توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوم 13 نيسان 1975 ليس وحده بداية الحرب اللبنانية

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - يوم 13 نيسان 1975 ليس وحده بداية الحرب اللبنانية

الحرب الاهلية في لبنان
بيروت - مصر اليوم

إنّ الحرب الأهليّة أو حرب الآخرين على أرض لبنان كما يحبّ البعض تسميتها اشتعلت في ١٣ نيسان لكنّ جذورها وأسبابها بدأت قي تاريخين أسبقين كان لهما تأثير كبير في وضع أساساتها وقادا للتاريخ الفعلي لبدء الحرب.

التاريخ الأوّل هو الأول من أيلول ١٩٢٠ تاريخ إعلان دولة لبنان الكبير والذي أضاف إلى حدود المتصرفيّة أجزاء كبيرة شمالاً وبقاعاً وجنوباً وأعداداً كبيرة من السكّان غيّرت الديموغرافيا التي كانت سائدة والتي كانت مؤلفة من طائفتين رئيستين هما الموارنة والدروز واللتين تعتبران نفسيهما أساس لبنان.

دولة لبنان الكبير بحدودها الجديدة غيّرت المعادلة السابقة وأعطت للموارنة دوراً أكبر بكثير من دور الدروز كما وجعلت السنّة لاعباً رئيسيّاً وذلك للأسباب التالية:

أقرأ أيضاً :

سياسيون يرجحون قيام وزير خارجية لبنان بزيارة دمشق بدلًا من "عون"

الانتداب الفرنسي أعطى دفعاً للموارنة كون فرنسا الأمّ الحنونة كانت تعتبر نفسها عرّابة الموارنة كما وتعتبر أنّ الموارنة يشكّلون حليفاً طبيعيّاً لها في الشرق لا خيار لهم سوى التحالف معها، كما واعتبر الموارنة أنّهم قد حصلوا أخيراً على دولتهم المنشودة منذ مئات السنين حين استوطنوا الجبال هرباً من الاضطهاد ورويداً رويداً تحوّلت الثنائيّة المارونيّة الدرزيّة التي أسّست للبنان في القرون السابقة إلى ثنائيّة مارونيّة سنّية.

أما السنّة فقد استفادوا من تكبير حدود لبنان بانضمام بيروت وصيدا وطرابلس وعكّار والبقاع الغربي فأصبح عددهم وازناً وكبيراً كما وأنّ سقوط السلطنة العثمانيّة وبدء بروز بذور القوميّة العربيّة في العمق الشرقي للبنان قد أعطاهم إحساساً كبيراً بأن ظهرهم محمي لا بل أنعش فيهم فكرة دولة عربيّة كبرى يكون لبنان جزءا منها.

أمّا الشيعة فكانوا لا يزالون يعانون من نتائج التهميش والمحاصرة الموروثين من أيّام العثمانيين فلم يكن دورهم أساسيّاً بعد.
التاريخ الثاني هو ٢٢ تشرين الثاني ١٩٤٣، الحرب العالميّة الثانية أضعفت فرنسا فاستفاد الإنكليز من الوضع لإخراجها من المشرق فضغطوا لتسهيل حصول لبنان على استقلاله. تلقّف الموارنة والسنّة الفرصة فكان لبنان الميثاق بالتعايش الإسلامي (السنّي) المسيحي (الماروني) وصيغة اللاشرق واللاغرب.

الشراكة السنّية المارونيّة همّشت أكثر فأكثر الدروز الذين كانوا يعتبرون نفسهم مؤسّسي لبنان وأعطت للشيعة دوراً ثانويّاً في اللعبة السياسيّة من خلال اختصارهم بعائلتين واحدة جنوباً وأخرى بقاعاً، أمّا مختلف الطوائف المسيحيّة الأخرى فاكتفت بلعب أدوار سياسيّة بسيطة وركّزت اهتمامها على نطاق الأعمال والتجارة.

من ١٩٤٣ وحتى ١٩٥٢ عاش لبنان فترة سياسيّة قصيرة من الانقسام السياسي غير الطائفي حيث كانت الجبهة الاشتراكيّة الوطنيّة المعارضة لبشارة الخوري مؤلّفة من كمال جنبلاط وكميل شمعون وغسان تويني وعبد الله اليافي. حاول كمال جنبلاط أخذ دور البطولة فيها وأراد من خلالها أن يعيد إدخال نفسه والدروز في المعادلة وكسر الثنائية المارونيّة السنيّة فتفاخر بلعب دور "ناهي" رئاسة بشارة الخوري و"صانع" رئاسة كميل شمعون فكانت مقولته الشهيرة التي تفاخر فيها أمام الملك السعودي ''قلنا لذلك زل فزال وقلنا لهذا كن فكان''.

الشراكة المارونيّة السنيّة مع الاأجحيّة المارونيّة لم تعمّر طويلاً، فالموارنة هيمنوا على الدولة مستفيدين من المراكز التي تكرّست لهم ومن النظام الرئاسي المطلق الصلاحيّات والسنّة من ناحية أخرى اعتبروا أنّ التطوّرات في المنطقة وخاصّة الثورة في مصر عام ١٩٥٦ يمكنها أن تعطيهم دفعاً كبيراً لتغيير الوضع لمصلحتهم، أمّا قسم كبير من الدروز وبإيعاز من كمال جنبلاط فلم يتقبّلوا كيف أصبحوا على هامش الحكم بعدما كانوا أساسه وخاصّة بعد انتخابات ١٩٥٧ ودوائرها الهجينة التي أفرزت نتائج صادمة مثل خسارة كمال جنبلاط مقعده النيابي في الشوف خاصّة أنه كان يعتبر نفسه أفهم وأذكى وأعمق من الزعماء الموارنة ومع ذلك لا يحقّ له أن يصبح رئيساً، فكانت أحداث ١٩٥٨ والتي شكّلت نكسة كبيرة لصيغة ١٩٤٣ فاصّطف الموارنة مع الغرب والسنّة ودروز كمال جنبلاط مع مصر الثورة ومن خلالها مع المعسكر الشرقي، وظهّرت هذه الأحداث عمق الخلاف الداخلي. ما بعد ١٩٥٨ ليس كما قبله، فالشرخ الطائفي الماروني السنّي بدأ يكبر، إذ أراد السنّة لعب دور أكبر فأكبر في الدولة وتقليص صلاحيّات الموارنة وفي المقلب الآخر تشبّث الموارنة أكثر فأكثر بصلاحيّاتهم وامتيازاتهم إذ اعتبروها تحمي كيانهم ووجودهم في هذا الشرق ولقّبت سياستهم بالمارونيّة السياسيّة.

وتسارعت الأحداث وتداخلت التطورات بعضها ببعض وكلّها تصب في خانة تهيئة الانفجار فكانت هزيمة العرب سنة ١٩٦٧ منعطفاً مهمّاً وما تبعها من تطوّرات وأحداث مفصليّة كاتفاق القاهرة سنة ١٩٦٩ الذي يُعطي حرية الحركة للفصائل الفلسطينيّة على مختلف الأراضي اللبنانيّة والذي أقرّ بضغط مشترك من الشارع الإسلامي اللبناني والدول العربيّة التي كانت قد تحوّلت أنظمتها إلى تقدميّة، وبعدها جاء انتقال القسم الأكبر من المسلّحين الفلسطينيين بسلاحهم من الأردن بعد هزيمة أيلول الأسود سنة ١٩٧٠ إلى لبنان عبر ممر آمن بين سوريا وإسرائيل مروراً بمنطقة العرقوب وتحت نظر ومرمى السلاح الخفيف الإسرائيلي دون أن تُطلق طلقة واحدة باتّجاههم، فما هو سرّ هذا التغاضي والتسهيل الإسرائيلي؟

استفاد الوجود الفلسطيني المسلّح الكبير من قبول وتبنّي كامل له من قبل السنّة المؤمنين بالقضيّة الفلسطينيّة وأحقيّتها والقوى اليساريّة التي اعتبرت وجودهم مع ما يمثّل من ثورة مفتاح تغيير النظام الرأسمالي ومن قسم كبير من الدروز على رأسهم كمال جنبلاط الذي رأى فيه فرصة للانقضاض على النظام القائم وكسر المارونيّة السياسيّة لخلق ديمقراطيّة جديدة تعطي جميع الطوائف فرصاً متساوية وبذلك تفتح له باب الرئاسة الذي يعتقد أنّه يستحقّها لكونه أكثر ثقافة وعمقاً من الزعماء الموارنة، وقد لقي هذا المحور مساندة كبيرة من قبل المعسكر الشرقي الشيوعي العالمي الذي اعتبر أنّ انتصار القوى "التقدميّة" ينتزع لبنان من المعسكر الغربي العالمي ويضيفه إلى الدول الشرق أوسطيّة التي تحوّلت إلى أنظمة اشتراكيّة مثل العراق وسوريا وليبيا والجزائر.

في المقابل وبوجه تعاظم قوّة هذا الفريق بدأ الموارنة وقسم كبير من المسيحيين التدريب على القتال والتسلّح ذلك أنّهم شعروا بالخوف ولم يثقوا بقدرة الدولة ذات التركيبة الهجينة على حمايتهم وخاصّة بعد أحداث ١٩٧٣ التي شهدت على وقفة إسلاميّة يساريّة جامعة في وجه الجيش اللبناني ومحاولته حسم الأمور وتقييد الوجود الفلسطيني المسلّح.

اعتقد المسيحيّون آنذاك بسذاجة أنّ الغرب وبحكم علاقتهم الوثيقة به سوف يدعمهم غير عالمين أنّ في حسابات المصالح، بعض دول الغرب وبتأثير من الصهيونيّة العالميّة كانت تتمنّى كسرهم ليصبح لبنان الدولة البديلة للفلسطينيين وبذلك يسهل التوطين وتنتهي القضيّة الفلسطينية.

كلّ العوامل المشتعلة المذكورة أعلاه كانت بحاجة لشرارة واحدة أي شرارة، فكان التاريخ الثالث أي ١٣ نيسان ١٩٧٥ تاريخ البدء الفعلي للحرب.

من أشعلها؟ من أطلق النار على البوسطة؟ من وجّه سير البوسطة من مسارها إلى عين الرمّانة؟ كلّها تفاصيل صغيرة....
اندلعت الحرب، فئات تقاتل أخرى وأحزاب تطاحن أخرى وطوائف تصارع أخرى... كلٌّ يقاتل لهدف معيّن وقضيّة محقّة بنظره ولكنّ فعليّاً كانوا جميعاً وقوداً لتحقيق مخطط أكبر منهم بكثير يقضي بتصفية القضيًة الفلسطينية.

قد يهمك أيضاً :

قاضي التحقيق بجبل لبنان يصف مثول رئيس قلمه أمام "شعبة المعلومات" مخالفة للأصول

التسول في لبنان بين الشفقة والتعاطف والاحتيال والكذب

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم 13 نيسان 1975 ليس وحده بداية الحرب اللبنانية يوم 13 نيسان 1975 ليس وحده بداية الحرب اللبنانية



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم 13 نيسان 1975 ليس وحده بداية الحرب اللبنانية يوم 13 نيسان 1975 ليس وحده بداية الحرب اللبنانية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon