برلين ـ وكالات
معرفة ما إذا كانت الزرافة مرتاحة أم لا، علينا النظر إلى أوقات نومها، التي تتأثر بعوامل عدة. ومن خلال طول فترات النوم ووضعيتها يمكن مساعدة الزرافات كثيرا، بل ويمكن إنقاذ حياتها أحيانا من الموت.ثماني ساعات من النوم يوميا؟ هذا سيكون وضعا مثاليا، ولكن الأمر مختلف إذا كنت تعيش في مناطق السافانا وتتوقع دائما بأنك ستتعرض لهجوم من حيوان مفترس خلال النوم. لذا فإن الزرافة تكتفي بالنوم لأربع ساعات ونصف فقط يوميا. وليست متواصلة لأن ذلك سيكون خطيرا جدا، فتضطر لتوزيع ساعات نومها القليلة على مدار اليوم. "إنها تنام تقريبا أثناء فترات الاستراحة من تناول الطعام"، كما يوضح عالم الأحياء فلوريان سيكز، المشرف على الحيوانات الثديية في حديقة الحيوانات في برلين.تقضى الزرافة نصف ساعة منها في حالة نوم تسمى "REM"؛ وهي مرحلة نحلم فيها نحن البشر – وربما الحيوانات أيضا – ونحن مستيقظين: في هذه المرحلة يكون الدماغ نشطا كما هو الحال في حالة اليقظة، والعينان تتحركان جيئة وذهابا بسرعة، ومن هنا جاءت تسمية هذه المرحلة من النوم بـ RME، وهي اختصار لعبارة (Rapid EyeMovement)، وتعني حركة العين السريعة. بالمقابل فإن العضلات في حالة استرخاء تام – باستثناء بعض التشنجات البسيطة أحيانا.Giraffe im REM-Schlaf Rothschild-Giraffe im Tierpark Berlin namens Dorle. Wenn Giraffe sich so hinlegen, sind sie im REM-Schlaf (Rapid Eye Movement) Bild: Florian Sicks زرافة منطوية على نفسها لتستمتع بالنوم في أفضل وضعية ممكنة – وضعية نوم خطرة بالنسبة للزرافات التي تعيش في مناطق السافانا حيث الحيوانات المفترسة التي قد تنقض في كل وقت عليها.
ولكن فقط الزرافات التي تعيش في وضع هادئ ومستقر يمكنها أن تنام كامل المدة التي يحتاجها هذا النوع من الحيوانات، كما يقول فلوريان فلوريان سيكز، الذي يضيف: "عندما تتعرض الزرافة للإجهاد والضغط، فستنخفض فترة نوم حركة العين السريعة (REM) انخفاضا شديدا، لتصل إلى الحد الأدنى". هذا ما اكتشفه سيكز خلال إعداده بحث الحصول على درجة الدكتوراه.نقل الزرافة من حديقة حيوان إلى أخرى، على سبيل المثال، سيؤدي إلى ضغط هائل عليها: "بعدها ستفقد بعض الزرافات فترة نوم حركة العين السريعة (REM) لمدة ستة أيام بشكل كامل تقريبا". وسيستغرق الأمر أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حتى يعود نمط نومها إلى وضعه الطبيعي تماما.ولمعرفة وضع الحيوان ودرجة الإجهاد والضغط لديه يقوم الباحثون عادة بقياس كمية هرمون الكورتيزون (هرمون الإجهاد) في الدم لدى الحيوان. ولكن فلوريان سيكز أثبت مؤخرا بأن كمية الكورتيزون في الدم ليست علامة مناسبة لتحديد درجة الإجهاد: لدى بعض الزرافات التي فحصها وجد أن تركيز الهرمون في الدم منخفض، رغم أنه كان من الواضح أن الحيوان يعاني من حالة من الإجهاد. "طول فترة نوم حركة العين السريعة (REM) هي مؤشر أكثر موثوقية لتحديد درجة الإجهاد"، كما يؤكد الباحث البيولوجي سيكز.ي أطروحة الدكتوراه راقب سيكز 17 زرافة في حدائق الحيوانات في ألمانيا خلال فترات نومها – بواسطة كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء كان قد وضعها مسبقا في حظائر الحيوانات. المشاهدة وجها لوجه كانت أمرا متعذرا لأن الزرافات حيوانات خجولة جدا، كما يشير سيكز: "ربما كانت ستضطر للبقاء مستيقظة ولن تخلد للنوم أبدا، لو بقيت في الحظيرة".
ويمكن للزرافة أن تغفو وهي واقفة. ولكن حتى تتمتع بالاسترخاء التام - أي فترة نوم حركة العين السريعة (REM) - يجب ألا تستلقي فقط، ولكن أن تتكتل على نفسها: أي أن تطوي ساقيها وتثني رقبتها الطويلة إلى الخلف وتريح رأسها على إحدى ساقيها الخلفيتين. لأن ذلك يمنع – كما يؤكد سيكز – "سقوط رأسها على الأرض خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)".
وهذا الأمر كان ذا فائدة عملية لفلوريان سيكز، لأنه عندما تكون الزرافات في تلك الوضعية فهذا يعني على الفور بأنها في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM).
ليس فقط نقلها من حديقة حيوان إلى حديقة حيوان أخرى هو ما يجعل الزرافات في حالة سيئة. لأن أشد حالات المعاناة لديها هي عندما يتم فصلها عن القطيع، والأمر الأصعب على الإطلاق هو موت شريك الحياة. من بين الزرافات التي بحث سيكز أوضاعها كان هناك زوج من الزرافات في حديقة حيوان أوبل بالقرب من فرانكفورت، هما جورج وجاكلين. عاشا هناك معا لمدة 15 عاما.
"وفي أحد الأيام، وبعد أن بلغ من الكبر عتيا بحسب طبيعة الزرافات، توفي جورج عن عمر يزيد على عشرين عاما"، كما يروي سيكز، "بعدها بقيت جاكلين لمدة ثلاثة أسابيع محرومة تماما من حالة نوم حركة العين السريعة (REM)، وهذا وقت طويل جدا بالفعل: الجرذان، على سبيل المثال، تموت بعد ثلاثة إلى ستة أسابيع من الحرمان من حالة نوم حركة العين السريعة (REM)".
عند الزرافات الوليدة حديثا تمتد فترة نوم حركة العين السريعة (REM) بشكل كبير.عندما تكون جائعة. هذا ما جرى التعرف عليه بصورة مؤلمة في حديقة الحيوان في فرانكفورت، عندما توفي صغير الزرافة باهاتي البالغ من العمر ستة أيام فقط. توفي لأن أمه لم تدر الحليب. أمضى المولود الأيام قبل موته في حالة النوم النموذجية طاويا قدميه ورقبته ومستلقيا على الأرض.
ومن يومها صار المشرفون في حديقة فرانكفورت أكثر انتباها. فعندما أنجبت ذات الزرافة وليدا جديدا وتكررت نفس المشكلة، حيث كان الوليد الجديد ينام كثيرا مكررا نفس الحالة، عندها قام لمشرفون عليه بفصله عن أمه واضطروا لتغذيته بالزجاجة. الطفلة شيرا نجت هذه المرة، رغم أن الأم لم تدر الحليب.
وهنا يلخص فلوريان سيكز استنتاجه بالقول: "إذا كان وليد الزرافة يمضي وقتا أكثر من اللازم عادة لمولود جديد في وضعية نوم حركة العين السريعة (REM)، فإن هذا يشكل إنذارا مبكرا للمشرفين، لأن كلا الوليدين شيرا وباهاتي تصرفا – باستثناء طول فترات نوم حركة العين السريعة (REM) – بشكل طبيعي. وفقط من خلال ملاحظة طول فترات نوم حركة العين السريعة (REM) تمكنوا من إنقاذ الوليدة شيرا".
أرسل تعليقك