واشنطن ـ وكالات
* في مطلع «أوز العظيم والقوي» يلقي المخرج سام رايمي (المعروف بأفلام «سبايدر مان» الأولى) تحية على فيلم «ساحر أوز» الذي حققه فيكتور فليمنغ سنة 1939 سابقا لفيلمه الأشهر «ذهب مع الريح»، ولو أن الفيلمين (من إنتاج «مترو – غولدوين – ماير») عرضا متوالين في عام واحد. التحية التي يلقيها رايمي على الفيلم السابق هي تخصيص نحو عشرين دقيقة أولى من الفيلم لأحداث تدور بالأبيض والأسود وعرضها بحجم أفلام ذلك الحين (مقاس 35 مم). خلال تلك الدقائق العشر نتعرف على أوز (جيمس فرانكو) وهو يمارس ألاعيبه في سيرك المدينة. وألاعيبه تلك إيهام الفتاة التي ستشترك في التمثيل معه على المسرح بأنه يحبها مبرهنا على ذلك بإهدائها صندوقا صغيرا ما إن تفتحه حتى تتحرك لعبة تظهر اثنين يرقصان على أنغام موسيقية. ألاعيبه أيضا تتضمن تمثيل حيل سحرية وخدع من تلك التي تستهوي العامة.
فجأة رجل ضخم يمضي أيامه يتمرن على قطع السلاسل الحديدية بقوته البدنية يهاجمه، ولا يجد أوز بدا من اللجوء إلى منطاد يهرب به. يرتفع المنطاد ويدخل عين زوبعة. يعتقد أوز أنه سيموت فيدعو الله أنه إذا ما بقي حيا فسوف يؤم فعل الخير. يحط المنطاد في أرض غريبة (هي التي تكمن في شق زمني وجغرافي شبيه بذلك الذي في «ساحر أوز» وسلسلة «هاري بوتر») فإذا بالفيلم يصبح بالألوان ويعتدل حجم الصورة على الشاشة فيصبح عريضا، بل وبالأبعاد الثلاثة. وراء الكاميرا يواصل سام رايمي عمله بكاميرا ديجيتال وبزخم من المؤثرات والخدع البصرية.
في نهاية الفيلم تبرز كلمة «النهاية» تماما كما كانت نهايات الأفلام الأولى قبل أن تحتلها قوائم بالعاملين من المخرج وحتى سائقي السيارات أو حاملي المعدات. تلك البداية وهذه النهاية تحسبان لحب المخرج للسينما الأولى، لكن أحدا كان عليه إخباره بأنهما لا تكفيان لمنح الفيلم أي إجادة فعلية على الرغم من أن «أوز العظيم والقوي» لديه نصف ساعة أول مذهل وجيد الكتابة، ثم ساعة ونصف بعد ذلك مجهدة تغير على المتوقع والمتكرر من التقليدي وتمارسه.
يقبل أوز الدفاع عن شعب ضعيف في مقابل ما وُعد به من ذهب أولا، ثم رغبة منه في فعل الخير لاحقا. هذا التحول مساق على نحو معروف لكنه ضائع هنا في بحر من الكومبيوتر غرافيكس التي صنعت كل شيء: السماء والأرض والأجواء والوحوش والمخلوقات الغريبة والحروب وبعض أفعال ثلاث نساء هن تيودورا (ميلا كونيس) التي تنتقل من الحب إلى الكره وشقيقتها إيفانورا (راشيل فايز) الساحرة الشريرة التي تخدع أختها وغليندا (ميشيل ويليامز) التي تحافظ على طهارتها والتي يدافع أوز عن مملكتها. أما وقد تظاهر بأنه الساحر النابغة فقد بات عليه قبول دور البطل الذي سيهزم الأعداء من دون إراقة الدم. المهمة صعبة وتدفع بأوز للاعتراف لغليندا بأنه ليس الساحر العظيم كما ادعى، بل مجرد رجل ضعيف وجبان. لكن إذ تذكر توماس اديسون كمبتكر للسينما فإنه عمد إلى الخدع البصرية الناتجة عن الإيهام بالصورة وهزم تحالف إيفانورا وتيودورا وجيشهما من القردة الطائرة.
كان القائمون فكروا في الممثل روبرت داوني جونيور لدور البطولة، لكن لسبب غير معلوم تم التوجه إلى جيمس فرانكو الذي هو جيد إنما في اتجاه واحد لا يختلف. الشخصية المكتوبة في أربعة عشر كتابا (وضعها ل. فرانك بوم في مطلع القرن الماضي) تتطلب ممثلا يجيد مهارة الابتكار من الداخل. جيمس ليس من هذا النوع. لكن أكثر ما يؤثر سلبا هنا هو مقارنة هذا الفيلم بذاك الكلاسيكي الذي حققه فليمنغ. ذلك الفيلم الذي تكلف أقل من ثلاثة ملايين دولار (مقابل 200 أو 215 مليون دولار في بعض المصادر) خلا من أي مؤثرات تقنية لكن الصياغة الفنية برمتها، بما فيها الأجواء الغرائبية، كانت أفضل نتاجا مما ذهب إليه هذا الفيلم. ما تنجح به المؤثرات هنا هو تورية حكاية هشة.
* توفي المؤلف ل. فرانك بوم عن 62 سنة، وذلك في عام 1919، لكن السينما استوحت أعماله من عام 1910. الشهرة التي حققها بوم نتجت عن سلسلة أوز التي بدأها برواية «عالم ساحر أوز الرائع»، وهو على الرغم من أنه كتب 55 رواية في المجموع و83 قصة قصيرة فإن سلسلة أوز هي وحدها التي نالت الشهرة الأوسع والأكبر حجما. «ساحر أوز» (التي هي أشهر الاقتباسات السينمائية قاطبة) أنتجت أول مرة سنة 1925 (إخراج لاري سامون) والثانية هي التي ما زالت أفضل اقتباس إلى اليوم وحققها فيكتور فليمنغ سنة 1939.
أرسل تعليقك