القاهرة ـ سهام أحمد
كشف محمود نجم الخبير المصرفي ورئيس قطاع الاستثمار في بنك تنمية الصادرات الاسبق أن الحل للأزمات الاقتصادية التي تلاحق الدولة يكمن في حديث الحكومة بصراحة ووضوح مع الشعب في أسباب تلك الأزمات وطرق حلها، وأن توفر الشفافية الكافية لطمأنة المواطن، بالإضافة إلى الضرب بيد من حديد على الفساد والمحتكرين، وتعطي بيانات واضحة بالأرقام، وهذا يعد الحل الجوهري للأزمة الحالية التي بدأت أن تتحول إلى أزمة ثقة بين المواطن والحكومة.
وأكد في حوار مع "مصر اليوم" أن تلك الأزمات ليست مفتعلة، وإنما حقيقية، وإن كان هناك جزء مفتعل فإنه يقوم بزيادة حجمها فقط، لكن لا يمكن إنكار أزمات تزلزل الكيان الاقتصادي بالكامل. وأضاف مستقبل اقتصاد مصر في المشروعات الصغيرة لأنها عمود من أعمدة الاقتصاد المهمة جدًا، حيث أنها تمثل 75% من التقدم والازدهار الذي من الممكن أن يحدث في مصر، يصل حجم مبيعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى مائة مليون، وهذا هو المرغوب به الفترة المقبلة والذي بدوره سيقوم بتوفير الكثير من الوظائف، وفتح مجالات كثيرة وتوسعات تساعد على النمو الاقتصادي.
وأشار إلي أن أداء البنوك في تمويل المشروعات الصغيرة بدأ عند وضع البنك المركزي إرشادات وطلبات من البنوك بتفعيل التمويل للمشروعات الصغيرة، ولكن أداء البنوك سيء جدًا ولا يسير في اتجاه الانطلاق التي يسعى إليها البنك المركزي. واعتمدت البنوك في إيراداتها على السندات وأذون الخزانة ،مما أخلف لديها الكسل وانعدام الحنكة في إدارة المشاريع، وعلى موظفي البنوك النزول من مكاتبهم وزيارة المصانع والشركات والعملاء وإعداد دراسات اقتصادية جيدة وأكثر جرأة.
وأضاف "البنوك تعتمد على عائد القروض، وهذا لا يعد سببًا للنمو بخاصة في حين أن المشاريع متوقفة، على الرغم أن السلوك الاقتصادي الصحيح يضع دراسة المشروعات في الخطوة الأولى ومن ثم القروض. وتابع أن وضع الاستثمار في مصر داخليًا وخارجيًا في الفترة الراهنة مازال عليه قيود كثيرة جدًا تعلم بها الحكومة، وهي قيود قانونية وسياسة الاستثمار ونظرة المستثمر الخارجي للاستثمار في مصر، فالمناخ الاستثماري سئ جًدا.
أما المستثمر الداخلي فيواجه أزمة الضرائب الجزافية والبيروقراطية، بالإضافة إلى سوق الاستثمار الغير رسمي "السوق الموازي"، فهناك أنواع من الأسواق "سوق علني وسوق ظاهري وسوق ورقي". وقال انسحبت البنوك الخاصة بالفعل من الاستثمار المباشر لأن دور البنوك الخاصة في الاستثمار المباشر ضعيف جداً ولا يرتقي لمستوى الفكر الذي نادى به الرئيس عبد الفتاح السيسي، فمن الطبيعي أن للبنوك دور كبير جدًا لكنهم لا يقوموا بالمخاطرة، أو بتوجيه المستثمر أو المشاركة في حل الأزم.
وأوضح أن جذب الاستثمار الأجنبي إلى مصر أولاً القدرة على تمويل الكثير من المشروعات، وتغيير البنيان أو الهيكل الاقتصادي، ونقله من طرق الإنتاج التقليدي إلى طرق الإنتاج المتطورة. بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي، والسيطرة على الأسواق، والاستثمار الجيد يحتاج إلى سياسة ملائمة تعطي الحرية، ضمن إطار الأهداف العامة، للقطاع الخاص في الاستيراد والتصدير وتحويل الأموال والتوسع في المشاريع، ويجب أن تكون مستقرة وفق سياسات اقتصادية ملائمة.
وأكد أن آليات تمويل المشروعات الصناعية والاستثمارية يجب أن يكون هناك تمويل جيد، وهذا بالضرورة ليس معناه الجانب المادي للمشروع فقط، بل يجب عمل دراسة جدوى تساعد المستثمر على وضعه في المسار الصحيح، وهذه وظيفة البنك الأساسية قبل التمويل.
كما يجب أن تكون الضرائب حقيقية وليست جزافية كما يحدث وتخلق خوفًا لدى المستثمر، وتساهم في خلق نوع من الشراهة لدى موظف الضرائب، بالإضافة إلى أنه يفتح باب الفساد على مصراعيه.
وتابع أنه يجب أيضًا القيام بدراسة السوق، فمثلا سوق العقارات 90% منه غير رسمي، فإذا أراد أحد المقاولين العمل اليوم يجب أن يكون لديه أرقام رسمية للعرض والطلب، لكننا نجهل ما هي الخطة الاستثمارية للدولة، أو معالم الاستثمار الحقيقية. كما أن مشكلة ارتفاع سعر الدولار بشكل مضاعف عن سعره في البنك، يجعل المستثمر يتشتت ويقل حجم ما يضخه بالسوق، مما ينعكس بالسلب على الاقتصاد المصري.
وأكد أنه لابد من العمل على مساندة قوية للمنتج المصري، بتوفير التمويل وضمان الصادرات، وتوفير الدولار اللازم للمواد التي تدخل في الإنتاج، وتعديل المنظومة الضريبية والجمركية، وإنشاء شركات متخصصة في تسويق المنتجات المصرية، وعلى المنتجات أن تكون عالية الجودة، بالإضافة لوضع شركات كنترول ورقابة على المنتجات.
أرسل تعليقك