القاهرة - محمد التوني
اعتاد عزت يوسف، سائق أحد القطارات بمترو الأنفاق، أن يفطر على جرعة ماء وبضع تمرات، فالرجل يؤجل تناول إفطاره إلى ما بعد الوصول إلى المحطة النهائية، فهو آخر شخص في المترو يتناول إفطاره، تقريباً لا يأكل إلا بعد أذان المغرب بـ٣٠ دقيقة على الأقل. ويوسف واحد من بين ١٠٠ سائق بمترو الأنفاق يعملون في توقيت الإفطار في خطوط مترو الأنفاق الـ٣، وأكثر من ألف عامل وموظف في محطات مترو الأنفاق يعملون ويراقبون حركة تشغيل المترو الذى ينقل نحو ٣ ملايين راكب يومياً، ما يمثل نحو ١٥% من حجم حركة الركاب يومياً، وفقاً للمهندس على فضالي، رئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق.
ويكشف يوسف عن الرحلة التي بدأت من محطة شبرا الخيمة مع المهندس أحمد حلمى، مدير التشغيل والسائقين، حيث كان يقوم بمهمته في الدقائق الأخيرة قبل الإفطار، إذ يتابع السائقين ويوزع وجبة الإفطار عليهم، وكانت الوجبة عبارة عن ٢ ساندوتش حجم كبير من الفراخ واللحم، وزجاجة مياه، وعلبة عصير، وتمر، وقطعة "بسبوسة" صغيرة.
انتظرنا على رصيف حديدى حتى جاء القطار من سكة المناورة، ووضع "يوسف" الوجبة بجواره على الكرسى باستثناء زجاجة المياه، وبدأ التحرك من محطة شبرا الخيمة قبل الإفطار بـ٥ دقائق، وكانت المحطة شبه خالية من الركاب، وقبل أن ندخل
١٥ يوماً تقريباً يقضيها "عزت" في قطار المترو لحظة الإفطار، فهو على مدار السنوات الست الماضية، "يكسر" صيامه بالماء والتمر، وبعد أن يصل إلى محطته النهائية يتناول وجبته، لأن كابينة القطار المتعددة المهام تستلزم منه استخدام يديه في تشغيل القطار في التوقف وفتح الأبواب أو تقليل السرعة في المنحنيات أو النداء على الركاب عبر الميكرفون إذا استلزم الأمر، واستخدام منبه الدخول للمحطات، فضلاً عن مراقبة شاشة القطار أمامه.
ويقول "يوسف": "أشعر بسعادة لأننى أعمل لراحة وخدمة الركاب في وقت الإفطار، وهذا واجبنا ووظيفتنا، وسائق المترو يتعرض لضغوط كثيرة في العمل، وينقل آلاف الركاب في الرحلة الواحدة، ومسؤول عن أمنهم في النزول والصعود، ويتحمل انتقادات وغضب الركاب لو تأخر، لأنهم لا يعرفون أسباب تأخره".
وطوال الرحلة كانت المحطات شبه خالية من الركاب، بخاصة محطات الشهداء والعتبة والسادات، التي تشهد أعلى نسبة ركاب، لأنها محطات تبادلية، وفقاً للسائق: "الرحلة من شبرا الخيمة إلى المنيب، تستغرق ٣٥ دقيقة، وعلى سائق المترو أن يراعي أن هناك محطات مزدحمة يجب أن يتوقف بها قليلاً لحين صعود ونزول الركاب، ويعوض هذا الوقت في محطات أقل كثافة مثل الأوبرا".
وأكثر ما يزعج "يوسف" هو ازدحام الركاب على الرصيف، بخاصة الشهداء والعتبة: "فى هذه المحطات أدخلها ببطء شديد خوفاً من سقوط أحد الركاب من على الرصيف، ومخاطرة البعض بالعبور من الأماكن غير المخصصة، وأن خطورة تكمن في أن القطار يسير بسرعة كبيرة، وما يتردد بشأن أن راتب سائق المترو ١٠ آلاف جنيه غير حقيقي، وهذا الرقم لا يصل إليه السائق الذي يخرج من الخدمة، ونظراً لأهمية مترو الأنفاق، فإن وزير النقل حريص على لقاء العاملين في المترو وبحث مشاكلهم ومتابعتهم وتشجيعهم".
وبعد أن تركنا "يوسف"، قابلنا في اليوم التالي الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، وعدد كبير من عمال الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، بحضور رئيس وقيادات السكة الحديد وشركة المترو، وتناول معهم الوزير وجبة الإفطار. وخلال اللقاء أكد وزير النقل أهمية الدور الذي يلعبه العاملون في عمليات تشغيل وصيانة مترو الأنفاق، بخاصة عمال الورش والسائقين وطالبهم ببذل مزيد من الجهد والعمل، والمحافظة المستمرة على كفاءة هذا المرفق الحيوي المهم الذي ينقل ملايين الركاب يومياً.
وشدد عرفات على أهمية تنفيذ مشاريع مترو الأنفاق، نظراً للدور المهم للمترو في تخفيف الضغط المروري على شوارع ومحاور القاهرة، كأحد أهم عناصر منظومة النقل الجماعي المنظم، حيث إن المستهدف أن تستوعب شبكة مترو الأنفاق بعد استكمال تنفيذها ما يقرب من ٩ ملايين راكب يومياً.
وقال أحمد عبدالهادي، المتحدث باسم مترو الأنفاق، أنه نظراً لطبيعة العمل في رمضان، فإن شركة المترو تبذل أقصى جهودها لتوفير كافة احتياجات العاملين الذين يعملون في وقت الإفطار، حيث تتعاقد الشركة مع أفضل المطاعم لتقديم الوجبات للصائمين الذين يعملون في وردية الإفطار، بالإضافة إلى تنظيم المسابقات الرياضية والفنية والثقافية للعاملين وأسرهم. وأوضح عبدالهادى أن المترو يعمل في رمضان حتى الواحدة صباحاً بدلاً من ١٢.٣٠ في التوقيتات العادية، حيث تقوم الشركة بتشغيل ١٦١٠ رحلات يومياً موزعة على الخطوط الثلاثة، منها ٥٢٠ رحلة بالخط الأول، حلوان- المرج، و٦٦٠ بالخط الثاني، شبرا الخيمة- المنيب، و٤٢٠ بالخط الثالث، العتبة- الأهرام.
أرسل تعليقك