القاهرة - سهام أحمد
كشف أستاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور أسامة عبدالخالق، أن إنفاق الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي يجب أن يتم تخصيصه للإنفاق على تنمية الصناعات المتوسطة والمشاريع متناهية الصغر، مؤكدًا أن القرض يجب وضعه على أوجه إنفاق محددة حتى لا يدخل في سراديب تنتهي إلى أشخاص، وأنه لا بد من الانتهاء من المشاريع قيد التنفيذ، كما أن هناك مصانعع مغلقة يجب إعادة تشغيلها.
وأوضح عبدالخالق، أن قانون الاستثمار الجديد سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بعد أن عالج تشوهات القانون السابق، متابعًا أن أهم تشوهات القانون الجديد هي إلغاء المادة التي تلزم الدولة بدفع تكاليف التدريب والتامينأت الاجتماعية نيابة عن المستثمر، لافتًا إلى أن اعتماد المستثمر على ذاته في تمويل التدريب سينعكس سلبًا على العملية التدريبية للعاملين، ولن تكون مشجعة.
وطالب عبدالخالق، بضرورة تفعيل فكرة الشباك الواحد من خلال مركز الاستثمار والمعمول به في كثير من الدول لتوفير الجهد والوقت والأموال، مضيفًا أنه مع دخول شهر رمضان أصبح القرار السابق للحكومة بعدم استيراد السلع الاستفزازية خطوة من المؤكد أنها ستخفض فاتورة الواردات بنحو من 4 : 5 مليار دولار، لكنها لن تحدث تغييرًا جوهريًا لا في حجم الفجوة الموجودة ولا في نمط التجارة الخارجية في مصر، إذ أنها بحاجة إلى إجراءات إستراتيجية أكبر وأكثر عمقًا، قائلًا: "على أي حال فإن ذلك المطلب لطالما نادينا بتنفيذه كثيرًا، بالرغم من أنه سيدفع الحكومة إلى حربًا شديدة مع المستوردين، فللأسف مصر أعيد بناءها على مدار الـ30 عامًا الماضية لصالح لوبي مصالح شديد الخطورة والضرر مرتبط بالغرب ارتباطًا وثيقًا، ولا يعقل أن يسطير 2000 رجل أعمال على مفاصل الدولة الاقتصادية".
وأكد عبدالخالق، أن السياسة النقدية للبنك المركزي عليها علامات تعجب، وأهمها عدم نجاحه في استخدام عدة أدوات في إدارة السياسة النقدية من أجل ضبط إيقاع التضخم وارتفاع الأسعار، وأيضًا عدم قدرته على الحفاظ نسبيًا على استقرار العملة المصرية مقارنًة بالعملات الأجنبية، وأخيرًا سياسة سعر الفائدة التي يستخدمها البنك تفقتر إلى درجة من درجات الحصافة نتيجة للفجوة الكبيرة بين الفائدة المدينة والدائنة.
وأشار عبدالخالق، إلى أن ما يمر به الجنيه المصري بعد التعويم عرض لمرض، وبالتالي يجب أن يكون في البداية هناك تشخيصًا صحيحًا لأسباب هذا المرض، ولعل السبب الرئيسي وراء تدهور الجنيه المصري، هو تعامل الحكومات المتعاقبة مع العرض وليس جوهر المرض، لأنهم يقدسون وثن يسمى "اقتصاد السوق" الذي يحكمه العرض والطلب، وهي سياسة لا تتناسب وحالة الشعب الذي يقع 40% منه تحت خط الفقر، وتمثل امتدادًا لنفس مدرسة الإدارة الاقتصادية لنظام الرئيس الأسبق "مبارك" الخادمة لرجال المال في المقام الأول، والقائمة على "اقتصاد السوق"، والتي تعتبر أن التخطيط والقطاع العام عملًا شيطانيًا، وبالتالي فالإدارة النقدية في البنك المركزي ليست هي المسؤولة الوحيدة عن الأزمة.
ولفت عبدالخالق، إلى أن الجنيه المصري سيظل معرضًا للضغوط لصالح العملات كل ذلك مجرد أعراض لأمراض أكثر عمقًا في الاقتصاد، وبالتالي فالاهتمام الزائد بالجوانب المالية والنقدية على حساب الجوانب الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري يعني أن تشخيص الأزمة الاقتصادية غير صحيح، وبناءً عليه فمجموعة السياسات والإجراءات المتخذة من أجل تصحيح تلك الأعراض لن تأتي بثمارها، كما أن الفجوة بين الإيرادت بالنقد الأجنبي وبين الالتزامات ستؤدي حتمًا إلى الضغط على الجنيه، مضيفًا "بالتالي عندما نتحدث عن تدهور الجنيه المصري سنجد معظم مستلزمات التشغيل الصناعي تستورد من الخارج، ومن ثم فهناك فجوة سوف تتسع باستمرار مما يؤثر سلبًا على قيمه الجنيه بالنسبة للعملات الأجنبية، إذا فالجوهر هو معالجة قطاعات الصناعة والزراعة والكهرباء والطاقة لأنها تعد العمود الفقري الذي يجعل الاقتصاد متماسكًا".
وأردف عبدالخالق: "أما الحديث عن واردتنا من الغذاء التي تصل من 60% إلى 65% على الرغم من أن مستلزمات التشغيل الصناعي تستورد بنفس المعدل، معناه أن قدرتنا على إدراة مواردنا الذاتية تقل لصالح تأثير العوامل الخارجية، وبالتالي سوف يظل تدهور الجنيه المصري".
أرسل تعليقك