أكد رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر أنه يتم التعامل مع المشاكل الموجودة في الصحف القومية المصرية أولا بأول للمضي قدما في خطة الإصلاح، مشددا على أن الطريق ليس سهلا لكن المضي فيه أصبح محتوما، وتم البدء فيه بتنظيم دورات تدريبية للصحفيين.
وقال جبر، في كلمته خلال اجتماع الهيئة الوطنية للصحافة التشاوري السادس لبحث المحتوى الإعلامي للطفل المصري، في إطار تثبيت أركان الدولة المصرية، بمؤسسة دار الهلال، اليوم السبت، إن الطفل أصبح قادرًا على اللعب بالهاتف المحمول وهو في عمر عام أو عامين، لكن لو وضع أمامه كتاب لن ينظر إليه.
وأضاف أنه "إذا فرضنا أننا نُنمي ثقافة الأطفال، فعلينا أن نستمع إليهم كما يستمعون إلينا، وأن نرى ما الذي يحتاجونه، وأن نتركهم يفكرون ونرشد هذا التفكير"، لافتا إلى أن الصحافة المقروءة تتراجع بشدة أمام وسائل النشر الأخرى، في وقت من الضروري فيه أن يحب الطفل القراءة، وأن نعيد كبرياء الصحفيين وقيمتهم، واسترداد المساحة التي فقدتها الصحافة في الرأي العام.
وأكد أن الصحافة القومية المصرية كان لها دور مهم جدا في فترات تاريخية وحملت قضايا الدولة على أكتافها، ولا يمولها أحد، وصحفيوها مدربون وعلى مستوى عالٍ من الكفاءة، قائلا "إذا أصلحنا صحافتنا سيكون هذا هو الباب لإصلاح إعلامنا بالكامل".
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة (دار الهلال) مجدي سبلة: "إن لهذه المؤسسة تاريخ عريق بإصداراتها الثرية التي تعود إلى عشرات السنين. ففي مجال الطفل تصدر دار الهلال مجلة سمير وسلسلة كتب الهلال للأولاد والبنات، ومجلة الهلال الصغير، وهي المجلة التي ظلت تصدر على مدار ستين عاما لتشكل وجدان الطفل المصري".
وأضاف أنه خلال الاجتماع الخامس للهيئة الوطنية للصحافة مع قيادات المؤسسات الصحفية القومية بهدف تثبيت أركان الدولة، وقع الاختيار على مناقشة قضية المحتوى الإعلامي للطفل المصري، لافتا إلى أنه لأول مرة في هذا اللقاء الرسمي يتم الحديث عن بناء وجدان الطفل المصري، بعد أن تم تناول قضايا أخرى.
وأشار إلى أن (دار الهلال) كانت معقلا لمجلتين مهمتين جدا، هما "ميكي" و"سمير" واللتان لعبتا دورا كبيرا في تشكل الوجدان المصري، وظلتا مستمرتين حتى التسعينات.. موضحا أن المؤسسة كانت رافدا من روافد الثقافة للطفل المصري، التي تضم أيضا السينما والمسرح والترفيه، في ظل حرمان الطفل المصري الآن من قراءة المجلات والكتب؛ الأمر الذي يحتاج لبحث ومناقشة أسبابه.
بدوره، قال رئيس تحرير كتاب الهلال للأولاد والبنات ومجلة الهلال الصغير، محمد الحمامصي: "إنه لا يوجد من التراث المصري ما يحمي الطفل من غول العولمة، فلا ميزانية لشراء كتب، وتكتفي المدارس باستلام أجهزة الكمبيوتر كعهدة؛ ليتم ترك الطفل المصري ليقوده تياران كل منهما أشد فسادا من الآخر، هما الأخوان والسلفيين، الذين استقطبوا الأطفال من خلال مدارسهم ودور النشر الخاصة بهم، والتي تقوم بطباعة كتب أطفال مجهولة المؤلفين والمترجمين بلا رقابة على محتواها".
وشدد على أن هناك خطرا آخر هو تيار التكنولوجيا الرقمية؛ التي توفر القصص المصورة من دون متابعة أو معرفة لحجم هذه التجارة، موضحا أن المؤسسة أطلقت مجلة الهلال الصغير قبل تسعة أشهر، وأن كتاب الأطفال في مصر مستعدون تماما لتقديم إبداعهم بدون مقابل.
وأضاف: "مسئوليتنا كبيرة إذا شئنا تثبيتا لأركان الدولة. ولابد أن نصارح أنفسنا بتقصيرنا في حق الطفل المصري... واقترح أن تنظم الهيئة الوطنية للصحافة دورات تدريبية على صحافة الطفل، وأيضا أن تدعم الدولة البرامج والإصدارات التي تصدرها المؤسسات القومية، وإنشاء مجلس أعلى لثقافة الطفل، على أن تتوحد كل الهيئات الخاصة تحت رعاية هذا المجلس".
فيما قال نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة إن قضية المحتوى الإعلامي للطفل من أخطر المحاور، فإذا دار الحديث عن الطفل المصري فهو عن المستقبل، في وقت تمر فيه الثقافة صحافة بمحنة، مؤكدا أنه من المهم التصدي لهذا الأمر بكل قوة.
ولفت سلامة إلى أنه للأسف الشديد أصبح هناك تجاهلا شديدا لحصة الأنشطة، في الوقت الذي يفكر فيه وزير التربية والتعليم في إلغاء الكتاب المدرسي، "إذن كيف نفكر ونتكلم عن جزئية الثقافة ومستقبل مصر وكيفية أن ينشأ الطفل المصري في مناخ داعم للثقافة والتنوير وعن حمايته من مناخ التطرّف والإرهاب".
وتابع بقوله "لدينا مجلات الأطفال، ولدار الهلال والأهرام والأخبار إسهامات كبيرة، لكن هناك أزمة تمر بها الصحافة بشكل عام، والدولة عليها أن تقدم الدعم ليس المادي فقط ولكن المعنوي، وأن تعود المكتبات ومجلات الأطفال بها... أتحدى أن تكون هناك مدرسة مشتركة في مجلات الأطفال، وأعتقد أن هذه القضية خطيرة ومن المهم الوصول فيها إلى تصور".
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ياسر رزق أن دار الهلال لها النصيب الأكبر من ثقافة الطفل تاريخيا، وذلك من بين أربع مؤسسات تولي اهتماما بثقافة الطفل هي: أكتوبر والأهرام وأخبار اليوم، إضافة إلى دار الهلال.
وشدد على أهمية دور هيئة قصور الثقافة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، لافتا إلى أن جميع المؤسسات توقفت عن رفع أسعار إصدارات مجلات الأطفال رغم تكلفتها الكبيرة.
ودعا رزق لعقد لقاء مع وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي وكل المؤسسات الخاصة بالطفل في مقر الهيئة الوطنية للصحافة؛ لبحث التعاون بين جميع الأطراف، ودراسة المحتوى المقدم للطفل.
من جهته، تساءل الدكتور محمود علم الدين الأستاذ بكلية الإعلام وعضو الهيئة الوطنية للصحافة:"ماذا يقرأ الطفل وماذا نقدم له نحن وماذا يقدم الآخرون، فالدراسات تؤكد أن الطفل لم يعد يُقبِل على القراءة على الإطلاق وإنما يُقبِل على الأفلام المتحركة، والألعاب الإلكترونية، وتطبيقات الهاتف المحمول، ومواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي توقف محتوى وشكل الإصدارات عند شكل غير جاذب على الإطلاق، مع تصور أن المحتوى الجاذب لا يخرج عن الألغاز."
واستضافت مؤسسة دار الهلال سادس اجتماعات الهيئة؛ لمواصلة بحث مبادرة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي لدعم وتثبيت أركان الدولة المصرية، التي أشار إليها خلال مؤتمر الشباب الأخير بالإسكندرية، وذلك بحضور رؤساء مجالس إدارات وتحرير المؤسسات الصحفية القومية.
جدير بالذكر أن الهيئة عقدت حتى الآن خمسة اجتماعات مع القيادات الصحفية؛ لبحث سبل التصدي لمخططات إفشال الدولة المصرية بدءا باجتماعها الأول الذي عقد بمقر الهيئة، ثم أربعة اجتماعات أخرى بالأهرام والأخبار والجمهورية ووكالة أنباء الشرق الأوسط، ومن المقرر أن تختتم الاجتماعات بمؤسسة روزاليوسف.
أرسل تعليقك