشدة انتقال هذه الظاهرة إلى المدن وخصوصا بغداد ويعتبرها إرثا عشائريا مرتبط بالريف العراقي جنوب البلاد.

ومنذ عقود تتجنب السلطات الاصطدام مع العشائر لما تملكه من نفوذ واسع، بل أن الحكومات المتعاقبة كانت تغازل زعماء القبائل عبر منحهم أسلحة، وغالبا ما تغض القوات الأمنية النظر عن الموروث العشائري في القرى والأرياف، ولكن انتقال ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي إلى بغداد يثير قلق الحكومة والسكان على حد سواء، وتبدو محاولة الحكومة لمنعها غير مجدية.

النقيب في شرطة نجدة بغداد سامر هادي يقول "السلاح منتشر بين السكان على نحو كبير ولا يخلو منزل من قطعة سلاح، أوقات الاحتفالات يحدث إطلاق رصاص كثيف لا نعرف مصدره، وعندما نلقي القبض على شخص متلبس بذلك يحاول استخدام منصبه أو منصب أحد أفراد عائلته للإفلات من الاعتقال".

ويضيف النقيب هادي أن "بعضهم أفراد في الحشد الشعبي وآخرون موظفون في مناصب عليا في الدولة، حتى أن عناصر في الشرطة والجيش متورطون بذلك ويستخدمون أسلحة الحكومة مثل مسدسات كلوك وبندقية كلاشنكوف رغم العقوبات القانونية الصارمة".

ينص قانون ما زال ساريا على المستوى الوطني يحمل الرقم 15 لسنة 2000 على حبس مطلق العيارات النارية مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ستة أشهر، وتغريمه مبلغا لا يقل عن (50000) خمسين ألف دينار ولا يزيد على (1000000) مليون دينار، ومصادرة السلاح الشخصي مع الذخائر، ولكن هذا القانون يحتاج إلى جهود جبارة لتطبيقه على الجميع دون تمييز بين المواطنين، وفقا للنقيب هادي.

النائبة في البرلمان العراقي منى الغرابي، تعتقد بأن على الحكومة تشديد العقوبة أكثر، وطالبت في بيان رسمي بمحاسبة مطلقي الرصاص العشوائي وفق قانون مكافحة الإرهاب، وتدعو إلى تدخل العشائر والحملات المدنية لوقف الظاهرة.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرصاص الطائش تقليد عشائري يقتل العراقيين وسط عجز تام للمسؤولين الرصاص الطائش تقليد عشائري يقتل العراقيين وسط عجز تام للمسؤولين



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرصاص الطائش تقليد عشائري يقتل العراقيين وسط عجز تام للمسؤولين الرصاص الطائش تقليد عشائري يقتل العراقيين وسط عجز تام للمسؤولين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon