افتتحت جامعة رفيق الحريري، الخميس، مؤتمرا عن النفط بعنوان "المؤتمر الدولي الأول حول الغاز والنفط في حوض البحر الأبيض المتوسط"، برعاية رئيسة "مؤسسة رفيق الحريري، ورئيسة مجلس امناء الجامعة السيدة نازك رفيق الحريري ممثلة بالسيدة هدى بهيج طبارة، في فندق "كراون بلازا" في الحمرا والذي يستمر ليومين.
حضر المؤتمر النائب جمال الجراح ممثلًا الرئيس سعد الحريري، ضيف الشرف رئيس المركز الدولي للعلاقات الدولية والتنمية المستدامة في هيئة الأمم المتحدة وزير الخارجية الإسباني السابق ميغيل أنخل موراتينوس، العميد قاسم حمدان ممثلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي، العميد جورج حداد ممثلا مدير عام الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص.
وألقت السنيورة بعاصيري كلمة نقلت في مستهلها "تحيات رئيسة المؤسسة، السيدة نازك رفيق الحريري التي ترى في انعقاد مؤتمر اليوم تأكيدا على أن لبنان سيبقى، رغم التحديات القائمة والمستجدة، مختبرا للتلاقح الفكري المبدع، ومنبرا للرأي العلمي الحر والمسؤول".
وقالت: "نلتقي اليوم حول موضوع بات يحتل حيزا كبيرا من انشغالات اللبنانيين، وأضحى يدور حوله العديد من النقاشات، بطابعها التقني والاقتصادي والسياسي، باعتبار أن الموضوع يعود لقطاع إنتاجي واعد، من المأمول له أن يحدث نقلة نوعية في واقع الاقتصاد اللبناني، عبر إحداث المزيد من التنوع في بنيته، ومن خلال رفع مستوى أداء مختلف قطاعاته، واستطرادا توسيع مروحة فرص تطوره وازدهاره، وتلبية آفاق تنميته المستدامة"، مشيرة الى "اهمية الموضوع، أي النفط والغاز على المستوى الوطني".
أضافت: "ارادت جامعة رفيق الحريري أن يكون هذا الموضوع، بكل مضامينه ومحاوره وتفرعاته، محط تداول على المستويين الوطني والدولي، فاستقطبت لهذه الغاية كوكبة من الباحثين والمفكرين أصحاب الاختصاص وواضعي السياسات، كما نخبة من الأكاديميين في شتى جامعات لبنان والعالم، ليضعوا معارفهم وخبراتهم وما يستشرفونه على طاولة البحث والنقاش، وصولًا إلى الخلاصات والاقتراحات والتوصيات بشأن ثروة النفط والغاز، لجهة تطوير تقنيات استثمارها وتعظيم عوائدها وتوسيع مشاريعها وتعميم منافعها".
وتابعت: "في هذا السياق، نرى أن مبادرة "جامعة رفيق الحريري" إلى عقد مؤتمر كهذا تنبع من قناعة بعينها تقوم على أن للجامعات، وسائر مؤسسات التعليم العالي، دورا يفوق الدور التقليدي المتعارف عليه، أي القاضي بتمكين طلاب العلم بالمعرفة ومساعدتهم على تحقيق إمكاناتهم وتفجير إبداعاتهم".
وختمت: "حقيقة أدركها الرئيس الشهيد رفيق الحريري باكرا ببصيرته النافذة، فنرى أن الرسالة التي تطلع إلى أن تحملها الجامعة التي أنشأها في العام 1999، تقوم في المقام الأول على إعداد مواطنين أكفاء مؤهلين للتصدي لتحديات القرن الواحد والعشرين، بعقول منفتحة، وقيم وطنية سامية، وجهوزية عالية لخوض غمار الحياة المهنية المتجددة".
وألقى عضو مجلس إدارة هيئة قطاع البترول في لبنان الدكتور ناصر حطيط كلمة رئيس الهيئة الدكتور غابي دعبول كلمة قال فيها: "تشارك هيئة إدارة قطاع البترول اليوم حاملة رسالة إلى أهل العلم مفادها أن لبنان وبفضل الجهود التي يبذلها لا يزال محط أنظار المستثمرين المحليين والدوليين في المشاريع المتعلقة بالتنقيب عن النفط والغاز. إن الأوضاع السياسية لم تثننا عن متابعة واستكمال دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن البترول في البحر اللبناني التي وافق على إطلاقها مجلس الوزراء في 27 كانون الأول 2012".
ودعا إلى "المحافظة على المستوى العالي من المصداقية التي بات يتمتع بها لبنان في هذا السياق". وقال: "إن الاحتمال الأكبر بوجود الغاز الطبيعي في مياهنا البحرية يحتم العمل على تطوير البنى التحتية الضرورية لإنتاج الغاز ومعالجته ونقله، بالإضافة إلى ذلك، العمل على تأمين أسواق طويلة الأمد للغاز اللبناني، الأمر الذي يشكل دافعا أساسيا إلى استكمال دورة التراخيص الأولى من دون أي تلكؤ حتى لا يكون لبنان بلدا متأخرا عن استغلال موارده البترولية بالنسبة إلى الدول المحيطة به والتي سجلت اكتشافات غازية".
وذكر بـ"العائدات البترولية والتي سوف تودع في الصندوق السيادي الذي ينص عليه قانون الموارد البترولية مع المحافظة على رأسماله للأجيال القادمة"، وقال: "لم يقتصر المشروع البترولي على المياه البحرية اللبنانية، فقد أنجزت وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول مسودة قانون للتنقيب عن البترول على البر اللبناني بعد أن بدأت الوزارة بالقيام بمسوحات زلزالية بواسطة شركات متخصصة".
وختم: "أعدت وزارة المالية بالتعاون مع الهيئة مسودة قانون للتعديلات الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية، وإن إقرار هذا القانون من قبل مجلس النواب قبل تقديم الشركات لعروضها سيشكل خطوة هامة بالنسبة لتحديد الأرباح بين الدولة والشركات بدقة وشفافية".
بعدها ألقى رئيس "جامعة رفيق الحريري" الدكتور رياض شديد كلمة قال فيها:"يهدف هذا المؤتمر الى الإضاءة على أحدث التطورات في المجالات الجيوسياسية والتقنية والقانونية والمالية، وغيرها من النواحي المتعلقة بتطوير قطاع النفط والغاز في القسم الشرقي من حوض البحر الابيض المتوسط. وإنني على ثقة بأن الآراء والتوصيات التي ستصدر عن المشاركين المميزين في هذا المؤتمر في اليومين المقبلين، ستساهم في تحديد الخطوات المقبلة على طريق تطوير صناعات ناجحة في مجالي النفط والغاز في لبنان والمنطقة".
وأضاف: "لقد أحرز لبنان تقدما مهما في تطوير مصادره النفطية مثل اعتماد قانون النفط عام 2010 وانشاء الهيئة المنظمة للقطاع عام 2012. كذلك أنجزت الحكومة عملية تصنيف الشركات لاستخراج الغاز في نيسان 2013، حيث تقدم في حينه 52 شركة، تم قبول 46 منها".
ورأى أن "الاستغلال الصحيح للموارد الغازية والنفطية سيساعد لبنان على التخلص من دينه العام وتحسين أمنه الطاقوي وإطلاق تنمية اقتصادية على نحو غير مسبوق. ولكن من أجل تحقيق هذه الأهداف، على الحكومة وضع رؤية استراتيجية حول الهدف النهائي من استكشاف واستغلال هذه الموارد، وكذلك الاتفاق على سبل التغلب على التحديات التي تقف عائقا أمام تطوير القطاع".
واعتبر شديد أن "تحقيق رؤية الدولة على أرض الواقع يتطلب منا مواجهة عدد من التحديات، منها شكل الحوكمة، إذ يبعث سجل لبنان في عدم القدرة على معالجة مشاكل اقل تعقيدا مثل الكهرباء على التساؤل عن مدى ملاءمة النظام السياسي الحالي في اجارة قطاع النفط بنجاح واعطاء الثقة للمستثمرين وللشركات. ففي غياب رئيس للجمهورية، تمكنت الحكومة من ادارة شؤون البلاد بصعوبة، إذ إن الوقت حرج جدا بالنسبة الى لبنان. ذلك أن الإجراء الذي يمكن اعتباره تقنيا ممكنا واقتصاديا مجديا في المدى القصير، قد يتحول الى عكس ذلك إذا طرأ تأخير كبير في التنفيذ وإيجاد استراتيجية للتصدير تعتمد على حجم الاحتياطي المكتشف وعلى مستوى الاستهلاك المحلي وعلى المنافسة بين الجهات المزودة للغاز. من ناحية أخرى، تتأثر استراتيجية التصدير بعوامل عدة ذات طابع امني بسبب حالة الحرب القائمة او المؤجلة بين عدد من دول المنطقة بالاضافة الى حالة عدم الاستقرار السائدة في سوريا ودور المؤسسات التعليمية ودور الدبلوماسية الواقعية لان الدبلوماسية التي نسعى اليها يجب ان تكون براغماتية ولكن حكيمة".
وختم: "إن تطوير قطاع النفط في منطقة شرق المتوسط يتطلب قرارات مفصلية من الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص وشركات النفط الدولية. وعلى أصحاب القرار والفاعليات الشروع في تطوير هذا القطاع من دون أي تأخير إضافي، بالتعاون الوثيق مع اللاعبين الاقليميين. وأنا على ثقة بأن لبنان سيساهم بفاعلية في تطوير قطاع طاقة مزدهر في الحوض الشرقي للمتوسط. معا نستطيع ان نجعل من شرق المتوسط منطقة تتمتع بالتنمية الاقتصادية المستدامة وتمتلك كل الظروف الملائمة من أجل دعم الازدهار والاستقرار في دولها".
أرسل تعليقك