القاهرة ـ وكالات
قال مسؤولون إن البنوك المصرية تواصل رفع مخصصاتها المالية بشكل مستمر خلال الفترة الماضية، تحسبا لزيادة حالة التعثر، ومواجهة الديون المشكوك في تحصيلها بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة في البلاد.
وقال محمد بركات رئيس بنك مصر، ثاني أكبر البنوك العاملة في السوق إن مصرفه جنب مخصصات كبرى تناسب التغيرات التي تحدث في السوق، مؤكدا أن محفظة الديون المتعثرة للبنك الحكومي تم تغطيتها بالكامل في ظل مخاوف متصاعدة وإن كانت مؤقتة. وأشار بركات إلى تحرك مصرفه قبل وبعد الثورة المصرية لتسوية الديون المتعثرة لعدد من كبار رجال الأعمال، منهم رامي لكح وإبراهيم كامل وحسام أبو الفتوح، خصوصا وأن تلك المديونية تزيد من تحمل البنوك مخصصات تؤثر على الربحية.
وبحسب آخر تقارير البنك المركزي المصري فقد رفعت البنوك من الاحتياطي المخصص لتفادي مخاطر تتعلق بالتعثر ومواجهة الاستثمار في الأوراق المالية المختلفة بنحو 1.7 مليار جنيه، ليصل إلى 29.8 مليار جنيه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مقابل 27.8 مليار جنيه في سبتمبر بعد أن كان 24.9 مليار جنيه في يوليو.
كما رفعت إجمالي المخصصات بنحو مليار جنيه لتصل إلى 53.8 مليار جنيه عن نفس الفترة مقابل 52.912 مليار جنيه في شهر الذي سبقه.
وقال الخبير المصرفي أحمد آدم إن زيادة احتياطيات البنوك ومخصصاتها سببه مخاوف من حالات تعثر مترتبة على الوضع السياسي المرتبك حاليا، مشيرا إلى أن البنوك تلجأ إلى تلك الأدوات في حالة التخوف من عدم قدرة العملاء على السداد، وتذبذب البورصة المستثمر بها مبالغ كبيرة.
في السياق ذاته قال ربيع نعمة خبير المخاطر والخبير لدى صندوق النقد الدولي، إن البنوك المصرية مطالبة بدراسة المخاطر ومحاصرتها خلال الفترة المقبلة وسط توقعات بزيادتها بسب المشهد السياسي.
وقال نعمة إن تغير الملكيات وتعثر عدد من الكيانات الصناعية الكبرى والشركات السياحية من المتوقع أن تزيد عدد المتعثرين، فالمخصصات الحالية وحدها غير كافية للتعامل مع مستقبل الائتمان في مصر، بل قراءة المخاطر المستقبلية هي الأصل في تعامل المصارف المصرية ودول الربيع العربي في المرحة المقبلة. وطالب نعمة البنك المركزي بزيادة الاهتمام بقراءة المخاطر وتحليلها، مع متابعة يقظة للسوق والتغيرات التي تحدث.
وتوقع عدد من خبراء البنوك تعرض القطاع المصرفي لموجة جديدة من التعثر، بسبب تداعيات المشهد السياسي الحالي وما يرتب عليه من تباطؤ الاقتصاد المصري، وتراجع معدلات النمو والإيرادات السيادية للدولة.
وأشاروا إلى احتمالات ظهور الموجة الجديدة للتعثر من خلال تأخر الشركات والمؤسسات في دفع الأقساط التي تدفع مقابل المديونية في الشهور القادمة، خصوصا في القطاع السياحي الذي تأثر بشدة طوال العامين الماضين.
في السياق نفسه يعكف البنك الأهلي المصري، أكبر البنوك العاملة في السوق، على دراسة عدد من طلبات رجال الأعمال المتعثرين لتسوية مديونياتهم، منهم رامي لكح وعماد الجلدة ووليد توفيق صاحب توكيل سيارات كيا، بمحفظة تقدر بنحو 300 مليون جنيه. وقال يحيى أبو الفتوح رئيس قطاع المخاطر والتعثر بالبنك الأهلي المصري إن جميع القطاعات متعرضة بشكل أو بآخر للتعثر، وإن كان قطاع السياحة في مرتبة متقدمة، لكن القطاعات الأخرى الصناعية والتجارية ليست بمنأى عن التعثر المحتمل، ولكنه يرى أن قطاعي الغذاء والدواء بحكم الاحتياج قد يكون في مرتبة أبعد إلى حد ما.
كانت آخر موجة لتعثر تعرض لها الاقتصاد المصري قبل ثورة 25 يناير ترجع إلى نهاية عام 2009، إبان ظهور الأزمة المالية العالمية، واستمرت لمدة عامين وأشدها نهاية عام 2011، وقد ترتب عليها حدوث اهتزاز في الموقف المالي لبعض فروع البنوك الأجنبية، وانسحاب بعضها مع تراجع نسبي في أعمال البنوك بشكل عام وسط تحفظ كبير في مجال الائتمان الرافد الأساسي للاستثمار.
أرسل تعليقك