توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد

رفعت السعيد
القاهرة - مصر اليوم

برحيل الدكتور رفعت السعيد الذي قضى مساء أمس الأول "الخميس" عن عمر يناهز 84 عاما يكون اليسار الثقافي المصري والعربي قد فقد علما كبيرا وأحد أهم المؤرخين لحركات اليسار العربي بقدر ماكان وسيبقى أحد الفرسان الكبار للوطنية المصرية الجامعة بين كل المصريين.
والدكتور رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع ورئيس الحزب السابق هو أحد أقطاب اليسار المصري وصاحب مواقف مبدئية في مناهضة الفكر الظلامي كما أنه صاحب كتب ومؤلفات عديدة من بينها :"ثلاثة لبنانيين في القاهرة" و"تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر" و"الصحافة اليسارية في مصر" و"مجرد ذكريات" وهو كتاب يدخل في ادب السيرة الذاتية فضلا عن كتابه المهم :"عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية".
وللأدب أن يشعر أيضا بالحزن لرحيل هذا المثقف المصري الكبير الذي تشهد أعماله الروائية الأدبية:"السكن في الأدوار العليا" و"البصقة" و"رمال" على تمتعه بنفس روائي مميز وقدرة بارعة على الابتكار في الحكي غير أن عالم السياسة لم يمنحه متسعا من الوقت لمزيد من الابداعات الأدبية أو ماكان يسميها تواضعا "بالحكايات".
والدكتور رفعت السعيد الذي ووري أمس "الجمعة" ثرى مصر التي أحبها دوما حظت روايته "رمال" بترجمة لليونانية وامست ضمن المساقات الأكاديمية لطلاب قسم الدراسات الشرقية في جامعة اثينا باعتبارها عملا ادبيا يعبر عن التحولات الاجتماعية في مصر.
ويبدو أن النقاد عليهم الآن دراسة البعد الأدبي في هذا المثقف اليساري المصري الثري التكوين والذي انحاز دوما للعدالة الاجتماعية وكل مايعزز نسيج المجتمع المصري فيما تحمل رواياته صيغا شعرية لافتة رغم سردها الواقعي بصور متعددة لرجل الشارع أو المواطن في مصر.
وإذا كان الدكتور رفعت السعيد قد تناول في كتابه "تآملات في الناصرية" الذي صدر في مطلع الألفية الثانية طرفا من التجربة الناصرية وسنوات مابعد ثورة 23 يوليو 1952 ومرحلة الستينيات بالشرح والتحليل فإن تساؤلات وتآملات هذا المثقف اليساري والوطني المصري هي جزء من حركة فكرية عالمية تمتد في الواقع بمراجعاتها لتشمل زمن اليسار ككل في القرن العشرين ومسيرته ومستقبله في القرن الحالي.
واسهامات رفعت السعيد تشكل اضافة ثقافية مصرية مهمة وسط التساؤلات عن مآلات اليسار الثقافى وما إذا كانت المتغيرات العاصفة والممارسات الاستبدادية لأحزاب وفصائل انتمت لليسار أو كانت قريبة ستسدل الستار تماما على الثقافة والأفكار النظرية لهذه الأحزاب.
ولعل هذه الاسهامات الثقافية لفارس اليسار المصري رفعت السعيد تقدم اجابات حول التجربة الناصرية فى مصر ومدى الخسارة الفادحة التى لحقت بهذه التجربة فضلا عن منجزها الثقافى جراء غياب الحريات مع أن التجربة الناصرية الهمت بالفعل مثقفين ومناضلين حتى فى أمريكا اللاتينية ومازالت العلاقة بين تشى جيفارا وجمال عبد الناصر ماثلة فى الأذهان فيما كان الرئيس الفنزويلى الراحل هوجو تشافيز يصف نفسه بأنه "ناصرى".
وإذا كانت التجربة الناصرية قد جذبت مثقفين هنا وهناك بفضل تميزها على صعيد العدالة الاجتماعية ومقاومة الاستعمار والتبعية فان لحزب البعث الذي يدخل ايضا ضمن تلاوين اليسار العربي سياساته التى انحازت للفلاحين وصغار المزارعين غير أن أية انجازات اجتماعية من هذا النوع تبددت اوشوهت جراء فيروس الاستبداد والعدوان على الحريات.
ومع سقوط الكثير من الأحلام القديمة فان الحاجة ماسة لمراجعة ثقافية عميقة وجديدة للمفاهيم الفكرية والسياسية لليسار فيما تستمر الأزمة العالمية لليسار حتى فى الديمقراطيات الغربية بينما تقدم رؤى واسهامات مثقف مصري مثل الراحل العظيم الدكتور رفعت السعيد اقتراحات مفيدة لمواجهة هذه الأزمة.
ويرحل رفعت السعيد بجسده فيما تبقى أفكاره واسهاماته الثقافية حاضرة في وقت يجتهد فيه مثقفون كبار في الغرب في محاولات للاجابة عنه بمناسبة حلول قرن كامل على الثورة الروسية وظهور ماعرف "بالاتحاد السوفييتي" حتى دخل ذمة التاريخ في مطلع تسعينيات القرن العشرين.
و مازالت سنوات ستينيات القرن العشرين التي كانت موضع اهتمام في كتابات ودراسات وتآملات الدكتور رفعت السعيد والتي توهج فيها اليسار تشكل بؤرة ثقافية لكتب جديدة مثل الكتاب الذي صدر بعنوان "اخي تشي" بقلم خوان مارتن جيفارا الشقيق الأصغر لأيقونة اليسار العالمي في القرن العشرين تشي جيفارا.
وفي سياق تعليقه على هذا الكتاب والرحلة الصعبة لمارتن جيفارا بحثا عن رفات شقيقه بعد نحو ثلث قرن على مقتل تشي جيفارا في احراش بوليفيا، قال الكاتب اللبناني الكبير سمير عطا الله :"تحولت الرحلة إلى مايشبه العمل الروائي المثير والمحزن".
ورأى عطا الله في زاويته بجريدة الشرق الأوسط التي تصدر بالعربية من لندن أن التساؤلات والشائعات المذهلة حول حقيقة مصرع هذا الثائر الأرجنتيني الأصل ومن بينها أن الاتحاد السوفييتي السابق تواطأ مع الأمريكيين ضده "تضع الكتاب في اطار الرواية لا البحث وكل الأقوال تزيد في أن جيفارا كان أسطورة بقدر ماكان حقيقة".
ولئن تساءل فارس من فرسان اليسار المصري مثل الدكتور رفعت السعيد ذات يوم بصورة لاتخلو من مرارة عن مآلات اليسار بعد التضحيات الكبيرة والجسيمة التي كابدها من انتموا لهذا التيار وهو احد من كابدوا هذه التضحيات فمن اهم المثقفين الذين يحاولون الآن الاجابة على هذا السؤال الكبير والمتعلق بأحداث خطيرة وأيام فاصلة في التاريخ الإنساني المثقف البريطاني الجنسية والباكستاني الأصل طارق علي فيما تتجلى جهوده الثقافية في هذا السياق سواء عبر كتاب جديد او طروحات ومقالات ذات صبغة ثقافية عميقة في صحف غربية كبرى.
وفي كتابه الجديد الصادر بالانجليزية بعنوان :"معضلات لينين :الارهاب, الحرب, الامبراطورية, الحب والتمرد " "القرن الأحمر" يثير طارق علي جدلا واسع النطاق في الصحافة الغربية والمنابر الثقافية عبر اوروبا والولايات المتحدة.
وكذلك يبرز اسم طارق علي في صحيفة نيويورك تايمز التي شرعت في نشر سلسلة طروحات بعنوان :"القرن الأحمر" حول تراث وتاريخ الشيوعية بمناسبة الذكرى المئوية الأولى للثورة الروسية التي ستحل في شهر اكتوبر المقبل.
وبين المذابح والحرب الأهلية التي اعقبت الثورة الروسية منذ نحو قرن كامل يحاول المفكر الباكستاني الأصل طارق علي استكشاف التاريخ من جديد أو القيام بزيارات جديدة لأحداث فاصلة في رحلة المسير والمصير للأمم والشعوب وهي قضية حاضرة بقوة في كتب المثقف اليساري المصري رفعت السعيد في سياق جهده المعرفي لاعادة بناء التاريخ وتفسيره.
وإذا كان اليسار أعطى في الحقيقة أسماء فكرية تألقت خلال القرن الماضي مثل المفكرين والكاتبين الفرنسيين جان بول سارتر وريجيس دوبريه والمؤرخ البريطاني اريك هوبسباوم والشاعر التركي الكبير ناظم حكمت فانه منح ايضا لمصر والعالم العربي مثقفا كبيرا ومتعدد الاهتمامات هو الدكتور رفعت السعيد..فتحية لروح مثقف مصري كبير كان يسعى دوما للتعرف على حكمة البسطاء في الشارع وعدم الارتكان لدموع الذكريات.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon