القاهرة ـ وكالات
بعد إغتيال القيادي التونسي المعارض شكري بلعيد أصبح الشارع المصري متخوف من إنتقال العدوى إلى مصر خاصة في ظل فتوى أحد الشيوخ بقتل المعارضين للرئيس. ترصد ردود أفعال المعارضة الليبرالية والأحزاب الإسلامية.أيام قليلة مضت على إغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد كان محور الحديث فيها في الشارع المصري حول إحتمال تكرار الحادثة في مصر. وتزامنت عملية الإغتيال في تونس مع صدور فتوى في مصرعلى لسان الشيخ محمود شعبان، أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر، بإباحة قتل المعارضين للرئيس. فتوى شعبان لاقت استنكاراً كبيراً في الشارع المصري وآثارت المخاوف على زعماء المعارضة الليبراليين والعلمانيين خاصة بعد مقتل بلعيد والذي أضحى سبباً رئيسياً لآخذ تلك الفتاوى على محمل الجد.ففيما يتخوف البعض أن تصبح مثل تلك الفتاوى تمهيداً لتصفية المعارضة بإسم الدين. أمر المستشار مصطفى دويدار رئيس النيابة بالمكتب الفني للنائب العام، الاثنين، بضبط وإحضار الدكتور محمود شعبان أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، والتحقيق معه في فتواه التي أجاز فيها إهدار دم قيادات جبهة الإنقاذ على قناة الحافظ. وحسب صحيفة "الشروق" المصرية، فقد استمع المستشار مصطفى دويدار إلى مقدم البلاغ الذي اتهم في أقواله الشيخ محمود شعبان بالتحريض على قتل الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وآخرين من قيادات جبهة الإنقاذ.وقد ذكرت وكالة الأنباء المصرية ان الشيخ شعبان، المعروف بتوجهاته السلفية، قد نفى انه يدعو الى قتل المعارضين المصريين واوضخ ان "فتواه كانت للخروج عن الحاكم ومن ينازعه فى الحكم".بيد أن مخاوف الطبقة السياسية من ليبراليين وعلمانيين، تظل قائمة على خلفية الاحتقان الذي تعيشه مصر وحادثة إغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد. وحول هذا الملف، حاورت عربية ممثلي الأحزاب الإسلامية واستطلعت ردود فعلهم إزاء تلك المخاوف.لم يلبث الإعلان عن إغتيال زعيم تونسي معارض حتى إجتاح موقع تويتر المعروف عنه إكتظاظه بالنشطاء السياسيين المعارضين موجة عضب وقلق على مصير زعماء المعارضة المصرية. وكانت البداية مع أحد المهددين بالقتل أنفسهم الدكتور محمد البرادعي، مؤسس حزب الدستور وعضو جبهة الإنقاذ حيث قال في تغريدة له: "عندما يفتي "شيوخ" بوجوب القتل بإسم الدين دون أن يتم القبض عليهم فقل علي النظام ودولته السلام. كم من الجرائم ترتكب في حق الإسلام وبإسمه!". وتبعه في التغريدات مؤيدو المعارضة في تخوف من إنتقال عمليات الإغتيال إلى مصر، فغرد أحمد خليل قائلا: " بعد تصريح الشيخ السلفى بقتل المعارضين وبدأ اغتيال المعارضين فى تونس متى سيبدأ فى مصر، المفكر فرج فودة قتل وطعن نجيب محفوظ بناء على فتوى".وطالب الكاتب بلال فضل بالتحقيق مع الشيخ محمود شعبان مصدر الفتوى قائلاً في تغريدة له: "بعد إغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد هل يتم التحقيق مع محمود شعبان ووجدي غنيم وكل الذين اصدروا فتاوى تبيح قتل المعارضين لمرسي؟". فيما وجه محمد زكي وإيمان بشير إتهاماً مباشراً للإخوان المسلمين وأحزابهم الحاكمة في تونس ومصر بالوقوف خلف إغتيال بلعيد والفتاوى الصادرة في مصر في حق المعارضة مستخدمين نفس العبارات في تغريداتهم "سياسه الاخوان قتل المعارضين".وعن موقف حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمون من الفتوى، المهندس هاني عليوة المتحدث الإعلامي للحزب بمركز مشتول السوق بمحافظة الشرقية، فكان رده "موقف الحزب هو الموقف الشرعي وهو رفض القتل طالما لم تخرج المعارضة على الحاكم بالسلاح". ويشدد عليوة: "حتى الآن لم يحدث ذلك لذا فلا مبرر للقتل ولا جواز شرعي له". واستطرد: "وحتى إذا خرجت المعارضة بالسلاح فللجيش والشرطة التعامل معها وليس للحزب أو الأشخاص أي علاقة بذلك".وتحدثت أيضاً مع أخيه عادل عليوة، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان وعضو حزب الحرية والعدالة. واستنكر عادل الفتوى قائلاً: "لا تصح بتاتاً ولا يصح أن يفتي أي شخص سوى من درسوا الفتوى". وفسر عادل رفضه للفتوى قائلاً: "كل من نطق الشهادة هو مسلم ولا يجوز قتله".
ولم يخفي عادل خوفه من أن تتسبب تلك الفتاوى في نقل عدوى الإغتيالات من تونس إلى مصر موضحاً: "من الممكن أن يأخذها أحد الأشخاص ممن ليس لديهم وعي ويقوم بإغتيال أحد رموز المعارضة ويتسبب في فتنة كبيرة بين الفصائل السياسية". وأنهى عادل حديثه مستشهداً بالحديث النبوي: " من أفتى الناس بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار".
وكان حديث ايضاً مع نائب مجلس الشعب السابق عن حزب النور السلفي بمحافظة الفيوم مصطفى البنا. فقد استنكر البنا صدور مثل تلك الفتاوى منوهاً انه ليس من حق كل مواطن أن يفتي، موضحاً أن فتوى الشيخ محمود شعبان ما هي إلا رأي شخصي ولا تعبر عن مؤسسة الأزهر التي ينتمي لها. ويقول البنا في حديثه : "الأزهر استنكر صدور تلك الفتوى ووعد بمحاسبة مصدرها كما اننا كحزب النور والدعوة السلفية أعلنا رفضنا لهذه الفتوى وأن اولى اهتماماتنا هي الحفاظ على الدم".وفي عودة لشرح ما استند إليه الشيخ محمود شعبان في فتواه، يقول البنا : "الشيخ استند إلى حديث موضوع والحديث يتحدث عن الخروج عن الحاكم الشرعي لكن الرئيس مرسي ليس حاكماً شرعياً". واستطرد البنا: "كما أن تلك الفتوى تأتي في وقت غير مناسب تماماً لا نحتاج فيه إلى التفرقة بل إلى التوحد". وشدد البنا أن "قتل النفس ليس من الدين الإسلامي في شيء".ورداً على تساؤل عربية إذا ما كانت مثل تلك الفتاوى قد تمهد لعمليات إغتيال كالتي حدثت في تونس للزعيم المعارض شكري بلعيد، استبعد البنا تكرار تلك العمليات في مصر. ويقول في هذا السياق: "مصر ليست كتونس ولن يحدث في مصر مثل تلك الحوادث فالشعب لن يقدم على ذلك وهو يعرف تماماً حرمة الدم". وحول ما إذا كان إرتفاع نسبة الأمية قد يتسبب في أن يتأثر البعض بتلك الفتاوى دون فهم كما حدث من قبل في مراحل سابقة من تاريخ مصر، يقول البنا: "لا أعتقد، في ذاك التوقيت لم يكن هناك حرية وكانت بعض الجماعات تستغل ذلك لكن الآن اصبحت هناك حرية تعبير ولن يجد هؤلاء آذاناً صاغية لما يقولون".
أرسل تعليقك