توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"جندي أميركي سابق يؤكد كرهت نفسي بعد انتهاكات "سجن أبو غريب

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - جندي أميركي سابق يؤكد كرهت نفسي بعد انتهاكات سجن أبو غريب

سجن أبو غريب
واشنطن - مصر اليوم

شقت جينا هاسبل طريقها لرئاسة وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، بعد تبرؤها من وسائل التعذيب المستخدمة في السابق. لكن جراح الانتهاكات، التي تعرض لها العراقيون في سجن أبو غريب، أحد أكثر الفصول ظلمة في تاريخ الولايات المتحدة، ما زالت عالقة في الذاكرة، على حد وصف أحد الرجال المتورطين في التعذيب.

يسير جيرمي سايفيتس، رجل ضخم البنية، مطأطئ الرأس في مرآب للسيارات في مدينة مارتينسبيرغ بولاية بنسلفانيا الأميركية، وكأنه يحاول أن يقلل حجمه.

ويقف بجانبي، واضعا يده في جيبه، ويتحدث بحرية عن قسوة الماضي في ساحة المرآب، بعيدا عن الناس، حيث يستطيع الكلام بحرية.

اندلعت فضيحة أبو غريب في 28 أبريل/نيسان عام 2004، عند نشر صور التقطها سايفيتس وجنود آخرون في السجن، عبر قناة سي بي إس الأميركية الإخبارية.

وأظهرت الصور انتهاكات صارخة، تضمنت اعتداءات جنسية على السجناء. ولعل أشهر هذه الصور هي التي ظهر فيها سجين واقفا على صندوق، مرتديا قناعا أسود، وفي يده وصلات أسلاك كهربائية.

وحُكم على سايفتس بالسجن لمدة عام، بتهمة التقصير في أداء الواجب، فيما يتعلق بالتقاط الصور وفشله في التصدي لسوء معاملة المحتجرين.

وفي روايته لتجربته، يصف سايفتس دروسه المستفادة من الفضيحة، فيما يتعلق بالتواضع، والتعاطف، وفعل الصواب. ويقول إنه يرى أن الأمة بأسرها استوعبت دروسه الشخصية.

نشأ سايفيتس في بلدة بسيطة، وأراد أن يصبح جنديا كوالده
وكحال الكثير من الجنود المتورطين في فضيحة أبو غريب، ينحدر سايفيتس من أصول ريفية، في بلد يقدم القليل من الفرص لشبابه.

والبلدة التي نشأ فيها سايفيتس شديدة البساطة، إذ تنقطع شبكات الاتصال في محيط ستة إلى عشرة أميال. وتفوح رائحة الوقود من الشارع الرئيسي الذي تجوبه الشاحنات. أما منزله القديم، فيقف خاويا وقد تدلت شبابيكه بعد تعرضه لحريق.

ويقول السكان المحليون، الذي عرفوا سايفيتس صغيرا، إنه كان خلوقا، ويساعد الآخرين دائما، ويرون أن عقابه بالحبس فيه ظلم لأنه كان ينفذ الأوامر.

ويحكي سايفيتس، البالغ من العمر 38 عاما، عن طفولته، فيقول إنه دائما ما كان يحلم بأن يصبح جنديا مثل أبيه. "و سجلت اسمي في الجيش عند بلوغي 18 عاما، وبدأت المغامرة". وأصبح جنديا في الفرقة 800 من الشرطة العسكرية، وأُرسل إلى العراق في عام 2003.

وبعد وصوله إلى العراق بوقت قصير، جاء توزيعه للخدمة في سجن أبو غريب، ليعمل ميكانيكيا وسائقا. واحتُجز في هذا السجن آنذاك ألفين من الرجال والنساء والأطفال العراقيين. الكثير منهم كانوا أبرياء، لا يعرفون شيئا عن المعارك، وإنما قُبض عليهم بالخطأ أثناء الغارات.

وفي هذا الوقت، كانت الحكومة الأمريكية قد وافقت على استخدام أساليب الاستجواب القاسية في أماكن الاحتجاز التابعة لها. وقال نائب الرئيس آنذاك، ديك تشيني، بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول إنهم [الحكومة] سيُظهرون "الجانب المظلم".

حُكم على تشارلز غرانر، أحد الجنود الأمريكيين المتورطين في فضيحة أبو غريب، بالسجن عشر سنوات
وانخرط المسؤولون الأمريكيون في تشريع قوانين تسمح باستخدام أساليب استجواب طالما صُنفت على أنها تعذيب، وهي الأساليب التي طُبقت على سجناء أبو غريب. وضُرب السجناء حتى الموت، إذ أظهرت إحدى الصور جثة سجين ملفوفة في بلاستيك.

وفي إحدى أمسيات نوفمبر/تشرين الثاني 2003، ساعد سايفيتس أحد الحراس، ويُدعى فريدي، في توصيل بعض السجناء إلى عنبر الخطرين. وعند وصولهم، رأى سايفيتس سجناء عراة في الممر، ومكدسين بعضهم فوق البعض. ويقف حولهم عدد من الجنود يتضاحكون. ووضع سايفيتس وفريدي السجناء الذين كانوا بصحبتهم وسط هذا الجمع.

ويقول سايفيتس: " الجميع يقولون: لم لم تفعل هذا؟ ولم لم تفعل ذاك؟ [في إشارة لإنقاذ السجناء]، لكن الأمور مجرد تحدث بهذا الشكل. تفقد الإحساس بالوقت، وتجد نفسك وكأنك في منحدر شديد".

ولاحظ في هذه الأثناء أن القيود شديدة الضيق في يد أحد السجناء، حتى أن يديه تتتورمان وتتحولان للون أورجواني، فنبه الحارس - يُدعى تشارلز غرانر - الذي أخرج بدوره أداة لفك القيد قليلا. ويقول سايفيتس إنه رأى السجين أكثر ارتياحا وقد بدأ الدم يعود لسريانه الطبيعي في يديه.

علي القيسي، أو الرجل في القناع الأسود في صورة أبو غريب، يقول إن التجربة "سحقته"
بعد ذلك، أعطى غرانر كاميرا لـ سايفيتس، ثم أمسك رأس سجين مسجى على الأرض بيد، وصنع قبضة بيده الأخرى. وبعد التقاط سايفيتس للصورة، لكم الحارس السجين، وأطلق ضحكة قصيرة، ثم تنهد.

وتابع: "كانت هذه هي الصورة الوحيدة التي التقطتها". وبدا وكأنه يتنصل من الفعل، وكأن شخصا آخر، ليس هو، كان هناك في هذه الليلة.

وعند نشر الصور من سجن أبو غريب، قال الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش الابن: "سنجمع كل الحقائق، ونحدد المدى الكامل لهذه الانتهاكات. سنتعرف على المتورطين، وسيتحملون تبعات أفعالهم."

وأدين سايفيتس وعشرة جنود آخرين بالانتهاكات. وسُجن غرانر لمدة عشر سنوات، وفريدي لثمانية سنوات، وحارسة ثالثة تُدعى ليندي إنغلاند لمدة ثلاث سنوات.

وأظهرت المحاكمات جرائم الجنود، وحياتهم غير السوية. وبعد خروج إنغلاند من السجن، عادت إلى بلدتها في غرب ولاية فيرجينيا، حيث تعيش مع والديها وترعى ابنها الذي أنجبته من غرانر. في حين تزوج غرانر أثناء حبسه من إحدى الحارسات المدانات في نفس القضية، وتُدعى ميغان أمبول.

ليندي إنغلاند، واحدة من الجنود المتورطين في الفضيحة، تلقت حكما بالسجن ثلاث سنوات. وتعيش حاليا مع والديها
وبعد اندلاع فضيحة أبو غريب، فقد الجيش الأمريكي الروح العالية التي يتمتع بها الجنود، حسبما قال الكثير من الجنود المشاركين في الحرب. كما قال أحد القادة المتقاعدين، ويُدعى ستانلي ماكريستال، إن الهجمات التي استهدفت القوات الأمريكية بعد عام 2004 كانت مدفوعة بشحنة من الغضب جراء الصور التي نُشرت من سجن أبو غريب.

وتسلمت السلطات العراقية السجن عام 2006، ثم أُغلق بعد ذلك بثماني سنوات. ورفع عشرات السجناء دعوى قضائية ضد شركة خاصة كانت تورد مترجمين للغة العربية للخدمة في السجن، وتقول الدعوى إنهم بذلك شاركوا في الانتهاكات. وانتهت القضية إلى تسوية بقيمة خمسة ملايين دولار في عام 2013.

ويقول أحد محامين السجناء إن التسوية أعطتهم "شعورا كبيرا بالعدل".

وتنقل سايفيتس في سجون في الكويت، وألمانيا، وولاية كارولينا الشمالية. ويقول: "كنت شخصا بغيضا لوقت طويل، لأنني شعرت بالكثير من الكراهية لنفسي."

وحاول سايفيتس الحصول على وظيفة ميكانيكي، لكنه لم يفلح، فعمل مرشدا للمتعافين من إدمان المخدرات والكحول. "وأتحدث إليهم عن تجربتي في أبو غريب كمثال على صنع الإنسان لقراراته." وكذلك عن الأخطاء التي ارتكبها في الحرب، والتي يندم عليها بشدة.

فضيحة ابو غريب أثارت غضبا وحنقا ضد القوات الأميركية
إلا أن جهود سايفيتس في مساعدة المتعافين من الإدمان، والتكفير عن ماضيه، لا تعتبر ترضية لمن تعرضوا للانتهاكات في السجن.

ويقول علي القيسي، الرجل ذو القناع الأسود في الصورة الشهيرة، في فيديو عبر تويتر إن التجربة "سحقت نفسياتنا".

لكن سايفيتس محق بأن تجربة أبو غريب غيرت البلاد. ففي عام 2009، مُنع التعذيب، بعد وقت قليل من تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ومُنعت الاستجوابات العسكرية تماما. كما أُغلقت سجون "المواقع السوداء"، وهي التي كانت تديرها وكالة الاستخبارات الأمريكية، حيث يتعرض السجناء لعمليات استجواب قاسية.

واستُحدث إطار عمل قانوني جديد، يضع المعتدين تحت طائلة القانون، سواء عملوا لصالح الحكومة أو بتعاقدات.

لكن الحقوقيين يقولون إنه رغم التغيرات في القانون والسياسات الحكومية، أصبح الناس أكثر قبولا لفكرة التعذيب من الماضي.

كانت صور أبو غريب صادمة، لكن شدة الغضب تراجعت مع الوقت.

"ويشير استطلاع للرأي أُجري مؤخرا إلى أن ثلثي الأمريكيين يرون أن التعذيب يمكن تبريره أحيانا. ويتضح من هنا أن أبو غريب كان أكثر من مجرد "فصل مظلم" في تاريخ البلاد.

ويقول ألبيرتو مورا، الذي عمل في المجلس العام للبحرية الأمريكية تحت إدارة بوش، إن استخدام التعذيب "لم يقتصر على الماضي. فصداه مستمر".

وفي الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، قال إنه حال فوزه سيعيد استخدام الإيحاء بالغرق في التعذيب، وهو أحد أقسى طرق التعذيب التي يمنعها القانون الفيدرالي.

وغير ترامب موقفه بعد انتخابه، قائلا إنه سيجنح لرأي وزير الدفاع، جيمس ماتيس، الذي قال إن التعذيب فكرة سيئة.

لكن مستشار الأمن القومي الحالي، جون بولتون، قال سابقا إنه يجب أن يكون بمقدور الأمريكيين استخدام جميع وسائل الاستجواب، وإنه منفتح على فكرة الإيحاء بالغرق للحصول على المعلومات من شخص ما.

أما جينا هاسبل، التي تولت رئاسة وكالة الاستخبارات الأمريكية حديثا، فكانت تُشرف على أحد سجون "المواقع السوداء". ويقول نشطاء حقوق الإنسان إنها غير مناسبة للمنصب بسبب دورها في برامج الاستجواب القاسية تحت إدارة بوش.

وقال ترامب عنها في تغريدة: "في هذه الأوقات شديدة الخطورة، لدينا أكثر الأشخاص كفاءة، امراة يرغب الديمقراطيون في طردها لأنها شديدة القسوة على الإرهاب".

وأكدت هاسبل أنها لن تعيد إطلاق برنامج التعذيب القاسي، واعترفت أنه كان خطأ.

والآن، بعد عقد ونصف من فضيحة أبو غريب، يقول مورا إنه غير متأكد من أن الأمريكيين تعلموا دروسا في التواضع، على حد تعبير سايفيتس.

ورغم استمرار القوانين المجرّمة للتعذيب، إلا أن مورا يخشى انتكاسة في هذا الشأن حال دخول الأمريكيين حرب أخرى كحرب العراق.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جندي أميركي سابق يؤكد كرهت نفسي بعد انتهاكات سجن أبو غريب جندي أميركي سابق يؤكد كرهت نفسي بعد انتهاكات سجن أبو غريب



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جندي أميركي سابق يؤكد كرهت نفسي بعد انتهاكات سجن أبو غريب جندي أميركي سابق يؤكد كرهت نفسي بعد انتهاكات سجن أبو غريب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon