السويس - مصر اليوم
بعد عام ونصف العام، لا تزال دماء "يارا" على جنبات القبر تذّكر كل من حضر بمن انتهك جلالة القبور سفكًا بدماء صغيرة بريئة لم ترتكب بعد من آثام البشر ما يلوث إنسانيتها.
مقابر الروض الجديد
كانت مقابر السويس قديمًا في القطاع الغربي لحي الأربعين، إلى أنه بعد امتلائها ووصول المياه الجوفية قبل 18 عامًا لبعض مناماتها ظهرت الحاجة إلى تخصيص موقع جديد للمقابر. حينها وقع الاختيار على مساحة فضاء في منطقة سهلية متاخمة لطريق "السويس - القاهرة"، تمتد بعمق 3 كيلومترات في اتجاه جبل عتاقة، وأكثر من كيلومترين بطول الطريق، وتبعد عن الكتلة السكنية مسافة 5 كيلومترات أخرى.
حكاية يارا
"كان لسه في أسر بتزور القبور، وبعد ما خلصت دفن أحد المتوفيين، والأهالي بدأت تمشي صرخ عيل صغير: (عفريت عفريت) لما شاف البنت لسه صاحية"؛ يروي سعيد التربي، أحد الذين حضروا لحظة العثور على "يارا"، ويضيف لمصراوي - وهو يشير إلى موقع العثور على الطفلة الضحية: "وجدناها هنا بالداخل مغطاة بكيس من البلاستيك وأغلب جسدها محروق ومغطي بدمائها وأثار نهش الكلاب التي هاجمتها".
داخل منامة القبر كانت لا تزال آثار الدماء على الجدران وحجارة الأرضية والسقف. أمسك التربي بحجر تكسوه هذه الآثار، وقال "ظل يضربها بهذا الحجر على رأسها حتى تطايرت الدماء ووصلت لسقف المنامة"، مضيفًا وهو يشير إلى إحدى الزجاجات المكسورة بالداخل: "كان فيها ماء نار القاتل أجبرها على أن تشرب منها، وسكب المتبقي على جسدها لتشويه ملامحها ثم اغتصبها. كان يظن أن ذلك سيوهم الشرطة إذا عثرت عليها أن الواقعة جريمة جنسية".
"رغم ما لاقته الطفلة من تعذيب وآلام ناتجة عنه فضلاً عن قضاء ليلتين تصارع الكلاب التي تنهش جسدها، ظلت حية حتى نقلتها الإسعاف وقبل وفاتها بدقائق أخبرت الشرطة بأن سيد وزوجته خطفاها قبل أشهر وجعلاها تعمل في الخدمة" يحكي التربي عما علمه عن الطفلة، ويضيف: "لما قرروا التخلص منها دخلوا المقابر ليلاً من عند السكة الحديد، مستغلين أن مقابر الروض لها عدة مداخل غير مؤمنة، وبعض مناطقها دون سور، والأهالي لا يعرفون إلا الباب الرئيس الذي يدخلون منه".
ملفات القضية
وتشير ملفات القضية إلى اعترافات الجاني، الذي روى خلال التحقيقات معه، كيف ارتكب وزوجته عملية خطف الطفلة يارا من أسرتها بالقليوبية قبل 7 أشهر من مقتلها، بعد أن علمنا أنها تركت منزلها على إثر انفصال والدها ووالدتها، وأنهما انتقلا بها إلى سيدة تعيش في القاهرة لتعمل لديها خادمة.
وأضاف أنه خلال أيام قبل الواقعة اتصلت السيدة وطلبت منه القدوم لأخذ الطفلة لأنها ستذهب إلى العمرة، فانتابه القلق من أن ينكشف أمر اختطافه الطفلة فقرر وزوجته قتلها. وعن تفاصيل جريمتهم، قال المتهم: "جئنا إلى مقبرة والدتي في المقابر الجديدة بالسويس، واغتصبت الفتاة بمساعدة زوجتى حتى تظهر الجريمة أنها اغتصاب ثم ألقيت ماء النار عليها من أجل إخفاء معالمها وتركناها أنا وزوجتي وهربنا".
وفي مارس الماضي، قضت محكمة جنايات السويس برئاسة القاضي الدكتور محمد جمال الدين حجازي، وعضوية المستشارين إيهاب حكيم منير وأحمد غنيم حامد، بإحالة القاتلين إلى المفتي ونُفذ فيهما حكم الإعدام قضاء لما ارتكبا من جريمة فاقت كل أوصافها.
أرسل تعليقك