القاهرة- إسلام عبد الحميد
استغلال القمامة استغلالًا صحيحًا، يصب في صالح العديد من دول العالم المتقدمة من خلال إعادة تدويرها واستخراج الطاقة من مخلفاتها العضوية، بما يمثله ذلك الاستغلال من قيمة إلى الاقتصاد، ويعتبره الكثيرون كنزًا من العوائد الاقتصادية الكبيرة، ويشير تقرير صادر عن وزاره البيئة، أن قمامة مصر تقدر بـ70 مليون طن سنويًا و22 مليار طن تراكمات قديمة، وأوضح التقرير أن حجم القمامة اليومية يصل إلى 47 ألف طن، ويبلغ نصيب القاهرة الكبرى بمفردها 19 ألف طن يوميًا، والتي تعد من أغنى أنواع القمامة في العالم، كما يؤكد ذلك المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث يصل سعر الطن الواحد إلى 6 آلاف جنيه لما يحتويه من مكونات مهمة تقوم عليها صناعات تحويلية كثيرة، كما أن مصر تنفق حوالي 24 مليار جنيه سنويا على كلفه التدهور البيئي، ويمكن للطن الواحد أن يوفر فرص عمل لـ 8 أفراد على الأقل.
مما يعني انه يتيح توفير 120 ألف فرصة عمل من خلال عمليات الفرز والجمع والتصنيع، وأشار تقرير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في دراسة أعدتها وأشرفت عليها الدكتورة نجوى خليل، مديرة المركز حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لجامعي القمامة بأرض اللواء أن حجم القمامة في كل المدن المصرية، يتزايد بشكل كبير عاما بعد عام، خاصة مع تزايد السكان، وأن ما يتم رفعه منها لا يزيد على النصف، مشيرًة إلى أن حجم القمامة في مصر سيصل إلى 30.2 مليون طن بنهاية 2016، بعد أن بلغ عام2001 نحو 15 مليون طن.
وأشار المركز إلى أن هذه الكميات من القمامة، تحتوي على مواد عضوية وصلبة، يمكن أن توفر لمصر 9 ملايين طن من السماد العضوي عن طريق تدوير القمامة لزراعة مليوني فدان ترتفع إلى 14,5 مليون طن عام 2016 ، وانتاج 3 ملايين طن ورقا، و 348 طن زجاج، و 336 ألف طن حديد، مؤكدًا أنه يمكن الاستفادة بالقمامة في صناعه أعلاف الماشية وهو ما يعني-وفق التحليل الرقمي- تحقيق عائد قدره مليار جنيه، وتشغيل 250 ألف شاب وفتاة ورفع المستوى الصحي، وتجنب أمراض خطيرة، تكلف وزارة الصحة 600 مليون جنيه سنويا.
وأكد الأمين العام السابق للاتحاد العربي للشباب والبيئة، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، الدكتور مجدي علام، أنه لا توجد مدافن صحية في مصر مطابقة للمواصفات البيئية الصحية السليمة، وذلك لعدم وجود وعي بيئي مناسب يساعد على التخلص السليم من القمامة.
وأرجع علام ذلك إلى انتشار المقالب العشوائية داخل الكتل السكنية، وهي تمثل خطرا علي المياه الجوفية، لأن القمامة تتراكم بكميات كبيرة وينتج عنها أوبئة وأمراض ثم تتشربها التربة، مما يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية.
وأضاف أن هناك العديد من المشاريع، التي ابتكرها علماء مصريون ومتخصصون في تدوير القمامة، تؤكد أهمية تعظيم هذه الصناعة في المستقبل، فالقمامة ليست مشكلة، ولكن الأزمة تكمن في غياب الوعي بكنز وقيمة اسمها "زبالة مصر" فوفقا لعاملين بها فإن القمامة من الممكن أن تولد الكهرباء، وتنتج الأسمدة العضوية، التي تفيد الأرض وتوفر فرص العمل للشباب.
وأوضح رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، والخبير الاقتصادي، الدكتور عادل عامر، أنه في الدول المتقدمة يستفاد من القمامة في تنمية بعض الصناعات، وبذلك تقل كثيرًا الكميات التي ستتراكم من القمامة، والتي ينبغي التخلص منها في المقالب، فضلًا عن الفوائد التي ستعود على الاقتصاد القومي من نواتج استخدام وتدوير تلك المخلفات، وأصبحت عملية تدوير النفايات المنزلية وإعادة استخدامها من الممارسات المقبولة في عديد من الدول.
وقال الخبير البيئي، الدكتور محمد الزرقا، إن منظومة إدارة المخلفات تُعد منظومة متكاملة بداية من توليدها، موضحًا أن هناك مخلفات منزلية وصناعية وزراعية وغيرها، وأن المخلفات المنزلية معظمها مواد عضوية ومنها بقايا الخضروات الفاكهة والطعام، وهناك مخلفات الورق والبلاستيك والزجاجات، بالإضافة إلى وجود مخلفات خطرة وهي بقايا الأدوية والدهانات والمبيدات الحشرية والإلكترونيات والأجهزة الكهربائية التالفة، وطالب الزرقا بضرورة ترشيد الاستهلاك مما يؤدي إلى تقليل حجم المخلفات، وضرورة تخطيط المواطنين وترشيد الاستهلاك وعمليات الشراء فوق الحاجة مما يتسبب في زيادة حجم المخلفات الناتجة عنهم.
كما طالب الزرقا بفصل النفايات الخطرة من المنبع وعدم خلطها بالنفايات غير الخطرة، ومعالجة النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها داخل المصنع كلما أمكن أو في محطات معالجة مركزية قريبة في المناطق الصناعية، وتشجيع القطاع الخاص علي المشاركة, ووجود تنظيم مؤسسي يضمن الالتزام بالتشريعات البيئية وتوحيد مفهوم الإدارة السليمة بيئيا للنفايات الخطرة لدى جميع العاملين بالمنشأة وتوعيتهم, ووجود برامج بحثية لتطوير التقنيات المستخدمة للوصول إلي أنسب تقنية للحد من التلوث وإعادة التدوير والتخلص الآمن، وأشار إلى أن لديه تحفظ من تحويل القمامة إلى كنز، موضحًا أنه استثمار غير جيد ولكنه دور الدولة في الحد من تلوث البيئة والمحافظة عليها بالإضافة إلى وجود عائد مادي ولكنه ليس مربح بالشكل الكبير.
أرسل تعليقك