توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ربع قرن على رحيل "واصف مصر" جمال حمدان المتنبئ بالمستقبل

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - ربع قرن على رحيل واصف مصر جمال حمدان المتنبئ بالمستقبل

الدكتور جمال حمدان
القاهرة - مصر اليوم

غيّب الموت، منذ ربع قرن، عالمًا من أفضل من وصف مصر، ووضعها في سياقها الجغرافي أدبيًا، «جمال حمدان» صاحب القدرة الثاقبة على استشراف المستقبل، أول من تنبأ إلى تفكيك الاتحاد السوفيتي وأشار إلى أن «التطرف الديني» سيكون معضلة عالمنا الحاضر، «حمدان» صاحب «إستراتيجية الاستعمار والتحرير» ذو الفهم العميق لجغرافيا المكان وحقائق التاريخ والوعى بالزمن، الذي رفض هزيمة 1967 وكتب أشهر مؤلفاته «شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان».

 جمال حمدان.. فيلسوف الجغرافيا

جمال محمود صالح حمدان؛ أحد أعلام الجغرافيا المصريين، الذي اختار العزلة كمنهج لحياته، وقرر أن يعيش مخلصًا للعلم ولأبحاثه، فرفض الزواج، كما رفض تولي الكثير من المناصب الرسمية في مصر وخارجها، مثل ترشحه لتولي منصب في الأمم المتحدة أو رئيس جامعة الكويت، مفضلًا أن يعيش بشقته في الدقي لأكثر من 30 عامًا يدرس ويكتب ويحلل ويؤلف كتبًا وأبحاثًا وصلت إلى 29 كتابًا و79 بحثًا، سجل من خلالها مصر تاريخيًا وجغرافيًا منقبًا عن شخصية كل شبر في أرضها رابطًا الحاضر بالماضي، بدراسات منهجية لكن بلغة أدبية.

•• إستراتيجية الاستعمار والتحرير.. وتنبؤات جمال حمدان

في كتاب «إستراتيجية الاستعمار والتحرير» الصادر عن دار الشروق، أثبت جمال حمدان أنه شخص يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل، حيث كتب يبشر بتفكك الكتلة الشرقية وانهيار الاتحاد السوفيتي، وهو الأمر الذي تحقق بكامله بعد 21 عامًا من كتابته لذلك، بالإضافة إلى جانب توقعه لسعي الغرب لخلق صراع مزعوم بين الحضارات من أجل حشد أكبر عدد من الحلفاء ضد العالم الإسلامي، وهو ما تحقق بالفعل، بعدما وضع الكاتب الأميركي صموئيل هنتنغتون في كتابه الأشهر «صدام الحضارات» الخطوط الفكرية العريضة لهذا الحلف، وبدأت الحروب الاستعمارية تدور تحت ستار القضاء على الإرهاب.

•• «الصهيونية» في عالم «جمال حمدان»

قدم جمال حمدان من خلال رؤية إستراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة ضد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين، وذلك من خلال كتابه «اليهود أنثروبولوجيا»، فكان صاحب السبق في تقديم أدلة تؤكد أن اليهود الحاليين ليسوا هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وأثبت بالأدلة العملية أن هؤلاء اليهود المعاصرين ينتمون إلى إمبراطورية «الخزر التترية» التي قامت بين «بحر قزوين» و«البحر الأسود»، واعتنقت اليهودية في القرن الـ18، وهو الأمر الذي أكده بعد ذلك بـ9 أعوام الصحافي والباحث اليهودي «آرثر كوستلر» في كتابه القبيلة الثالثة عشرة، فكتب يقول «إن يهود هذا الزمان، لا ينتمون إلى بني إسرائيل ولا لهم أي صلة أو تاريخ بفلسطين، وأنهم من قبيلة الخزر التترية التركية، التي استوطنت شمال القوقاز في جنوب روسيا، في القرن الثامن الميلادي، وعندما سقطت المملكة انتشروا في شرق أوروبا وروسيا، وهم الذين يعرفون بيهود الأشكناز».

وفي الكتاب ذاته عمل «حمدان» على هدم أهم أسس المشروع الصهيوني ذاته القائم على «المقولات الإنثروبولوجية» وأثبت أن قيام إسرائيل كدولة هو بالأساس «ظاهرة استعمارية صرفة»، قائمة على اغتصاب أرض لا علاقة لهم بها على الصعيد الديني أو السياسي، لافتًا إلى أن اليهود في التاريخ، منقسمين إلى قسمين الأول «يهود قدامى، ويهود محدثين»، والاثنان ليس بينهما أي صلة أنثروبولوجية، ذلك لأن يهود «فلسطين التوراة» تعرضوا طوال 20 قرنًا من الشتات في المهجر، لخروج أعداد ضخمة منهم بالتحول إلى غير اليهودية، ودخول أفواج لا تقل ضخامة من كل أجناس المهجر إلى اليهودية، ما أدى إلى اختلاط دموي بعيد المدى، انتهى بالجسم الأساسي من اليهود المحدثين إلى أن يكونوا شيئًا مختلفًا كلية عن اليهود القدامى.

ورد «حمدان» على دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، دول العالم للاعتراف بـ«دولة إسرائيل» من خلال كتابه «إستراتيجية الاستعمار والتحرير» حيث كشف الوظيفة التي من أجلها أوجد الاستعمار العالمي هذا «الكيان اللقيط» كما وصفه، بالاشتراك مع الصهيونية العالمية، وهي أن يصبح في الشرق الأوسط قاعدة متكاملة عسكريًا، ورأس جسر ثابت إستراتيجيًا، ووكيل عام اقتصاديًا، أو عميل خاص احتكاريًا، بهدف تمزيق اتصال المنطقة العربية وتخريب تجانسها قائلًا «إسرائيل دولة دينية صرفة، تقوم على تجميع اليهود، واليهود فقط، في جيتو سياسي واحد، ومن ثم فأساسها التعصب الديني ابتداء، وهي بذلك تمثل شذوذًا رجعيًا في الفلسفة السياسية للقرن العشرين، وتعيد إلى الحياة حفريات العصور الوسطى بل القديمة».

•• كيف أصبح المسلمون عبئًا على الإسلام.. من وجهة نظر «حمدان»؟

في سيرته الذاتية بعنوان «العلامة الدكتور جمال حمدان.. ولمحات من مذكراته الخاصة» الذي نشره شقيق جمال حمدان بعد وفاته يقول «حمدان» «العالم الإسلامي حقيقة جغرافية، ولكنه خرافة سياسية وأن المسلمين أصبحوا عبئًا على الإسلام بعد أن كان الإسلام عونًا للمسلمين، فإن الإسلام السياسي تعبير عن مرض نفسي وعقلي، فلو كان لدى الإسلام السياسي ذرة إحساس بالواقع المتدني المتحجر لانتحر.. أما الجماعات المتشددة فهي وباء دوري يصيب العالم الإسلامي في فترات الضعف السياسي، إذ يحدث التشنج لعجز الجسم عن المقاومة».

وكان لـ«حمدان» وجهة نظره الخاصة حول العلمانية، إذ يرى أن هناك «تناقضًا بين العلمانية والدين لأن كل الأديان علمانية أي دنيوية.. الدين في خدمة الدنيا لا الدنيا في خدمة الدين.. هدف الإسلاميين الإرهابيين هو حكم الجهل للعلم.. منطقهم بسيط وواضح، فليس لدى هؤلاء ما يخسرونه، فأما أن يضعهم المجتمع في مكانة مقبولة أو فليذهب الجميع إلى الجحيم تحت ستار الدين.. ولذا يجب شنق آخر الجماعات الإسلامية بأمعاء آخر إسرائيلي في فلسطين».

••جمال حمدان.. جغرافي كتب تضاريس مصر بتعبيرات موسيقية

يجزم الكاتب الراحل كامل زهيري بأن جمال حمدان ممن اجتمع فيه حزمة من المواهب المتنوعة، ولهذا فليس غريبًا بعد ذلك أن تجد في كتاباته الجغرافية العلمية الرصينة تعبيرات موسيقية مثل: «ضبط إيقاع النهر» مضيفًا: لست أظن أن عالمًا أو أديبًا أو فنانًا اجتمعت له مثل هذه المواهب السمعية والبصرية كما اجتمعت عند هذا العالم الأديب الفنان، وكتب «حمدان» في كتابه «وصف مصر» هي بالجغرافيا تقع في أفريقيا، ولكنها تمت إلى آسيا بالتاريخ، وهي متوسطية دون مدارية بعروضها، ولكنها موسمية بمياهها وأصولها.. فرعونية هي بالجد، عربية بالأب.. ثم إنها بجسمها النهري قوة بر، ولكنها بسواحلها قوة بحر، وهي تضع بذلك قدمًا في الأرض، وقدمًا في الماء.. هي في الصحراء وليست منها، إنها واحة «ضد صحراوية»، بل ليست بواحة، وإنما شبه واحة.

بجسمها النحيل تبدو مخلوقًا أقل من قوي، ولكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأسًا أكثر من ضخم.. تقع في الشرق، وتواجه الغرب، وتكاد تراه عبر المتوسط، تمد يدًا نحو الشمال، وأخرى نحو الجنوب. ولهذا، فهي قلب العالم العربي، واسطة العالم الإسلامي وحجر الزاوية في العالم الأفريقي، إنها سيدة الحلول الوسطى والوسط الذهبي».

•• جمال حمدان صاحب الـ39 كتابًا و79 بحثًا ومقالة

بالرغم من أن كتاب «شخصية مصر ــ دراسة في عبقرية المكان» هو أشهر المؤلفات بين أعمال جمال حمدان؛ إلا أن للراحل العديد من الكُتب على نفس مستوى الأهمية أثرا بها المكتبة العربية فقدم ما يقارب إلى 39 كتابًا و79 بحثًا ومقالة منها: «دراسات في العالم العربي، أنماط من البيئات، المدينة العربية، بترول العرب، بين أوروبا وآسيا، دراسة في النظائر الجغرافية، والإستراتيجية العالمية، وغيرها. بالإضافة إلى كتابه «من خريطة الزراعة المصرية» الصادر عن دار الشروق، وهو كتاب يقدم تفاصيل خرائطية وإحصائية، يذكر فيه المؤلف معظم أنواع الزراعات في مصر وتوزيعاتها وأهميتها في الاقتصاد المصري، وعلى رأسها زراعة القطن والقمح والذرة، إلى جانب الأرز والخضروات والفواكه.

وحظى جمال حمدان بالعديد من التكريمات داخل مصر وخارجها؛ فمُنح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ومنحته الكويت جائزة التقدم العلمي، وحصل على جائزة الدول التشجيعية في العلوم الاجتماعية، وكذلك وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه «شخصية مصر».

•• لغز وفاته واختفاء 3 من مسودات كتبه

في ظروف غامضة مازالت مجالًا للنقاش حتى اليوم، رحل المفكر جمال حمدان في الساعة الرابعة من بعد ظهر السبت 17 أبريل 1993، إثر حريق نشب في مسكنه، فعثر على جثته والنصف الأسفل منها محروقًا، واعتقد الجميع أن الدكتور حمدان مات متأثرًا بالحروق، لكن تقريرًا لمفتش الصحة بالجيزة وقتها الدكتور يوسف الجندي، أفاد بأن الفقيد لم يمت مختنقًا بالغاز، وأن الحروق ليست سببًا في وفاته، أثار جدلًا حول وفاته، تبعه عدة تصريحات من أسرة حمدان وبعض المقربين منه تؤكد اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفه وتسليمها للنشر، كما أعلن هو عن ذلك في أحاديثه الصحافية، ذلك لأن نشوب النار في شقته لم يطل مكتبته، الأمر الآخر كان في حادثة اختفاء الطباخ الذي يعمل عنده وذهابه إلى قريته قبل أن يختفي تمامًا ولم يعد يعرف أحد مكانه، هذا إلى جانب تأكيد جارته بمغادرة مستأجرين أجانب سكنوا في الشقة التي تعلوه لمدة شهرين ونصف الشهر قبل الحادثة ثم اختفيا بعد ذلك، كما أن تصريحات رئيس المخابرات السابق أمين هويدي كانت مفاجأة من العيار الثقيل، حينما قال إن لديه ما يثبت أن الموساد هو الذي اغتال حمدان.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربع قرن على رحيل واصف مصر جمال حمدان المتنبئ بالمستقبل ربع قرن على رحيل واصف مصر جمال حمدان المتنبئ بالمستقبل



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربع قرن على رحيل واصف مصر جمال حمدان المتنبئ بالمستقبل ربع قرن على رحيل واصف مصر جمال حمدان المتنبئ بالمستقبل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon