يجلس حزينا باكيا لا يعرف من أين يبدأ، يحمل ألبوم صور، يقلب في صفحاته ليشاهد صور خطوبة ابنته ويمسح عينه من البكاء في لحظة يحاول أن يتماسك كي يتحدث.. حسانين فاروق، أب انفطر قلبه على ابنته المختفية عنه منذ 3 أشهر، يحاول كل ساعة فك طلاسم اختفائها، دون جدوى، لكن قلبه يحدثه بأنها حية تُرزق.
"حياة" هو اسم ابنة عم حسانين، صاحب مسبك نحاس، عروس في 17 من عمرها، بالمرحلة الأولي من الثانوية العامة "خرجت من البيت ومارجعتش"، بحسب وصف الأب المكلوم، والذي قال: "حياتنا تحولت إلى سحابة سوداء، بنتي مختفية من 3 أشهر، ولا أعرف عنها شيئا"، مستطردا "كان يوم سبت من 3 شهور والساعة 9 صباحا دخلت غرفتي لتطلب مني مئة جنيه لزوم مصاريف دورة في اللغة الإنجليزية، وبالفعل أخذت الفلوس وخرجت من غير أي حاجة، بنتي كان كل اللي معاها 100 جنيه وبس".
وتابع "كنا مشغولين بسبب مرض زوجة أخي ورافقناها بالمستشفي أثناء إجراء عملية جراحية، ولكن زوجتي كالمعتاد اتصلت أكثر من مرة على تليفون ابنتنا "حياة" لتطمئن عليها وتعرف أين هي ولكنها لم ترد، إلى أن عدنا إلى البيت ولم نجدها، انتظرنا علي أعصابنا، لكنها لم تعد، لتدق الساعة الثامنة ويرتفع صوت المؤذن لقيام صلاة العشاء ولم تأت حياة".
ويواصل :"لم يكن هناك سابق مشكلة بيننا وبينها، وبعدما تغيبت حياة، فاتت ساعات على اختفائها قررنا تتبع هاتفها المحمول وعلمنا أنها بمحافظة الإسكندرية من آخر مكالمة وظهور على "واتسآب" وبعدها تم إغلاق هاتفها تماما وبدأ يتصل بنا أشخاص للتفاوض معنا وطلب أموال واللعب بأعصابنا ولا أعرف ما الذي يحدث لابنتي".
الأب بالكاد يكمل حديثه بأنه توجه إلى قسم شرطة حلوان وقدم بلاغا باختفاء ابنته ولكنهم بالقسم أخبروه بضرورة مرور 48 ساعة على واقعة الاختفاء، "فأنتظر والخوف يخترق جسدي كالشوك، ولكني لم أعتمد على بلاغ القسم فقط، بل بحثت عنها في كل مكان، إلى أن تمكن أخوها من فتح حسابها الشخصي على "فيسبوك" وكانت المفاجأة التي قسمت ظهري، محادثات ابنتي عبر "فيسبوك".
ويلتقط رمضان، عم الفتاة المختفية "حياة" الحديث من والدها، قائلا: "هي تعاني من أزمة نفسية تجعلها دائمة ناقمة على حياتها وتتمرد على عيشتها وحياة أهلها، ترفض الوضع الذي تعيشه وتطمح في أشياء كبيرة أقل من قدراتها بمعني أنها تخبر الجميع بأنها ستتخرج وتصبح مهندسة أو طبيبة وهي دائمة الرسوب"، وتابع :"أنا اللي فتحت حسابها على فيسبوك، واكتشفت المصيبة الكبرى، حياة كانت بتتعامل مع شركة عنكبوتية للتسويق عبر فيسبوك دون علم الجميع وهذه الشركة من خلالها يستقطبون الشباب والفتيات للعمل معهم عن طريق التواصل عبر الإنترنت في تسويق المنتجات، واكتشفت أن هذا المكان يقوم بتغيير اسمه كل فترة نظرا للقضايا والمشكلات التي رفعت عليه وما ينتظرهم من مساءلة قانونية، ومن خلال هذا التواصل يتم استقطاب الفتيات وإيقاعهن في المحظور، وأعتقد أن هذا ما حدث مع ابنة أخي".
يسوق العم سببا لاختفاء ابنة شقيقه، فيضيف: "أول شيء خطر على بالي أن أخترق صندوق رسائلها وبالفعل وجدت محادثات بينها وبين شخص يدعي "فادي النصاب"، ودا بقى حكايته حكاية، فالبيه عامل حساب بيكلمها منه على إنه فادي، وحساب تاني، على إنه شخص بيحاول يبتزها وواخد صورها وعاملها فوتو شوب، مركب صورها بصور مشبوهة وبيهددها بيها إنه هيفضحها ويبعتها للجروبات كلها، وتبقى هي حديث السوشيال ميديا".
واستكمل "لكن ضمن الرسائل تبين أن "حياة" لجأت لفادي كي ينقذها من ابتزاز هذا الشخص المجهول بالنسبة لها، وبالفعل حاول إقناعها بالسفر معه كرحلة لمدة يوم مع أصدقائهم إلى الإسكندرية، ونجح في إقناعها على أن يعودوا في نفس اليوم وهو من اختار لها فكرة الاشتراك في دورة اللغة التي أخذتها من والدها، وقبل اختفائها بأيام اتصل بوالدها شخص ادعى كذبا أنه مدرس اللغة الإنجليزية ليسأله عن ابنته ويخبره بأهمية حضورها لاستكمال دروسها ولما راجعنا الرقم ظهر أن اسمه فادي وليس اسم مدرس ابنة أخيه".
ويشير عم حياة إلى أنه بتتبع جميع رسائلها توصلوا لمعظم أصدقائها الذين قاموا بالسفر معها إلى الإسكندرية وجميعهم عادوا إلا "حياة"، بل أخبروهم أنهم عادوا وتركوها لأنها اختفت منهم في الإسكندرية، حيث قالوا :"خُطفت من وسطهم" والجميع يعلم أنها ابنة رجل أعمال فقرر فادي وشركاه خطفها.
واختتم العم حديثه: "طول عمرها منطوية ومابتحبش تشرك حد في حياتها، حتى فيسبوك بتاعها مش ضايفة حد مننا عليه، بالرغم من إنها وافقت على خطبتها من أحد أقاربنا، ولم تبد أي اعتراض على الشخص ووافقت إرضاء لوالدها وتمت خطبتها لفترة دامت 3 أشهر، وبدأت تحكي لأصدقائها أنها لا تريد استكمال هذه الخطوبة مع العلم بأنها كانت منطلقة وتظهر عليها علامات الفرحة أثناء خطبتها وأقمنا لها حفلة كبيرة ظلت ترقص إلى نهاية الحفلة، بس هي اللي دماغها كده".
ومع انتهاء حديث العم عاود والد الفتاة الحديث باكيا "أنا عايز بنتي ترجع لحضني من تاني ومايهمنيش كلام حد في الدنيا، أنا ربيتهم بالحلال وتعبت وشقيت أنا وأمهم، حتى لو كانت غلطت أنا مسامحها بس ترجعلي بالسلامة".
أرسل تعليقك