توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جاء الهجوم تحديدًا من أطراف سياسية يمينية

قرار تعميم تعليم اللغة العربية في فرنسا يثير جدلًا واسعًا

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - قرار تعميم تعليم اللغة العربية في فرنسا يثير جدلًا واسعًا

وزير التربية والتعليم جان ميشال بلانكي
باريس - مصر اليوم

يقسم جدل واسع الأوساط الثقافية والسياسية الفرنسية هذه الأيام، بسبب إعلان وزير التربية والتعليم جان ميشال بلانكي نيته تعميم تعليم اللّغة العربية في المدارس من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية , وأثار القرار جدلًا واسعًا في فرنسا، وجاء الهجوم تحديدًا من أطراف سياسية يمينية، على أن كثيرًا من الشخصيات العلمية والأدبية دافعت عن اللغة العربية كلغة حية ومهمة وحق التلاميذ الفرنسيين في تعلمها.

وجاء القرار بعد نشر توصيات تقرير معهد "مونتان للبحوث والدراسات" الذي أعده الأكاديمي حكيم القروي , ويكشف التقرير أن عدد التلاميذ الذين يتعلمون اللغة العربية في المدارس الفرنسية قد انخفض إلى النصف في أقل من عشرين عامًا، وفي المقابل فإن تعليم هذه اللغة يلاقي طلبًا قويًا في المدارس الإسلامية والمساجد الخارجة في معظمها عن إطار رقابة وزارة التربية والتعليم , الإعلان الذي تحدث فيه الوزير أيضًا عن ضرورة تطوير تعليم اللّغة الصينية والروسية إلى جانب العربية والارتقاء بها للمكانة المهمة التي تستحقها كلغة أدب وثقافة، لقي هجومًا عنيفًا من طرف سياسيين من اليمين، لكن تحديدًا على اللغة العربية: الكاتب ووزير التربية السابق في عهد جاك شيراك لوك فيري (2000-2004) وصف القرار بالفكرة "الخاطئة"، متسائلًا عن جدوى محاربة الأصولية بينما يتم إدخال العربية لمدارس الجمهورية , وتعجبت الناطقة باسم حزب اليمين لورانس سيليي كيف يتم تسخير الجهود للغة أخرى غير الفرنسية؟ وتحدث المسؤول في تيار اليمين المتطرف لويس أليو ورفيق رئيسة الحزب مارين لوبان، عن "آيديولوجية الخضوع" , أما نيكولا دوبون إينيون زعيم حركة "فرنسا واقفة" فتحدث عن "خطر تعريب فرنسا" , والملاحظ هو أن هذه الأصوات المتخوفة تربط عامة تعليم اللّغة بانتشار الأصولية والتطرف بين أوساط شباب الهجرة، وتراه كتعبير عن رفض الاندماج في المجتمع ورفض مبدأ العلمانية، وهي الحجة التي يصفها المدافعون عن اللغة العربية بالسخافة.

وكتب الباحث والأكاديمي بييرلوي ريموند على صفحات موقع "ميديابارت" الإعلامي المستقل "وصف اللّغة العربية بأنها لغة مجموعات قومية وربطها بآيديولوجيات سياسية عقائدية ينم عن جهل تام بأهمية هذه اللغة التي تعبر عن حضارة وثقافة عريقة تعود إلى آلاف السنين استفادت منها الإنسانية جميعها , فهل نصف الثقافة والفن اللذين قدمهما لنا المبدعون العرب عبر قرون بإنتاج مجموعات قومية؟ العلوم والفلسفة والطب التي ندرسها اليوم في بلادنا، الروائع المعمارية كقصور الأندلس أو الكنوز التي تحتضنها متاحفنا هل هي روائع قومية؟" .

ويحاول الباحث في علوم اللسانيات المعروف كلود هجّاج فهم هذه الردود العنيفة بقوله "لماذا سوء الفهم وهذه الحماقة الهذيانية؟ لأننا ببساطة نقترب من شيئين يميزان الفرنسي عن غيره، اعتزازه المبالغ فيه بلغته والتكشير عن أنيابه فور إحساسه بالخطر من أي منافسة، وعقليته الاستعمارية التي تجعله يعتقد أنه مهما تنازل وأعطى فإن الآخر سيطلب أكثر" , الباحث في اللّسانيات لويس جان كالفي يقول "إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم نحتج على تعلم الروسية بين 1917 و1991 أيام الشيوعية؟ اللّغة العربية تبدو كغابة من الرموز يضيع فيها مواطنونا الذين يجدون صعوبة في إدراك معنى أن تتعلم لغة الآخر وليس أن تتعلم لغة ديانة الآخر".

وكتبت الإعلامية نادية دام عمودًا مؤثرًا في موقع "سلات" عنوانه "أعلم لماذا لا أفقه كلمة بالعربية  على الرغم من أنها لغتي الأم"، وحاولت فيه تفسير الأسباب وراء عدم إتقانها للغة العربية "لأنه خلال سنوات طفولتي تعامل الجميع مع لغة آبائي وأجدادي إما بالازدراء أو بالخوف أو بالإشفاق الساخر، في كل مرة تذاع فيها موسيقى شرقية كانت كل الأعين تتجه لي بإلحاح لأرقص رغم أني لا أستطيع هز وسطي ولا قيد أنملة، كم مرة رأيت نظرات التوبيخ في أعين المارة عندما تحدثني أمي بالعربية ونحن في الشارع وكأني أرفض الاندماج في المجتمع الفرنسي لأني أتكلم هذه اللغة , رأيت في طفولتي نظرات إعجاب لأساتذتي تجاه زملائي الصينيين لأنهم يتقنون اللغتين ولم أرها تجاه زملائي العرب رغم أننا كنا نتقن لغتين أيضًا".

وكتب الروائي صاحب جائزة الغونكور، جيروم فيراري، الذي عمل أيضًا كمترجم وأستاذ وأقام في دول عربية كالجزائر والإمارات على صفحات جريدة "لا كروا" مقالًا بعنوان "بارانويا"، مدافعًا فيه عن اللّغة العربية وفند تهمة النزعة القومية التي توجه لها , يقول "قد تنطبق صفة (القومية) على اللّهجات الجهوية التي يستعملها الملايين يوميًا من الدار البيضاء إلى أبوظبي لكن هذا لا ينطبق على العربية الفصحى التي لا تلقن إلا خارج الإطار العائلي , السؤال هو أين ومع من يتعلم هؤلاء الصغار لغتهم الأم؟ أن تكون اللغة العربية لغة الأدب والفلسفة والشعر لا يهم هؤلاء السّاسة، ما يهُمهم هو خلق الجدل وشحن الجموع بمشاعر الكراهية والحقد" ,  ويضيف هذه الطرائف عن سنوات عمله في التعليم "أتذكر قصّة ذلك الزميل الذي شرح لتلاميذه أن (باراكوكا) التي تعني كلمة برقوق باللغة الكورسيكية هي آتية من كلمة البرقوق بالعربية وكيف أنه تفاجأ بعدها بسيل من شكاوى الأولياء التي أرسلت للإدارة ضده بحجة التخوف من خطر (الأسلمة) الذي يتعرض إليه التلاميذ في المدرسة".

وذاقت نجاة بلقاسم فالو التي احتلت منصب وزيرة التربية والتعليم بين 2014-2017 الأمرين حين حاولت عرض الموضوع للنقاش، حيث قوبلت بهجوم شديد لدرجة اتهامها "بالعميلة المأجورة لخدمة أسيادها الأصوليين"، بسبب أصولها المغربية رغم أنها أكدت مرارًا وتكرارًا أن التعليم لن يتخذ صفة إلزامية ولن يكون إجباريًا وفق تقرير للشرق الأوسط , لكن تعليم اللّغة العربية حاضر في فرنسا منذ قرون , الباحث في اللسانيات لويس جان كالفي يذكرنا في مقال بعنوان "اللّغة العربية أداة انفتاح في فرنسا المنغلقة على نفسها" على موقع ميديا بارت، "بأن أولى تجارب تعليم اللغة العربية تعود إلى القرن الثامن عشر في عهد الملك فرنسوا الأول، حيث كانت تدرس في معهد اللّغات الشرقية للدبلوماسيين وضباط البحرية، وأن أول مناظرة للغة العربية فتحت في فرنسا تعود للبداية القرن العشرين عام 1905، حيث كانت الوحيدة بين اللّغات الأوروبية الأخرى (الألمانية، الإيطالية، الإسبانية والبرتغالية) التي تحظى بالاهتمام".

وتؤكّد الأرقام التي نشرتها صحيفة "لوموند"، استنادًا لتقارير وزارة التربية والتعليم في فرنسا، أن عدد التلاميذ الذين يتلقون دروس اللغة العربية قد تضاعف خلال العشرية الأخيرة، رغم أنه يبقى ضعيفًا عامة مقارنة بالطلب الشديد , وقفز العدد من 6512 عام 2007 إلى تقريبا 14 ألف تلميذ عام 2017، بما فيهم الفرنسيون القاطنون في جزر الكاريبي، ويتوزعون كالتالي: أكثر من 567 في المرحلة الابتدائية، 4579 في المرحلة المتوسطة وأكثر من 6600 في المرحلة الثانوية. المشكلة وفق ما يشير له التقرير هي نقص أساتذة اللّغة العربية والكوادر المؤهلة للتدريس، حيث إن مسابقة الوزارة لتعيين أساتذة اللّغة العربية لم تفتح عام 2018 سوى 5 مناصب وثلاثة بالنسبة لمسابقة المناظرة.

ويضاف إلى هذه الأرقام حوالي 48129 تلميذًا يتلقون دروس اللّغة العربية في إطار ما يسمى برامج "إلكو" و"أيلي" التي تعتمد على إرسال دول المغرب العربي لبعثات تتولى تدريس اللغة الأصلية للمهاجرين , العائق كما يشير له الملاحظون هو الاختلاف في المناهج وعدم ملاءمتها للبيئة الأوروبية للتلاميذ، إضافة لانقطاع معظمها بسبب نقص التمويل , على أن معضلة المدارس الخاصة التي تتولى تعليم اللغة والتربية الدينية هي أكثر ما يضايق الدوائر التربوية في فرنسا، لأن معظمها ينشط من دون تراخيص ولا يخضع إلى رقابة الوزارة , ويشير تقرير لوزارة التربية الفرنسية إلى أنه من بين الـ9000 مؤسسة تربوية التي تعمل بموجب عقد رسمي مع الوزارة 7500 هي مدارس كاثوليكية، 300 يهودية و.... ثلاث فقط إسلامية، ما يعني أن الغالبية الساحقة لهذه المدارس تنشط في فرنسا بصفة غير شرعية.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرار تعميم تعليم اللغة العربية في فرنسا يثير جدلًا واسعًا قرار تعميم تعليم اللغة العربية في فرنسا يثير جدلًا واسعًا



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرار تعميم تعليم اللغة العربية في فرنسا يثير جدلًا واسعًا قرار تعميم تعليم اللغة العربية في فرنسا يثير جدلًا واسعًا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon