في ردود أقل ما يمكن وصفها بـ"التخبط" عجزت إجابات المتحدثة باسم الخارجية القطرية، لولوة الخاطر، عن مواجهة أسئلة الصحافي البريطاني، تيم سابستيان، في برنامج Conflict Zone لمحطة دويتشه فيله الألمانية "DW"، بعد أن خرجت أسئلة الصحافي البريطاني الصريحة والمباشرة عما اعتاد عليه المسؤولون القطريون من أسئلة، في معظم لقاءاتهم التلفزيونية "الدعائية"، كان آخرها لقاء الخاطر نفسها عبر القناة الفرنسية 24، بمناسبة مرور عامين على قرار الرباعية العربية "السعودية والإمارات والبحرين ومصر" بقطع العلاقات مع قطر.
وخلافًا لما توقعته وانتظرته المتحدثة الرسمية لخارجية قطر، من استعراض وبحث قرار الرباعية العربية بالمقاطعة منذ 2017 ، أتى نهج وتساؤلات "محاور" القناة الألمانية شبه الرسمية، مغايرًا لأمنيات "الخاطر"، حيث كان أبرز هذا المحاور ملفاتٍ طالما تم تغييبها من قبل وسائل إعلام اليسار الغربي، من بينها ملف العمالة الوافدة إلى قطر وحقوق العمال والانتهاكات التي طالما تعرضوا لها، إضافة إلى طرح الادعاءات القطرية في شأن مزاعمها بتصدير الديمقراطية للدول المجاورة، مقابل استثناء قطر من فكرة التحول الديمقراطي والانتخابات في المجلس الاستشاري، الذي سبق أن تم الإعلان عنه منذ العام 2003.
شخصيات وكيانات إرهابية
إلا أن الأبرز من بين هذه الملفات، كان السؤال عن الدعم القطري لبعض العناصر المصنفة إرهابية والتناقض في الموقف الرسمي منها، فمن جهة تصدر السلطات القطرية قائمة بأسماء شخصيات وكيانات إرهابية ومن جهة أخرى تدعم هذه الشخصيات في مناشطها العلنية داخل قطر.
أقرأ أيضًا:
الافراج عن الصحافي البريطاني غراهام فيليبس الذي كان معتقلاً في أوكرانيا
وكمحاولة للقفز عن سؤال المحاور البريطاني بشأن قائمة قطر الوطنية للإرهاب، والذين لا زالوا يتحركون بكامل حريتهم داخل قطر، حيث سأل الصحافي البريطاني العريق تحديدًا عن شخصية عبد الرحمن بن عمير النعيمي، كمثال واضح على تناقض السلطات القطرية في موقفها من الإرهابيين القطريين داخل حدود الدولة، والتخاذل الرسمي في التعاطي مع اتخاذ إجراءات حقيقية ضد من صنفتهم قطر نفسها بالإرهاب.
حيث لم تجد المسؤولة القطرية وسيلة للإجابة سوى بالقفز على هذا السؤال وحرف الحديث إلى موضوع ما يسميه الخطاب القطري "الحصار" العربي، وهو الأمر الذي لم ينطلِ على المذيع المخضرم سابستيان وحاول إعادتها إلى مجرى الحديث.
"الخاطر" تجهل قوائم إرهاب بلادها
وأظهر اللقاء المتحدثة باسم الخارجية القطرية جاهلة بالقوائم التي أصدرتها سلطات بلادها، وربما تكون متجاهلة عن عمد، فبينما ادعت الخاطر أن قائمة الـ 28 للشخصيات والكيانات الإرهابية، والتي نشرتها اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية القطرية، قد شملت فقط 4 أسماء قطرية، إلا أن واقع حال هذه القائمة على خلاف من ذلك، فقد ضمت القائمة 11 قطريًا من أصل 19 من جنسيات مختلفة - سبق أن أدرجت في لوائح الإرهاب الخليجية - كما تضمنت القائمة 6 كيانات قطرية كانت تدعمها الحكومة القطرية نفسها.
على رأس هذه القائمة تضمن اسم عبد الرحمن بن عمير النعيمي، الذي بعد تصنيفه على قائمة الإرهاب القطرية بفترة وجيزة، خرجت الصحف القطرية الرسمية بتهنئته بمناسبة زفاف نجل الإرهابي المطلوب على القوائم الدولية، وبحضور عدد كبير من المسؤولين القطريين، على رأسهم كان رئيس الوزراء القطري عبد الله بن ناصر آل ثاني.
وفي إجابة للمتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية القطرية على سؤال المحاور والمذيع البريطاني عن الحرية التي يتمتع بها، من وردت أسماؤهم على القائمة القطرية قالت: "القطريون الأربعة ممن تم تصنيفهم يخضعون للمراقبة، لأنه تم تصنيفهم من قبل مجلس الأمن، وتم اتخاذ كافة الإجراءات بحقهم".
استثمار إعلامي
ارتباك الخاطر لم يتوقف عند حد الاستفسار عن طبيعة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة القطرية بحق الأسماء والشخصيات القطرية البارزة، من تجميد لأصولهم المالية والمنع من السفر، بحسب ما ذكرت الخاطر، والتي ألمح المذيع إلى عدم تجاوزها حد الاستثمار الإعلامي.
حتى بلغ التشوش والإرباك منتهاه بعد سؤال المذيع تيم سابستيان، عن سبب رفض قطر لقائمة الرباعية العربية، قبل أن تعود قطر، وبعد 9 أشهر إلى ادراج ذات الأسماء ضمن قائمتها للإرهاب، لتأتي الإجابة كالتالي: "كانت اتهامات الدول المقاطعة دون أدلة، فقد كانت تبحث عن مبررات لمقاطعتها وأطلقت تهمًا مختلفة كانت هذه التهمة دون أساس".
والجدير بالذكر أن الأسماء التي اعترفت قطر بصلاتها في تمويل الإرهاب، قد سبق تصنيفها من قبل الخزانة الأميركية وقوائم الأمم المتحدة بما في ذلك القوائم الأوروبية.
تناقض قطري مع القوائم الإرهابية
وبمناسبة لقاء المتحدثة القطرية لولوة الخاطر ترصد أبرز محطات العلاقة المتناقضة بين الدولة القطرية والقوائم الإرهابية، من ذلك يأتي إعلان قطر في 2015 عن إغلاق منصات سعد الكعبي، عبر شبكة الإنترنت لتمويل تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، ضمن ما عرف بحملة "مدد الشام"، إلا أن الخزانة الأميركية كانت قد أعلنت في 2017 عن استمرار نشاط الكعبي في تمويل "القاعدة" من خلال الوسيط المالي الكويتي "العنيزي"، وذلك بعد مضي عام كامل على الأقل، أي في عام 2016، على الإعلان القطري الرسمي بشأن منع الإرهابي القطري سعد الكعبي وآخرين من جمع الأموال لصالح التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
وكانت قد صنفت الخزانة الأميركية سعد محمد شريان الكعبي كممول رئيسي لتنظيم القاعدة وجبهة النصرة، حيث بدأ نشاطه الرسمي منذ العام 2012، وحددت الخزانة الأميركية تورط الكعبي في عمليات جمع الأموال لصالح التنظيمات المتطرفة، استجابة لطلب من أحد زملائه في الجيش الوطني الأفغاني، للحصول على المال لشراء الأسلحة والطعام، إلى جانب دوره كوسيط لجمع فدية مقابل رهينة احتجزته جماعات مسلحة الأفغانية، وعمل الكعبي على تسهيل دفع الفدية مقابل الإفراج عن رهينة محتجز لدى الجيش الوطني الأفغاني.
دعم متطرفين في سوريا والسودان وباكستان
وقد أكد تقرير وزارة الخزانة الأميركية المنشور في العام 2015 تورط كل من القطريين عبد الرحمن النعيمي وعبد اللطيف الكواري بدعم المتطرفين وتمويلهم في سوريا وباكستان والسودان، حيث تولى "الكواري"، ومنذ العام 2012 جمع الدعم المالي لتنظيم القاعدة، وعمل كمسؤول أمني في تنظيم القاعدة، وكميسر مالي لتنسيق تقديم التمويل من الممولين القطريين الراغبين في دعم تنظيم القاعدة، وتسليم إيصالات تؤكد حصول القاعدة على تمويل من جهات مانحة أجنبية من متطرفين في قطر.
وعمل الكواري مع أحد الإرهابيين المدرجين على قوائم الإرهاب الأميركية منذ مطلع التسعينيات وهو مصطفى حاجي محمد خان، المعروف باسم "حسن غل" وإبراهيم عيسى حاجي محمد البكر لتحويل الأموال إلى تنظيم القاعدة في باكستان، ومنح الكواري الإرهابي حسن غل جواز سفر مزيفًا اعتاد التنقل من خلاله إلى قطر برفقه الكواري والبكر.
وكان وكيل وزارة الإرهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين قد أكد في إفادة له أمام مركز الأمن الأميركي الجديد في 2014 حول "مواجهة التهديدات الجديدة في تمويل الإرهاب" على: "خطورة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي ونشاطها البارز من قطر، في عملية جمع التبرعات المالية من قبل مؤيدين متعاطفين من مختلف الدول العربية والخليجية والغربية، مفيدًا باعتماد شبكات جمع الأموال الخاصة في قطر على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد، والتواصل مع المانحين والمتطرفين على حد سواء في ساحات الصراع.
جمع تبرعات
وأضاف كوهين: "يعمل بعض كبار جامعي التبرعات في قطر كممثلين محليين لشبكات جمع التبرعات وتمويل الإرهاب ومن مقرها في الكويت"، مضيفا: "لا ينبغي أن يكون هناك شك في أننا بينما نظل ملتزمين بالعمل مع دول مثل الكويت وقطر لمواجهة تمويل الإرهاب، إلا أن الولايات المتحدة لن تتردد في اتخاذ إجراءاتها لتعطيل شبكات تمويل الإرهاب هذه أن القائمة الطويلة لجامعي التبرعات والممولين والموظفين المرتبطين بتنظيم القاعدة دليل على ذلك".
وكانت قد أدرجت وزارة الخزانة الأميركية عبد الرحمن بن عمير النعيمي، ومحمد عبد الرحمن الحيمقاني، كممولين إرهابيين بارزين، حيث تولى النعيمي عمليات التمويل والدعم من مقره في قطر، وكما جاء في تقرير الخزانة الأميركية: "تولى النعيمي تقديم الدعم المالي لتنظيم القاعدة والشركات التابعة لها في سوريا والعراق والصومال واليمن، بينما تولى الحميقاني جمع التبرعات في اليمن لصالح تنظيم القاعدة في جزيرة العرب".
تنظيم القاعدة
كذلك أدرجت وزارة الخزانة الأميركية عبد الملك عبد السلام المعروف باسم عمر القطري، وهو أردني مقيم في قطر في عامي 2011-2012، وعمل مع شركاء في تركيا وسوريا ولبنان وقطر وإيران لجمع الأموال ونقلها ونقل الأسلحة وتسهيل سفر المقاتلين.
ففي العام 2012 قدم آلاف الدولارات والدعم المادي لأحد المقربين من تنظيم القاعدة في سوريا، بهدف مساعدة عناصر من القوات الأفغانية، وفي نفس العام ساعد في تجنيد عناصر مسلحة أفغانية في تركيا، إضافة إلى استخدامه مواقع الإنترنت، لجمع الأموال لصالح تنظيم القاعدة، وفي 2011 كان جزءًا من هجوم ضد القوات الأميركية في أفغانستان.
ممول أردني في الدوحة
وبالرغم مما ذكره تقرير وزارة الخارجية للحكومة القطرية بشأن ترحيلها "ممول أردني كان يعيش في الدوحة ويعمل في جمعية خيرية قطرية"، إلا أنه واصل الانخراط في تمويل الإرهاب لمدة عامين على الأقل، بعد أن تم تحديده من قبل وزارة الخزانة الأميركية.
وبحسب التقارير القطرية المقدمة لوزارة الخزانة الأميركية لعام 2015 فقد بذلت "الدوحة جهودًا لمقاضاة كبار الممولين الإرهابيين"، وحتى عام 2016 كانت قطر قد حاكمت 5 ممولين إرهابيين: إبراهيم البكر وسعد الكعبي، وعبد الباسط لطيف الكواري، وعبد الرحمن النعيمي، وخليفة السبيعي، تمت تبرئة اثنين وإدانة شخص واحد، إلا أنه تمت تبرئته بعد استئنافه الحكم، وأدين واحد غيابيا.
محاكمات وتبرئة
وفي جملة التناقضات القطرية بشأن التعاطي مع ملف تمويل ودعم الجماعات الإرهابية، أصدرت المحاكم القطرية في العام 2016 حكما بتبرئة الكعبي، على الرغم من إغلاق منصته لجمع التبرعات في عام 2014، وذلك إضافة إلى النعيمي، الممول البارز لتنظيم القاعدة.
الأشخاص الثلاثة الآخرون ممن أجريت لهم محاكمات في قطر تشمل البكر والكواري والسبيعي، في 2016 تمت إدانة البكر والكواري، أما السبيعي فكان قد تمت إدانته منذ 2008.
بالنسبة للبكر، فتعد الإدانة الثانية له بعد أن أوقف في العام 2000، قبل أن يطلق سراحه بعد تعهده بعدم القيام بأي أنشطة من قطر تتعلق بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية، إلا أنه وبحسب تقرير وزارة الخزانة الأميركية والذي نشر في العام 2008، فقد قدم البكر في 2006 دعمه لإحدى الخلايا الإرهابية، والتي خططت للقيام بعمل إرهابي ضد القاعدة الأميركية في قطر، وفي 2012 عمل البكر لصالح تنظيم القاعدة، وكان بمثابة خط اتصال بين ممولي تنظيم القاعدة في منطقة الخليجية وأفغانستان.
بالمقابل أفادت لجنة تابعة للأمم المتحدة باستمرار نشاط السبيعي في دعم وتمويل الإرهاب، وذلك بالرغم من حكم الصادر بحقه بالسجن 6 أشهر، ووضعه تحت المراقبة، ففي العام 2015 استأنف السبيعي نشاطه الإرهابي، وفقا للجنة، وأعاد تواصله مع ممولي تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط بعد إطلاق سراحه وتواصل مشاركته مع ميسرين متمركزين في إيران ما بين الأعوام 2009 و2011 و2012 واسترار تدفق الأموال إلى قادة تنظيم القاعدة في باكستان، على الرغم من الإعلان القطري بوضعه تحت المراقبة
وقد يهمك أيضًا:
وفاة راي فيتزوالتر الصحافي البريطاني الحائز على جائزة "بافتا"
والاس يؤكد أن الصحافي البريطاني كانتلي المختطف من قبل "داعش" لايزال حياً
أرسل تعليقك