الإسكندرية - محمد المصرى
قال الشيخ محمد العجمى، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، إن المديرية نظمت أمسيات دينية مساء أمس عقب صلاة المغرب تحت عنوان "الهجرة عطاء متجدد" شارك بها نخبة متميزة من الأئمة والدعاة وقيادات الدعوة بالمديرية.
وأكد العجمى على أن الهجرة عطاء متجدد بكل ماتحمله الكلمة من معانى حيث أننا نتعلَّم من الهجرة أنَّ الشباب إذا نشؤوا منذ الصغر على مواجهة الخطر، كانوا أجِلاَّء أقوياء، وهذا هو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ينشأ في مدرسة النبوة فتًى من فتيان الإسلام لا يخاف إلا الله، ولا يَهاب أحدًا سواه، يقول له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليلة الهجرة: ((نَمْ على فراشي؛ فإنه لنْ يخلصَ إليك شيءٌ تَكْرهه منهم))، فقَبِل عليٌّ التضحية فداءً لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بلا خوف ولا تَردُّد.
وتُعَلِّمنا الهجرة أنَّ أعمالنا يجبُ أن تكونَ لله وفي سبيل الله، لا لغرضٍ أو تحقيق مَطْمع؛ يقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نَوَى، فمن كانتْ هِجْرته إلى الله ورسوله، فهِجْرتُه إلى الله ورسوله، ومَن كانتْ هجرتُه لدنيا يُصيبها أو امرأة يَنكحها، فهجرتُه إلى ما هاجَر إليه))؛ رواه البخاري ومسلم من حديث عمر - رضي الله عنه.
وتابع العجمى، علمتنا الهجرة رعايةَ الله لعباده المخلصين؛ فهذا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يختبِئ مع صاحبه في الغار الليالي ذوات العدد، فلا تَحرسه أمام الغار إلا رعايةُ الله الذي ينصر عباده المخلصين؛ يقول - تعالى -: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]،علمتنا الهجرة أنَّ المرأة المسلمة تستطيع أن تقومَ بواجبها في المناسبات الملائمة، والظروف الموائمةً، فهذه أسماء بنت الصدِّيق - رضي الله عنها - كانتْ تحمل الزادَ من مكةَ إلى الغار، غيرَ خائفة من العيون والأرصاد، وشَقَّتْ نطاقَها نصفين؛ ربطتْ بأحدهما الجراب، وبالنصف الآخر فم قِربة الماء؛ فسُمِّيَتْ: "ذات النطاقين".
وأكد "العجمى" أن أهم عطاء متجدد تعلمناه من الهجرة هو حبَّ الوطن، فها هو رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، يخرج من مكة في سبيل الله متأثِّرًا لمفارقة وطنه، فيلتفتُ إليها ويُخاطبها خطابَ المحبِّ لها، ويقول:(والله، إنَّك لأحبُّ أرض الله إليَّ، وإنَّك لأحبُّ أرض الله إلى الله، ولولا أنَّ أهلَك أخرجوني منك ما خرجتُ).
واختتم العجمى حديثه بالتأكيد على أن أسْمَى أنواع الهجرة هي الهجرة من الشرِّ إلى الخير، ومِن الرذيلة إلى الفضيلة، ومن الظلام إلى النور، ولعلَّ من هذه الهجرة ما أُمِرَ به الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قول ربِّه: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ "المدثر"، فلنهاجِرْ إلى الله بقلوبنا إلى الخير والحبِّ، والنقاء.
أرسل تعليقك