نشرت وسائل إعلام أميركية مقتطفات من كتاب الصحافي الاستقصائي المخضرم "بوب وودورد" عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته، والذي تضمن العديد من الوقائع الصادمة عن الرئيس الأميركي وتصرفاته وصورته في أذهان المقربين منه، ما دفع البيت الأبيض للمسارعة بوصف الكتاب بأنه عبارة عن "قصص ملفقة".
وبين طيات الكتاب المعنون "الخوف: ترامب في البيت الأبيض"، المؤلف من 448 صفحة، والمقرر صدوره الثلاثاء المقبل، وصف وودورد البيت الأبيض بأنه مكان مضطرب يطلق فيه الموظفون، على الرئيس الأميركي ألفاظ مهينة من خلف ظهره ويعتبرون افتقاره لحب الاستطلاع وضحالة معرفته بالحكم والسياسة الخارجية، مصدر قلق لفريقه للأمن القومي، وفقا لصحيفة "ذا هيل" الأميركية.
ويعتمد الكتاب على مئات الساعات من المقابلات السرية المسجلة وعشرات المصادر من الدائرة المقربة لترامب، وكذلك الوثائق والملفات والمذكرات، بما في ذلك مذكرة مكتوبة بخط يد ترامب نفسه. وفاز وودورد الصحافي المخضرم بجائزة بوليتزر المرموقة مرتين، إحداهما عن تغطيته مع زميله كارل برنستين لفضيحة "ووترغيت"، التي أدت إلى استقالة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون.
وأوضح الكاتب أن جاري كون، المستشار الاقتصادي السابق لترامب، سرق خطابا من مكتب ترامب كان يعتزم الرئيس توقيعها لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية، مضيفا أن المستشار السابق أخبر أحد مساعديه أن الرئيس لم يلحظ اختفاء الخطاب، مبررا فعلته بأنه كان يستهدف حماية الأمن القومي. إلا أن تلك لم تكن الواقعة الوحيدة، حيث سرق كون خطابا آخر من مكتب ترامب في ربيع 2017، كان سيقضي بانسحاب واشنطن من اتفاقية منطقة التجارة الحرة لأميركا الشمالية "نافتا".
واقعة أخرى تضمنها الكتاب، أفادت بأن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، وصف ترامب بأنه يتصرف وكأنه طفل في الصف الخامس أو السادس عندما يتعلق الأمر بملف شبه الجزيرة الكورية.
واستشهد الكاتب بواقعة حدثت في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، خلال اجتماع لفريق الأمن القومي مع ترامب، هون فيه الرئيس من شأن أهمية الوجود العسكري لبلاده في شبه الجزيرة الكورية وكذلك دور المخابرات الخاصة، الذي يسمح لواشنطن برصد اطلاق الصواريخ من كوريا الشمالية خلال ثوان بدلا من 15 دقيقة إذا كانت عملية الرصد من ألاسكا.
ورد ماتيس على اعتراض الرئيس، قائلا: "نحن نفعل ذلك لمنع حرب عالمية ثالثة"، إلا أنه بعد الاجتماع أعرب وزير الدفاع عن قلقه واستيائه فى محادثات خاصة مع مساعديه، مشيرا إلى أن الرئيس يتصرف بعقلية طفل في الصف الخامس أو السادس.
في المقابل، رفض ماتيس مزاعم وودورد، واصفا إياها في بيان بأنها محض خيالات من شخص واسع الخيال، مضيفا: "فكرة أننى أبدى ازدراء للقائد الأعلى للقوات المسلحة ــ الرئيس المنتخب ترامب أو التسامح تجاه أي علامات عدم احترام من جانب أحد في الوزارة تجاه الرئاسة، لا تصدر إلا عن شخص خصب الخيال".
وأشار الكتاب إلى أن مساعدي البيت الأبيض شبهوا ترامب بالرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، في اعتقاده أن "الجميع يحاولون النيل منه"، وذلك بعد تعيين المحقق الخاص روبرت مولر للتحقيق في التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.
ولم تقتصر الحوادث الصادمة على ترامب فقط بل امتدت إلى طاقمه ومن بينهم نجلته إيفانكا، التي دخلت في مشاحنة مع كبير المستشارين الاستراتيجيين السابق ستيف بانون، بشأن تجاوزها لكبير موظفي البيت الأبيض السابق رينس بريبوس، في الوصول إلى ترامب.
وذكر الكاتب أن بانون صرخ في وجه إيفانكا قائلا: "أنت موظفة ملعونة"، وأخبرها أن عليها العمل من خلال بريبوس شأنها شأن باقي مساعدى ترامب. وتابع بانون: "تتجولي في المكان وتتصرفي وكأنك مسؤولة، لكنك لست كذلك، أنت موظفة"، وفقا لما نقلته مجلة نيوزويك الأميركية.
من جانبها، ردت إيفانكا على بانون قائلة: "لست موظفة ولن أكون أبدًا كذلك. أنا الابنة الأولى، في إشارة لكونها ابنة الرئيس وعلى غرار لقب السيدة الأولى.
إلى ذلك، ذكر الكتاب أن كبير موظفي البيت الأبيض السابق بريبوس الذي استقال من منصبه في يوليو/تموز 2017، يصف مسؤولي إدارة ترامب بأنهم "مفترسين ووحوش"، حيث نقل عنه قوله: "عندما تضع ثعبان وفأر وصقر وأرنب وسمك قرش فى حديقة حيوانات بدون جدران، تصبح الأمور بشعة ودموية". وأوضح الكتاب أن بريبوس شكا من أنه لا يمكن فعل الكثير لمنع الرئيس ترامب من خلق الفوضى، مشيرا إلى أن ترامب طلب من سكرتير موظفى البيت الأبيض آنذاك، روب بورتر، حيث كان من المفترض أن يقدم تقاريره إلى بريبوس، أن يتجاهل الأخير، ووصفه بأنه مثل "الفأر الصغير"، فقط يجيد التجول فى المكان.
وفقا لمقتطفات من الكتاب نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، نعت كبير موظفى البيت الأبيض الجنرال جون كيلى فى حديث مع مساعديه ترامب بـ"المعتوه" و"الأحمق" وأنه من غير المجد تقديم المشورة إليه، مضيفا: "نحن فى مدينة الجنون، هذه أسوأ وظيفة توليتها على الإطلاق".
فى المقابل، نفى كيلى ما ورد فى الكتاب، مؤكدا فى بيان أنها ادعاءات "ليست صحيحة"، معتبرا أنها محاولة أخرى مثيرة للشفقة لتشويه سمعة المقربين من الرئيس وتشتيت الانتباه عن نجاحات إدارته. وذكر الكتاب أنه فى إبريل/نيسان 2017 بعد الهجوم المفترض للرئيس السورى بشار الأسد بالأسلحة الكيماوية في مدينة خان شيخون، طلب ترامب من وزير الدفاع ماتيس اغتيال الأسد، قائلا: "فلنقتله، لنذهب إلى هناك ونقتل الكثير منهم". ووافق ماتيس على التصرف، لكن بعد أن وضع سماعة الهاتف قال لأحد مساعديه أن الولايات المتحدة ستتخذ خطوات "مدروسة أكثر" ضد سورية، كانت على شكل غارات جوية عقابية.
غير أن ترامب كذّب ما أورده وودورد حول الأسد، قائلا على حسابه بموقع "تويتر"، "ما ذكره وودورد سبق وتم نفيه من قبل وزير الدفاع ماتيس، وكبير موظفى البيت الأبيض جون كيلي"، مؤكدا هذه حيل مختلقة، وخداع للجمهور كما وصف وودورد بأنه عميل ديمقراطي، في إشارة لخصومه من الحزب الديمقراطي.
وردا على ما ذكره وودورد بأن ترامب سخر من اللكنة الجنوبية لوزير العدل جيف سيشنز واصفا إياه بأنه متخلف عقلي وغبي قادم من الجنوب، أكد ترامب أنه لا يستخدم هذه الألفاظ لوصف أي أحد، مضيفا: أن تكون من الجنوب هو أمر عظيم. هو (وودورد) اختلق تلك الأمور بهدف التفرقة.
أرسل تعليقك