لا توجد مؤشرات إيجابية لانتهاء البطالة في المنطقة العربية، تلك الأزمة التي وجد لها بعض المراقبين حلولًا وقال البعض الآخر أنها لم تنتهِ، وقال عنها البعض الآخر إنها "النتاج الطبيعي للكوارث الغبية في المجتمعات الذكية"، ووجد فيها آخرون سببًا في إقبال عدد غير قليل من الشباب العربي على الانتحار، الأمر الذي اتضح جليًا في بعض الدول العربية كـ"تونس" التي اندلعت فيها ثورة بسبب انتحار "البوعزيزي" حرقًا لعدم قدرته على إعالة أسرته.
أكثر من 20 مليون عاطل، التعداد الذي ربما يزيد عن تعداد سكان بعض الدول، الأمر الذي يجعل من ذلك العدد مؤشرًا بالغ الخطورة بالنسبة لوضعها وحركة التشغيل في العالم العربي.
يقول مدير منظمة العمل العربية السفير أحمد لقمان، لـ "مصر اليوم" إن مشكلة البطالة تعتبر عائقًا تنمويًا كبيرًا في معظم دول المنطقة وسببًا في تهديد بعض الأنظمة والحكومات في ظل المعدلات المتزايدة للنمو السكاني وزيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مؤكدًا أن معدلات البطالة في العالم العربي هي الأعلى والأسوأ في العالم، وأن البطالة في طريقها لتجاوز كل الخطوط الحمراء، حيث تخطت حاجز الـ 14% من قوة العمل، ما يعني أن عشرين مليون مواطن عربي عاطلًا، منهم 25% من الشباب.
وأما عن العلاج الأمثل لتلك الأزمة، فأكد أنه أمر هام لتحقيق الاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي، ولكنه صعب للغاية، موضحا أن منظمة العمل العربية رصدت خلال هذا العام نسبة البطالة في الوطن العربي والتي تجاوزت 14%، في حين أنها تبلغ 6% حول العالم،وأشار في الوقت ذاته إلى أن "الدول العربية تستضيف أكثر من 12 مليون عامل أجنبي".
لافتًا إلى تدني المستويات التعليمية للعاطلين، وضعف الخبرة المهنية وغياب التدريب المهني الموجه لسوق العمل، إضافة إلى غياب التخطيط وارتفاع نسبة الإناث العاطلات، كما أن معدلات البطالة بين الأميين هي الأدنى في غالبية البلدان العربية، وترتفع هذه المعدلات لذوي التعليم الثانوي والمتوسط والجامعي، لتبلغ عشرة أضعاف في مصر، وخمسة أضعاف في المغرب، وثلاثة أضعاف في الجزائر، مما يعني أن غير المتعلمين أكثر حظا في الشغل من المتعلمين في البلدان العربية.
و ذكر تقرير سابق عن منتدى دافوس الاقتصادي العالمي لعام 2014 "أن نسبة البطالة بالدول العربية بلغت نحو 15%، وأن عدد العاطلين عن العمل قد بلغ 80 مليون عام 2013".
ويقول الأمين العام المساعد لشؤون الاقتصادية في الجامعة العربية السفير محمد التويجري إن نسبة البطالة في الدول العربية بين 15 و20%؛ وأضاف أن الدول العربية في آسيا معدلات البطالة بها أقل من الدول العربية في أفريقيا، حيث بلغت نسبة البطالة 16.1% في الدول العربية في أفريقيا، مقابل 13.8% في الدول العربية في آسيا.
ويضيف زيادة معدلات البطالة باتت ملحوظة في الأونة الأخير، حيث بلغت 1.7% في دولةالكويت، وبلغت 50% في جيبوتي، و7.5% في سلطنة عمان، فيما ارتفعت في بعض الدول العربية في أفريقيا مثل ليبيا إلى 10%، ومصر 13%، وتونس 14.2%، والعراق29%.
وذكر أحدث تقرير صادر عن اليونسكو لعام 2014، أن تقلص فرص العمل في الوطن العربي أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلي 25.6% وهي النسبة الأعلى بالعالم.
وأضاف التقرير أن مشكلة الهجرة أصبحت أخطر ظاهرة تهدد الوطن العربي في الوقت الراهن وأنها نتيجة طبيعية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكذا النزاعات التي تعيشها البلدان العربية.
وتضمن التقرير تصريحات للمديرة العامة لمنظمة اليونسكو، إيرينا بوكوفا أبدت فيه عن أسفها لزيادة نسبة هجرة الكفاءات والعقول العربية التي وصل عددها إلى مليون مهاجر، ولما يترتب عن هذه الهجرة من خسائر تنموية في تلك الدول.
ويعلق الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام أن أزمة البطالة في الوطن العربي كارثة حقيقة، معربًا عن دهشته من الحكومات العربية التي تقِـف محلك سرّ ولا تتحرّك قيد أنملة لوضع حلول للأزمة، واصفا اياها بـ"الغول" الذي سيكبر وينمو يوميًا إلى أن يأتي يوم ويقضي على الأخضر واليابس.
وأضاف أن شباب المقاهي "قنبلة موقوتة" من المُمكن أن تنفجر في أي لحظة، والمُحزن أن الحكومات العربية لم تتعلّـم من ماضيها.
وأشار النجار إلي أن 50% من الأطباء العرب و23% من المهندسين و15% من العُـلماء يهاجرون إلى أميركا وكندا سنويًا، إضافة إلى أن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلادهم، كما يهاجِـر نحو 20% من خرِّيجي الجامعات العربية إلى الخارج، بسبب القيود المفروضة على حرية البحث العِلمي والتفكير الحر، أن 75% من المهاجرين العرب من ذوي الشهادات العليا يستقرّون في أميركا وكندا وبريطانيا، والأخيرة لوحدها تحوي 34% من الأطباء العرب المهاجرين، ولعلّ أبرزهم جرّاح القلب المصري العالمي الدكتور مجدي يعقوب، مضيفًا أن الظروف الاقتصادية تفرض علينا أمورًا ربما لا نقبلها في أحيان أخرى.
وشدد علي أن هناك ضرورة للتعاون العربي، سواء من خلال الجامعة العربية ومراكز البحوث أو مؤسسات الأعمال والقطاع الخاص، ووضع الضوابط اللازمة التي تحول دون بقاء أعضاء البعثات في الخارج وخضوعهم لإغراءات تقدم لهم
ويقول الخبير الاقتصادي صلاح جودة، إن "التوترات السياسية والأمنية في الدول العربية سببًا رئيسًا في زيادة معدلات البطالة بالدول العربية، حيث أن التوترات السياسية في بعض الدول خفضت قدرتها على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وأيضًا العربية، فقد شهد الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد إلى الدول العربية انخفاضًا من 68.6 مليار دولار عام 2010 إلى 43 مليار دولار عام 2011 بمعدل انخفاض 37.4%، وأضاف أن الاستثمارات العربية البينية ليست أحسن حالًا، وإن كنا نتوقع أن تتحسن في المستقبل"
ويقول الخبير الأمني،رئيس جهاز عمليات القوات المسلحة المصرية الأسبق اللواء عبد المنعم سيعد، إن معدلات البطالة العالية تربة خصبة للإرهاب، ومن الأسباب الأساسية لانتشار الميليشيات المسلحة في بعض الدول العربية، هو سهولة استغلال الشباب وخصوصا العاطلين عن العمل من قبل هذه المجموعات المسلحة.
وأضاف " لا يخفى على الجميع أن المجموعات المسلحة غالبًا ما تكون مدعومة ماديًا من جهات خارجية تضخ المليارات لتنفيذ اجندتها في الدول العربية، وبالتالي فإن أسهل طريقة لتجنيد أشخاص داخل الدول هي استغلال الحالة الاقتصادية لدي الشباب، والتفرغ التام للعاطلين عن العمل بعد زيادة عددهم إلي 20 مليون عاطل في الدول العربية أغلبهم من الخريجين.ورأى أن إحدى حلول تلك الأزمة هو أن تنتهج الحكومات العربية سياسيات بعض الدول الغربية بصرف رواتب شهرية للعاطلين عن العمل، والتي تسمى "إعانة بطالة"، لمساعدة الشباب، أو إنشاء مشاريع عملاقة جاذبة للعمالة، مشددًا على ضرورة استخدام الأيدي العاملة وعدم الاعتماد علي التكنولوجيا الحديثة لاستيعاب أعداد أكبر من العاطلين .
أرسل تعليقك