القاهرة ـ سعيد أبوزيد
شَعَرت جموع المصريين مع نكسة العام 1967، بانكسار وذل وإحباط وانحطاط ومهانة، بعدما تحطمت آمالهم في تحقيق انتصار على العدو، واسترداد جزء مهم من أرضهم، وهو شعور صناع السينما ذاته في هذا التوقيت، حيث أكّدوا أنهم عاشوا حالة من الصدمة القوية لما تسببت فيه من شلل في الحياة العامة المصرية، وتوقُّف كثير من النشاطات ومنها السينما.
من جانبه، أكّد الفنان لطفي لبيب أنه تم تجنيده في النكسة، وخرج من الجيش بعد نصر أكتوبر 1973، موضحًا أنه كتب فيلمًا، وأنه كان في الكتيبة 26 التابعة للفرقة السابعة أحد مفاصل الجيش الثالث، وأن الفيلم كان سردًا واقعيًا لما شاهده هناك، وأن الفيلم بدأ منذ استدعاء الأجازات قبل حرب أكتوبر من محطة كوبري الليمون، وحتى نزول القوات مرة أخرى لكوبري الليمون بعد توقيع اتفاقيات الكيلو 101 مع إسرائيل، لأن هذه هي الحرب الحقيقية.
وأعلن: "النكسة هي من كسرت مفاصلنا وحتى الآن، وهي السبب في كل شيء، حتى إن 6 أكتوبر لم يؤرخ لها أحد، حيث إن الجبهة مشتعلة ومصر كانت في شيء آخر، حيث إنه في النكسة خرج فيلم "أخطر رجل في العالم"، ومع نصر أكتوبر ظهر فيلم "عودة أخطر رجل في العالم".
وأوضح: "كل الشعب المصري كان يعيش مكسورًا، ولم يكن هناك مثل أعلى، ونصر 6 أكتوبر لم يتغلغل في خلايا المواطن المصري حتى الآن، لأن العمل أضخم بكثير من العلومات التي وصلت إلينا، حيث إنها بالنسبة إلى أولادي تعتبر يوم أجازة فقط، ولا توجد احتفاليات به، ولكننا نكتفي بالشعراء والفنانين أمام الرئيس فقط"، مشيرًا إلى أن النكسة تسببت في أنه بدأ في التمثيل بعدما سقط شعره.
ولَفَت المخرج محمد راضي إلى أنه قبل نكسة 1967 كان الجميع يحاول التقرب من بعضه، كجيل من الشباب الذين تخرجوا من الجامعات، إلى أن حدثت النكسة، موضحًا أنها كانت صدمة كبيرة لكل أجيال مصر، وأن هذه الصدمة أفقدته توازنه تمامًا.
وأوضح: "حينما تنحّى الرئيس جمال عبد الناصر، الشعب كله خرج عن بكرة أبيه يرفض الهزيمة والنكسة وتنحيه، ويطالب باستكمال المشوار، وهو ما كان".
وأشار إلى أنهم قاموا وقتها بتشكيل ما يُسمَّى تكتل السينمائيين لعمل جماعة السينما الجديدة، وضمّت عددًا كبيرًا ومعروفًا من المخرجين والفنانين والسينمائين، وهذه الجماعة قامت بتكوين نفسها، وقمنا بنقد السينما غير الهادفة في ذلك الوقت، وأنتجنا فيلم "أغنية على الممر" وفيلم "ظلال في الجانب الآخر"، للتعبير عن فترة النكسة، وكيف أن الجيش فيه فرق كبيرة حاربت، واستُشهد الكثير منهم للدفاع عن مصر، وربط القضية الفلسطينية بالحرب".
ومن جانبه، تحدث المخرج داود عبد السيد عن أن المشروع الفني الخاص به إبان فترة النكسة، كان عن قصة قصيرة اسمها "الحمار"، وهي كانت بشكل ما تتحدث عن سلبية المثقف وتردّده، وهو لم يستكمل، وتم تصويره بجانب معهد السينما، وكانت المدرعات تسير في شارع الهرم، وكانت هذه الفترة قبل 5 حزيران/ يونيو، وهذه كانت الحالة السياسية حينها، مشيرًا إلى أن الآن عندما يفكر الشخص في معنى فكرة القصة، يجد أن هناك نوعًا من أنواع التجني على المثقفين، لأنه لو كان المفكرون راجعوا أنفسهم لما حدثت النكسة، وهذا يبين خطورة ما يكوِّنه الإعلام في الرأي العام، لأن النكسة كانت درسًا في أهمية الديمقراطية والرقابة الشعبية.
وفي سياق متصل، أعلن مهندس الديكور السينمائي أنسي أبو سيف أن مشروعه كان عن قصة "عطيل" لشكسبير، وكان ينفض أعمال مشروعات للمخرجين، وكانت النكسة قاسية علينا جميعًا، واستقبلت خبر النكسة في المعهد، ولم نرد الذهاب لمنازلنا لأننا لم نصدق ما حدث، ورأيت جموعًا رهيبة من الشعب الباكي، وصدقت حينها أن النكسة حدثت، وأن عبد الناصر يريد التنحي، ولم يفكر أحد في أنه السبب في النكسة".
بينما وصف المخرج علي عبد الخالق عام النكسة، بأنه صدمة الجيل التي كانت فظيعة، موضحًا أن الجيل عاش في أحلام رسمها عبد الناصر، وأنه جعل الشعب يشعر بالقوة والثقة، والاعتزاز بمصريته، بالإضافة لإحساسه بأنه شعب مهم وسط شعوب العالم، إلى أن حدثت النكسة".
واستكمل المخرج حديثه قائلاً: "قمت بعمل فيلم تسجيلي تحت عنوان السويس مدينتي، وهذا الفيلم أخذ جائزة الدولة في 1970، ولم يكن بالفيلم تعليق، بل موسيقى فقط، وأخرجت فيلم أغنية على الممر، وهو فيلم عن الحرب ومن شارك فيها، وإحساسهم، وكيفية رد الكرامة".
وأكّد أن ممثلي فيلم "أغنية في الممر" أخذوا 20 % فقط من مرتباتهم، وتم عمله بإنتاجنا الخاص، وقمنا بعمل عرض خاص للفيلم لوزارة الحربية، وحضره الفريق صادق، وسيد مرعي، وشاهدوا الفيلم بأكلمه، وأشادوا به، وطلبوا مني إرساله لليبيا، وكانت موازنة الفيلم 19 ألف جنيه، ودفعوا تكلفة الفيلم كاملة، وقاموا بشراء 3 أسابع لأربع حفلات للفيلم، وحصلنا على مبلغ كبير، وتم توزيعه علينا، وكل من له أجر أخذه".
أرسل تعليقك