القاهرة - اسامة عبد الصبور
مزيج من الواقع والفانتازيا، وخليط من العوالم الموازية إعتاد القاص والروائي خالد السروجي، الذي رحل عن عالمنا الأربعاء المُنقضي، إعتاد أن يستخدمها، لنسج أعماله بين القصة القصيرة والرواية، متجاوزًا الحكاية إلى ما وراء الحكاية، مستخدمًا الرمزية في إطار واقعي للغاية، ينفي عنه الجنوح للرمزية كغاية، وإنما كوسيلة لرسم واقع معقد.
السروجي الذي ولد في محافظة الإسكندرية عام 1964، وتخرج في كلية الحقوق، وعمل كمحام في النقض، يمزج في أعماله بين منحى اجتماعي، يهدف إلى تصوير المجتمع المصري وتشريحه تشريحًا دقيقًا لبيان مواضع العطب فيه، وبين رؤية إنسانية تجعل الإرادة الإنسانية والمصير الإنساني نصب عينها، كما في روايته "الشطرنجي".
في هذه الرواية يصور السروجي حربًا بين المال والحب الخالص، تلخصت في العلاقة بين "الشطرنجي" وشوكت، صاحب المال، كما تلقي نظرة على الحالة الاجتماعية والسياسية في فترة الستينيات وانعاكساتها على الشخصية المصرية من كافة النواحي.
كما يصور فترة السبعينيات حيث الانفتاح الاقتصادي، وحيث ينتصر المال، ويصير الطريق ممهدًا لكل من يريد الإثراء بطريق غير شريفة، على حساب غيرهم من المجتهدين والشرفاء.
وإلى جانب هذه النظرة الاجتماعية يقدم السروجي نظرة إنسانية تجعل من لعبة الشطرنج عالمًا موازيًا، أو حياة أخرى يمكن مقارنتها بالحياة التي نعيشها، من خلالها يضع الكاتب الإرادة الإنسانية والفعل الإنساني تحت المجهر، ليقارن بين تلك اللعبة التي تخضع للاحتمالات، وتتوقف نتائج القرارات فيها على التفكير، وحساب العواقب، يقارن بينها وبين الدنيا التي لا تخضع العواقب فيها دائما للحسابات، إنّما تجري أحيانا وفق تيار غير محسوب، في شكل أقرب للعبثية.
المزج بين النظرة الاجتماعية والنظرة الإنسانية يمتد إلى أعمال السروجي الأخرى، كما في رواية "كائنات ليل سرمدي" التي يشرح فيها الكاتب المجتمع المصري كاشفًا ما فيه من أوجه فساد، مُستخدمًا حكاية تحدث كل يوم تقريبًا، وهي أن يصدم أحدهم شخصًا ما بسيارته فيقتله.
ويبدو أن عمل السروجي كمحام قد ساعده كثيرًا في إتقان نسج حكاياته من ناحية التلاعب بالقانون، والألعاب غير الشريفة التي تدار بها الأمور.
وصدر للسروجي، عدة أعمال بين القصة والرواية منها المجموعات القصصية "ابتسامة الوجه الشاحب"، و"زهرة الدم"، و"الصوت المعدني"، بالإضافة لروايات "الشطرنجي"، و"كائنات ليل سرمدي"، و"طقوس الاحتضار".
كما حصل على عدة جوائز منها جائزة الدولة التشجيعية في القصة 2003، والجائزة الأولى في القصة - مسابقة الهلال – 1990.
أرسل تعليقك