منذ بدء هجوم كبير من قبل نظام الأسد في جنوب غرب سورية يوجد آلاف السوريين في حالة فرار. هؤلاء هربوا في اتجاه الأردن ومرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل، غير أن كلا البلدين أغلقا الحدود في وجه الهاربين من جحيم الحرب.
يقع الجزء السوري من مرتفعات الجولان على بعد بضع كيلومترات فقط من هنا. وراء أسلاك شوكية وسياج مرتفع يمتد خط وقف إطلاق النار الذي يخترق الطبيعة الوعرة فوق مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل. من هنا يمكن مشاهدة خيم وأغطية بلاستيكية. دودي حدار يأتي يوميا تقريبا إلى هذا المكان مصحوبا بآلته المصورة وينظر إلى الجانب الآخر. "منذ ثلاث سنوات نشاهد لاجئين يأتون إلى هنا". لكن في الأيام الأخيرة ارتفع عدد الخيم بشكل واضح، يقول حدار الذي يعيش منذ سنوات كثيرة في الجولان المحتل من قبل إسرائيل. يأتي حدار في الغالب مع زوار إلى هذا المكان لتبيان أن كل شيء قريب من بعضه البعض.
يمكن لنا الآن على الجانب السوري مشاهدة أشخاص يقيمون مساكن مؤقتة حول قرية بريقة. ويمكن سماع تفجيرات تحصل من بعيد، إنها هجمات حلفاء الأسد من الجو. وفي كل لحظة يصعد دخان أسود إلى الأفق.
حوالي 270.000 سوري، حسب تقديرات هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة يهربون هذه الأيام من جحيم الحرب. منذ منتصف يونيو/ حزيران تشن وحدات الأسد وحلفاؤها جهوما واسعا ضد مدينة درعا التي انطلقت فيها الانتفاضة ضد الدكتاتور بشار الأسد في 2011. وحسب التقارير الإعلامية يبدو أن الجيش السوري المدعوم من طرف روسيا وإيران استولى على نصف المنطقة.
وتستمر المعارك رغم أن المنطقة تقع فيما يسمى "منطقة خفض التصعيد" التي تم الاتفاق عليها السنة الماضية بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن. والآن يبحث الناس عن الحماية بالقرب من الحدود الأردنية وبالقرب من الجزء الذي تحتله إسرائيل من مرتفعات الجولان.
حدود مغلقة
لكن مسيرتهم تتوقف هنا، لأن كل من البلدين أي إسرائيل وسورية يبقيان على حدود مغلقة. أما البلد الصغير الأردن الذي سبق له استقبال مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، فقد أعلن بأنه لن يستقبل لاجئين إضافيين. في هذه الأثناء قامت السلطات الأردنية بإرسال مساعدات طبية إلى العالقين على طرفي الحدود مع سوريا.
على غير ذلك لم تستقبل إسرائيل أي لاجئين منذ بداية الحرب الأهلية ، إلا أنها ومنذ خمس سنوات تقدم الرعاية الصحية لجرحى الحرب في مستشفيات إسرائيلية إلى جانب تقديم مساعدة إنسانية على الجانب الآخر. والسوريون الذين يأتون إلى المنطقة يأملون على ما يبدو في أن القرب من إسرائيل سيوفر لهم الحماية بحيث لا يمكن لوحدات الأسد أن تقوم هناك بالقصف على نطاق كبير. إلا أن المنطقة ليست منطقة عازلة رسمية، حسب متحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
وضع الناس شرقي السياج صعب للغاية، كما تحذر منظمات إغاثة. "هم في وضع يائس وينقص كل شيء"، كما تقول غال لوسكي، التي قامت بتأسيس المنظمة الإسرائيلية "معونة إسرائيل المتحركة/ Israel Flying Aid" مضيفة: "لا توجد مساكن كافية ولا ماء ولا طعام والناس يجب عليهم إيجاد مكان يمنحهم الأمان".
تتعاون المنظمة بشكل وثيق مع الجيش الإسرائيلي، لأن المتطوعين الإسرائيليين لا يمكن لهم الانتقال إلى الجانب الآخر. منذ 2013 قدمت إسرائيل المساعدة الطبية للآلاف من جرحى الحرب السوريين داخل مستشفيات إسرائيلية وأخرى ميدانية. وتقدم بعثة "الجار الجيد" بالإضافة إلى ذلك مساعدات إنسانية على الأراضي السورية.
يوم الجمعة الفائت 29 يونيو/ حزيران/ 2018 أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نقل 300 خيمة وأطنانا من المواد الغذائية والأدوية والملابس أثناء الليل إلى الجانب الآخر. وأفاد الجيش أن "آلاف المدنيين السوريين الذين فروا من عمليات القتال يعيشون هنا في ظروف صعبة بالقرب من الحدود الإسرائيلية، بدون إمدادات بالكهرباء والماء والطعام وأشياء أخرى ضرورية". كما تم استقبال جرحى سوريين في مستشفيات إسرائيلية. لكن بصفة عامة لن يتم استقبال لاجئين. "سنواصل الدفاع عن حدودنا"، حسب قول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وفي الوقت نفسه "سيتم توفير المساعدة الإنسانية إذا أمكن". لكن لن يُفتح المجال لدخول إسرائيل.
الوضع بعد عمليات القتال
تنظر حكومة إسرائيل بوجه خاص إلى السيناريوهات الممكنة بعد المعارك في محافظة درعا. وتم التأكيد في كل مرة على أن الجهود تُبذل لمنع حلفاء الأسد، إيران وميليشيا حزب الله اللبنانية من التمركز بالقرب من المنطقة الحدودية.
أرسل تعليقك