لندن ـ كاتيا حداد
لقي تعيين الناشطة ونجمة هوليود أنجلينا جولي في وظيفة التدريس في مدرسة لندن للاقتصاد ردود فعل مختلفة ، حيث طالب المراهقون ببعض الدروس الخاصة من الأستاذة الجامعية ثم جاء الساخرون على تويتر مشيرين إلى أنها أختيرت بواسطة مؤسسة نخبوية بسبب عملها الإنساني وتسجيلها الصوتي في فيلم "كونغفو باندا"، وبدأ بعض المثقفين البريطانيين الهجوم بعد اختيار جولي لتولي دور الزائر في إحدى مؤسسات التعليم العالي الدولية قائلين " لا تزال عبادة المشاهير في ازدهار" و " مهزلة لأولئك الذين يقدرون التعليم" و " مثل هذه الأشياء تقلل من قيمة الأكاديميين".
وأفاد مايلز غوسليت الذي يكتب لدى هيت ستريت أن " إنه شئ مخيّب للآمال وحيلة تسويقية بائسة، السيدة جولي حاولت في إحدى المرات أن تصبح مديرة للجنازات لكنها لم تنه الدورة"، وجاء أكثر الانتقادات غير العادلة من أولئك الذين ربطوا اختيارها لهذا المنصب بمنحها الدرجات الفخرية، وهو سلوك فقد مصداقيته في ظل حصول العديد من الشخصيات مثل روبرت موجابي على مثل هذه الجوائز، ويعتبر دور أستاذ زائر من الأدوار العريقة والمفيدة، ولكن بالنسبة لحملة التشهير تلك ربما يتوقع الشخص أنه عند إرسال ابنه أو ابنته إلى مدرسة لندن للإقتصاد فإن عليه الثقة في نجمة هوليود لتعليم العقول الشابة أدق النظريات السياسية إلا أن هذا ليس ما يحدث.
ويقتضي المنصب الجديد بأن تقوم السيدة جولي مع صديقها السياسي وزير الخارجية البريطاني السابق وليام هيج بإلقاء محاضرات في بعض الأحيان ربما مرة في العام للطلاب الذين يسعون للحصول على مؤهل الماجستير في النساء والسلام والأمن، وبالتالي ستكون جولي أستاذا" ممارسا" بالاعتماد على عملها مع الأمم المتحدة كمفاوض عالمي لمساعدة الطلاب على فهم أفضل لتأثير الحرب على النساء في العالم، ، وليس هناك شئ جديد حول هذا النوع من التعيينات في الجامعة، ففي جامعة هارفارد قام المخرج سبايك لي بدور مماثل في التسعينات حيث قام بتدريس نظرية الفيلم من ممارسته الخاصة، وكذلك يعتبر إيان رانكين روائي الجريمة استاذا" زائرا" في الكتابة الإبداعية في جامعة إيست أنجليا، حيث يقدم نصائح عملية حول الكتابة الحرفية للطموحين الذين يسيرون على خطاه.
وربما يكون الأكثر دهشة للبعض اختيار الممثلة الكوميدية روبي واكس كأستاذ زائر في التمريض للصحة النفسية في جامعة ساري عام 2015، وهي حاصلة على درجة الماجستير في العلاج المعرفي من جامعة أكسفورد لكنه اختريت لمساهمتها في الخطاب العام للصحة العقلية، وتقدم محاضرات وورش عمل أحيانا للطلاب لمشاركة خبرتها ورؤيتها حول الصحة العقلية، ويفترض أن تتحدث جولي تماما مثل واكس ورانكين للطلاب بناء على تجربتها الميدانية وما لديها من خبرة، وهي سفيرة للنوايا الحسنة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين وناشطة في مجال حقوق اللاجئين وناشطة في مجال تشويه الأعضاء التناسلية للإناث وشاركت في مؤتمرات عالمية وتحدثت عن استخدام الاغتصاب كسلاح في الحرب، وشاركت جولي قبل عامين في استضافة القمة التي استمرت 4 أيام في لندن لوضع حد للعنف الجنسي في الحروب، وناقشت أيضا القضايا الأكاديمية من الناحية العملية مع قادة العالم وخبراء السياسة على نطاق عالمي، وإن كانت جولي فعلت كل هذا وشاركت في بطولة فيلم Tomb Raider فما هو وجه الاعتراض على أن تخاطب الطلاب في مدرسة لندن؟.
ومهما كانت وجهات النظر حول مدى فعالية الأمم المتحدة واختيارها ضمن سفراء النوايا الحسنة، فإن جولي تحظى بتأثير في مجالها من حيث خبرتها مثل واكس ورانكين ولي وغيرهم من الأساتذة الزائرين أصحاب الأسماء غير المعروفة، ولا يعد الاعتراض على منصب جولي في مدرسة لندن للاقتصاد أكثر من مجرد غطرسة من هؤلاء الذين يعتزون بالمثل الأعلى الممثل في البروج العاجية، ويريدون أن تبتعد الجامعات عن التطبيق العملي للنظريات السياسية، وهذا شئ لن تخاطر به مدرسة لندن للاقتصاد.
أرسل تعليقك