القاهرة – وفاء لطفي
تزايدت مخاوف الحكومة المصرية، من الآثار التي ستنجم نتيجة للتغيرات المناخية، وما سيحدث في المحافظات البحرية والتي تتعرض بشكل سنوي لسيول وخسائر طائلة ومنها محافظتي الاسكندرية والبحيرة، خاصة وأن سيول العام الماضي تسببت في تلف أكثر من 50 ألف فدان في البحيرة وشلل تام في مناحي الحياة في محافظة الإسكندرية وخسائر هائلة في الأرواح.
وامتدت المخاوف أيضا إلى تأثير تلك التغيرات على محافظات الصعيد بسبب ما ستتلفه التغيرات المناخية في الانتاج الزراعي، الأمر الذي دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتشديد توجيهاته للحكومة، لوضخ خطة وتنفيذها من أجل إنقاذ المحافظات البحرية من الغرق، والحفاظ على الانتاج الزراعي في محافظات الصعيد بفعل التغيرات المناخية، وبالأخص قبل دخول موسم الشتاء المقبل.
"مصر اليوم" تواصلت مع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السابق الدكتور عادل البلتاجي، والذي أكد أن قضية التغيرات المناخية تحظى باهتمام عالمي لما لها من آثار سلبية على الامن الغذائي، مؤكدا أن مصر تقدمت إلى صندوق الأقلمة المناخية من خلال برنامج الاغذية العالمي لتمويل مشروع نظم الأمن الغذائي في صعيد مصر وذلك بهدف تنفيذ مجموعة من الاليات من شأنها الحد من أثر التقلبات الجوية والتغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي.
وأكد وزير الموارد المائية والري، أن الوزارة وضعت خطة بالتعاون مع الجهات المعنية، لإحداث تعديلات في اتجاهات بعض المصارف الزراعية وإحلال وتجديد محطات رفع المياه وتعميق المجاري المائية بتكلفة بلغت مليار جنيه تم تدبيرها من صندوق تحيا مصر بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي. ونوه وزير الري، إلى أن خطة الإنقاذ مستمرة حتى نهاية العام الحالي من خلال طرح المناقصات، لإنشاء محطات رفع مياه جديدة ستقوم الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنفيذها لسرعة الإنجاز، معلنا عن 30 إجراء هندسي آخر تم البدء في بعض منها، مؤكدا أن تلك الاجراءات هدفها حماية أكثر من 2 مليون فدان من الغرق في محافظتي الاسكندرية والبحيرة مع حلول فصل الشتاء المقبل، مؤكداً أن غرق الإسكندرية والبحيرة لن يتكرر مرة أخرى.
وأشار عادل البلتاجي، إلى أن الجهات المعنية في الدولة لابد لها أن تكثف جهودها لبناء آليات مستدامة للتصدي للآثار السلبية للتغيرات المناخية من خلال الوعى المجتمعي بقضايا التغيرات المناخية وكيفية مواجهة المخاطر الناجمة عنها. وكشف أستاذ علوم البيئة ورئيس الاتحاد النوعي للجمعيات العاملة في مجال البيئةالدكتور وحيد إمام عن إجراء الاتحاد دراسة حول تأثيرات التغيرات المناخية على جودة الحياة٬ والقطاعات التنموية في مصر٬ وبالأخص الإنتاج الز ارعي والحيواني والسمكي والمياه والصحة، موضحا أن الدراسة استهدفت محافظات بور سعيد والإسكندرية ومرسى مطروح وكفر الشيخ والدقهلية والمنيا وسوهاج والبحر الأحمر، مؤكدا أن النتائج دلت على وجود آثار سلبية ممثلة في غمر المياه المالحة للبحر المتوسط لعدد من المناطق المنخفضة بطول ساحل المتوسط من بورسعيد حتى السلوم، وكذلك بعض المناطق على البحر الأحمر، إلى جانب تملح الأراضي والمياه الجوفية في هذه المناطق، والتهديد بفقد الكثير من المنشآت السياحية، وتهديد الشواطئ والنظم الإيكولوجية التي تمثل عصب السياحة البيئية، وأيضاً نشوء أضرار جسيمة عن تصريف المخلفات السائلة ومياه الأمطار في مياه البحر، بالنسبة للمحافظات الساحلية.
وأشار رئيس الاتحاد في تصريحات خاصه له مع "مصر اليوم" أن الدراسة توقعت تأثر الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي سلباً بسبب ارتفاع مستويات درجات الحرارة وزيادة عدد الموجات الحارة الأمر الذي سيكون له مردود اقتصادي سلبي على المزارعين والمستهلكين والاقتصاد المصري بصفة عامة. ونوه أستاذ علوم البيئة الدكتور وحيد إمام، إلى ملامح التهديد جراء التغيرات المناخية، كاشفا عن وجود تهديد لسكان المحافظات بازدياد معدلات الفقر نظرا لندرة الأراضي الخصبة الصالحة لمشروعات الإنتاج الزراعي، وقلة مصادر المياه، وفى ظل غياب موضوعية توزيع الأراضي فإن الأمن الغذائي مهدد بقوة.
وأوضح الدكتور وحيد إمام، أن هناك عدة وسائل للحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية من خلال عمليات التكيف مع ارتفاع مستوى سطح البحر، عبر خيارات تراعي التوازن مع القيم الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية، وتشمل استراتيجيات للحماية بإقامة الحوائط والسدود، واستعادة الكثبان الرملية، وتهيئة الأراضي الرطبة، وأكواد جديدة لأماكن السكن، لحماية السياحة الشاطئية المهددة نتيجة ارتفاع منسوب البحر، والنحر الساحلي، وضربات الفيضانات المفاجئة.
وشددالدكتور وحيد إمام، في تصريحاته إلى "مصر اليوم" على أهمية حماية النظم الإيكولوجية المهددة، والتخطيط للتنمية الساحلية المستقبلية؛ خصوصا في الأماكن التي ثبتت حساسيتها تجاه التغيرات، وبحث السماح للأراضي الرطبة خاصة بحيرة المنزلة للتحرك إلى الداخل، وتبنى استجابات أخرى كتطهير الموانئ، وتعزيز إدارة مصائد الأسماك، وتحسين معايير التصميم للهياكل البحرية.
أرسل تعليقك