مضت 4 أعوام على توقيف هنيبعل القذّافي لدى فرع المعلومات بجريمة «حجب المعلومات» في قضيّة إخفاء الإمام السيّد موسى الصدر في مقامٍ آخر ثمّة أوساط تشير إلى وجود متّهمين في قضيّة حجب المعلومات عن ظروف توقيف القذّافي الابن إلى جانب تفاصيل أخرى مخالفة لمبدأ التوقيف من أصله.
خلال المدّة الأخيرة، تحوّل توقيف القذّافي من قضيّة لبنانيّة مرتبطة بمسار التحقيقات بقضيّة إخفاء الإمام الصدر، إلى قضيّة دوليّة بامتياز، إذا يشير أكثر من مصدر إلى دخول روسي «زَخِم» إلى تفاصيل الملف، إلى جانب حضور دولي طارئ عبر مؤسّسات تُعنى بحقوق الإنسان.
حين أذاعَ وزير العدل السابق سليم جريصاتي الذي هو بالمناسبة قاضٍ سابق، مطالعة حيال توقيف القذّافي ذكراً وجود مؤسّسات دوليّة تدخّلت لمعرفة تفاصيل حول مسار القضيّة وظروف التوقيف، ثار غضب جهة تريد من تسويف مسألة هنيبعل الإبقاء على الاستثمار السياسي في قضيّة الصدر، فأخذوا يحملون على الوزير سياسيّاً، ما أوجبَ عليه أمام ردّات الفعل الساخنة تهدئة أقواله والالتفاف عليها لاحقاً.
أقرأ أيضا :السلطات الليبية تفرج عن أهم المسؤولين في نظام معمر القذافي ويُرحّل الى تونس
عمليّة الابتزاز لم تنتهِ عند حدود تهديد وزير العدل بل طاولت كل المجالات التي ارتبطت بالقضيّة، إذ يتردّد أنّ حملة ترهيب وتهديد تطال الصحافيين الذين نجحوا في الوصول إلى «طرف خيط» يصلهم بالعالم الآخر حيث يتواجد هنيبعل، هؤلاء وصلتهم رسائل مشفّرة عبر وسائل الإعلام التي يعملون فيها، خلاصتها «منع تقديم أي خبر يتعلق بهنيبعل» من دون مروره إلى هيئة الرقابة الداخليّة لدى المؤسّسات للاطلاع على المحتوى واختيار ما لذ وطاب منه، أو بعبارة أدق «ما لا يزعج البعض»، هذا التصرّف تؤكّده جملة مقابلات أجريت مع الوكيلة القانونيّة للقذّافي، الناشطة الحقوقيّة الّليبيّة ريم الدَبري.
وبعيداً عن عمليّة الابتزاز، يرصد وجود نشاط روسي بإتجاه الملف، وبعض المصادر الدبلوماسيّة الخاصة بـ«ليبانون ديبايت» تشير إلى وجود «نيّة روسيّة حاسمة للتدخّل» سعياً لاماطة اللّثام عن القضيّة ما يؤدّي إلى غرض وحيد هو إخلاء سبيل القذّافي.
وعلى سبيل الإضاءة على جانب من التحرّك الروسي، تذكر المصادر الدبلوماسيّة أنّ «موسكو وجدت أنّ إطالة أمد التوقيف من دون وجود أدلّة دامغة تشير إلى علاقة واضحة لهنيبعل القذّافي بقضيّة الإمام موسى الصدر، تدل إلى وجود خلفيّات سياسيّة تتحكّم بالقضيّة، وتبعاً لذلك، وجدت موسكو أنها معنية لعدّة إعتبارات.
إلى جانب ذلك، ثمّة مسعى سوري قديم جديد، يُطرح على قاعدة إعادة هنيبعل إلى دمشق، الذي هو بالمناسبة حظى باللجوء السياسي فيها، لكن هناك أمر يمنع وصول الطرح السوري إلى دائرة الأمان يتّصل بغياب التوافق عليه مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، الذي ما زال عند رفضه للطلبات السوريّة لاسترجاعه، ما كان سبباً في توتير العلاقة بين الجانبين قبل فترة وانعكاس ذلك على درجة نشاط السفير السوري تجاه عين التينة، ما أدّى إلى قطع الطريق على الطلبات السوريّة. من هنا، حضرَ المسعى الروسي كمحور بديل.
الروس يرتكزون في تحرّكهم إلى توفر جملة أمور تتّصل بغياب الدليل عن ضلوع هنيبعل في أيٍ من الجرائم المنسوبة إليه، إلى جانب مسعاهم الدبلوماسي، ثمّة مسعى سياسي آخر يحضر من خلال التواصل مع أصحاب الشأن المعنيين الرئيسيين سياسيّاً بملف القذّافي، لكون موسكو تجده ملفّاً سياسيّاً غير قضائي، وبالتالي يتوجّب حلّه بالأطر السياسيّة.
وتؤكّد معلومات دبلوماسيّة خاصة بـ«ليبانون ديبايت» حصول اجتماع بين وفد روسي معني بقضيّة القذّافي والرئيس برّي، عُقِدَ منذ فترة ليست ببعيدة.
ومع الاشارة إلى أنّ الاجتماع ابقي سريّاً وبعيداً عن الإعلام، لم تخرج عنه أي معلومات محدّدة تشير إلى الطريق الذي ستسلكه القضيّة، لكّن جانب متابع يؤكّد أنّ الاجتماع لم يواكب بأي ود من طرف فريق برّي الذي يرفض إلى الآن أي نوع من أنواع الوساطة في القضيّة التي يُنظر إليها على أنها «نوع من التدخل بمسألة سياديّة» ما يُعرّض برّي إلى تزاحم المشكلات مع الروس الذين عبّروا عن انزعاجهم من عمليّة التسويف وتجاهل طلباتهم.
وليس بعيداً عن هذا الجو، سعت منذ فترة مؤسّسات حقوقيّة دوليّة إلى محاولة تأمين مواعيد مع الرئيس برّي بغرض مفاتحته بالملف، لكّن الأخير تعاطى معها بشكلٍ سلبي، شأنها شأن الطلب المتكرّر المقدّم من قبل الوكيلة القانونيّة للقذّافي، ريم الدبري، التي حاولت مراراً تسجيل موعد لكنّها قوبلت بالرفض أيضاً.
معلومات «ليبانون ديبايت» تشير إلى عدم وجود رغبة لدى برّي بلقاء «الدبري»، خاصة وأنّه ينظر إليها على أساس أنّها إبنة مسؤول ليبي سابق برتبة ضابط أمني وليست وكيلة قانونيّة لهنيبعل فقط، أي ينظر إليها كطرف.
من هنا تلجأ الدبري إلى اعتماد أكثر من وسيلة من أجل تأمين موعد مع برّي بغية اسماعه وجهة نظرها بمسألة التوقيف. وما دام اللقاء ليس في المتناول، انكبّت قبل فترة وفق معلومات «ليبانون ديبايت» على إعداد جدول بأسماء شخصيّات سياسيّة لبنانيّة من أجل تأمين مواعيد معها بغية تقديم وجهة نظر القانون حيال قضيّة هنيبعل، والهدف من وراء ذلك إيصال الصوت، ثم محاولة ايجاد حل لقضيّة التوقيف التي تعتبرها «تعسّفيّة».
وعبر «ليبانون ديبايت»، ناشدت الدَبري الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، التدخّل لايجاد حلّ لقضيّة موكّلها من باب «أنّ الظلم لا يقبله لا دين ولا قانون»، إلى جانب احتمال مساهمته في تأمين موعد مع برّي.
هنا تحضر أكثر من علامة تدل إلى عدم وجود رغبة للاسراع في القضيّة، حيث تطرح الدَبري مجموعة علامات تسعى من خلالها إلى تأكيد وجود تدخّلات سياسيّة تأتي على شكل ضغوطات على القضاء لمنع من إتمام مهامه.
إلى جانب ذلك، لا تخفي إشارتها إلى وجود شعور لديها مستند إلى الأسلوب «الفج» في التعامل معها، يعطي تصوّراً أنّ حياتها مهدّدة في حال استكملت العمل على قضية «هنيبعل».
من هنا، تجد نفسها معنيّة بالاستمرار في ما هي فيه، لا بل تفيد «ليبانون ديبايت» أنّها في صدد إجراء ملاحقات قانونيّة ضد الأشخاص المتورّطين في «اعتقال هنيبعل القذّافي» عبر اللجوء إلى رفع دعاوى قانونيّة عبر فريق من المحامين أمام المراجع الدوليّة المختصّة، تطال الجهات التي تستمر في عمليّة التوقيف دون سند قانوني دامغ، والأشخاص الذين تورّطوا في عمليّة الاختطاف التي أدّت لاحقاً إلى حجز حرّية هنيبعل القذّافي.
ومن خلال ذلك تسعى الدَبري أولاً إلى تدويل قضيّة هنيبعل كمقدّمة لتأمين افراج فوري وغير مشروط عنه، يتم من خلال كف يد القضاة الذين يتولّون القضيّة، خاصة وأنّ أحدهم دخل في مشكل شخصي مع هنيبعل ما يوجب قانوناً كف يده عن الملف، وفي درجة ثانية السعي خلف مقاضاة القضاء اللبناني بتهم تصل إلى حجز الحرّية من خلال سوء استخدام السلطة.
قد يهمك أيضاً :
مذكِّرة تفاهم بين وزارتي العدل في ليبيا ولبنان لإزالة رواسب النظام السابق
الليبيون يواصلون انقسامهم بشأن "انتفاضة فبراير" بعد 8 سنوات من إسقاط القذافي
أرسل تعليقك