أوضح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أن كتاب «تحت راية الاحتلال»، يروي حكاية فترة من فترات سيطرة شركة الهند الشرقية وممارساتها في مناطق الخليج العربي، مؤكداً أن تلك الممارسات تمثل قادة الشركة ولا تمثل البريطانيين أو الإنجليز.
جاء ذلك في كلمة لسموه ألقاها في حفل تدشين النسخة الإنجليزية من كتاب «تحت راية الاحتلال»، الذي أُقيم ليلة يوم أمس الاثنين في العاصمة البريطانية لندن، وفي حضور الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، والشيخة عزة بنت سلطان بن محمد القاسمي.
وأضاف صاحب السمو حاكم الشارقة: «إذا ما عدنا إلى تاريخ شركة الهند الشرقية لوجدنا العجب العجاب من هذه الشركة وتصرفات رئيسها السيد فوكس، والذي طلب في حينها من رئيس مجلس الوزراء بأن يُمنح الصلاحية نيابة عن الحكومة البريطانية للقيام بتجييش الجيوش للحرب ولإبرام اتفاقيات السلام دون الرجوع إليها، وعرض الأمر على البرلمان الإنجليزي إلا أنه قوبل بالرفض، وفيما بعد تم الالتفاف على الأمر بأن ذيل طلب النيابة عن الحكومة البريطانية في الحرب والسلم بعبارة (على أن تقوم شركة الهند الشرقية بتقديم أسباب لاحقة لهذا التصرف)».
وقال سموه: «الآن نحن أمام أمر غائب عن الإنجليز الذين يعتبرون أن هذا الكتاب يحكي عن العداء القائم بين الإنجليز والقواسم أو العرب في منطقتنا، وهذا أمر لا صحة له إطلاقاً؛ فالكتاب يتحدث عن شركة الهند الشرقية، التي تشبثت بالمنطقة حتى لا تفقد نصيبها ولو بجزء بسيط من بلاد الشرق، عندما رأت أن الهند كادت أن تطير من بين يديها بوصول نابليون بونابرت إلى غزة، وهذا الكتاب لا يحكي الحروب التي حصلت، بل يحكي فترة الممارسات التي تلت، أي من عام 1820 من بعد توقيع الاتفاقية مع البريطانيين إلى عام 1866، فالمتمحص في دراسة التاريخ والتعرف إليه في تلك الفترة سيستشعر حجم المصائب والمشاكل التي جرتها شركة الهند على الحكومة البريطانية».
وأردف سموه قائلاً: «هذه الممارسات والتصرفات من شركة الهند الشرقية ألصقت بالبريطانيين وهم منها براء، ففي سنة 1839 قامت حرب الأفيون وهونغ كونغ ولو أن أحدكم قرأ عن حرب الأفيون سيلاحظ أن الحكومة البريطانية قد أعطت شركة الهند الشرقية (توكيل تجارة عامة) حتى وصل بها الأمر أن تاجرت بالأفيون لتتمكن من الدفع بالفضة مقابل شراء الشاي من الصين، هذا فضلاً عن الممارسات التي قامت خلال فترة الحرب التي استمرت من 1839 إلى 1841. لقد كانت حرباً ظالمة لا تستحق أن يفاخر بها المرء، والإنجليز لا يذكرونها على أنها فعل من أفعال شركة الهند الشرقية، وإنما يلصقونها بأنفسهم، وأنا أدعوهم لتبرئة أنفسهم منها؛ لأنها تهمة سيئة جداً فهذه واحدة من ممارسات شركة الهند الشرقية».
ودعا صاحب السمو حاكم الشارقة إلى إعادة كتابة التاريخ من قبل المتخصصين حتى تزال منه الشوائب، وقال: من هنا أدعو إلى إعادة كتابة التاريخ الإنجليزي بصورة من النقاء والمصداقية الموجودة. لم تكتفِ شركة الهند الشرقية بممارساتها على سواحل الخليج العربي وخليج عمان.. بل كانت هناك ممارسات أخرى لها في الساحل الشرقي لأفريقيا. وقد بيّنتُ في كتابي: «تقسيم الإمبراطورية العثمانية»، تلك الممارسات التي دفعت الحكومة البريطانية حينها لإصدار أمر بمخالفة كل ما صدر سابقا لمصلحة شركة الهند الشرقية، وتم إيقاف جميع صلاحياتها بعمل أي اتفاقية سلام، وكان ذلك في عام 1858، وفي تلك الفترة الواردة في الكتاب سميتها الفترة الظالمة لبريطانيا والظالمة لنا نحن شعوب تلك المناطق».
وكان الحفل قد بدأ بكلمة للسيد نايجل نيوتن مؤسس ورئيس دار بلومسبيري للنشر، رحب في مستهلها بصاحب السمو حاكم الشارقة والسفراء والحضور، وقال: «يسعدني أن أرحب بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وجميع الحضور في هذا الحفل، ونحن مسرورون بتواجدكم معنا لتدشين النسخة الإنجليزية من كتاب (تحت رايات الاحتلال)، التي تخصنا في بريطانيا بشكل مباشر».
وعرض نيوتن في كلمته لمحتويات كتاب «تحت راية الاحتلال»، وأهم محطاته الزمنية والأحداث الدراماتيكية التي رافقت التواجد البريطاني آنذاك، ممثلاً في شركة الهند الشرقية.
عقب ذلك، ألقى جون ماكارثي مؤلف ومقدم برامج بريطاني كلمة بهذه المناسبة، عبر فيها عن بالغ سعادته لاختياره ضمن المتحدثين في هذا اليوم، ومبدياً إعجابه الجم بمؤلفات وكتابات سموه التي يستشعر من خلالها بالشخصية القيادية لدى المؤلف في توثيق مجريات الأحداث، وسرد القصص بما يتناسب مع مكنونه وشخصه حتى يفهمها ويعيها من يأتي بعدهم من أجيال.
وتناول جون ماكارثي أبرز موضوعات الكتاب، منوهاً بأن مؤلفات صاحب السمو حاكم الشارقة تنقل التاريخ البريطاني إلى العالم العربي بكل حيادية وإنصاف، دون إغفال إبراز الحقائق، مما يجعله حافظاً حقيقياً للتاريخ من أجل خدمة الإنسانية.
بعدها، تفضل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بالتوقيع على عدد من النسخ المترجمة للغة الإنجليزية من الكتاب، قدمها سموه إهداء للحضور ضيوف الحفل.
أرسل تعليقك