توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فشل المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - فشل المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون

فشل المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون
واشنطن ـ مصر اليوم

يتاجر العالم في كل شيء تقريبًا، من قصب السكر إلى السيارات الراقية، إلى جانب المنتجات غير المادية مثل الملكيات الفكرية وبراءات الاختراع. ومع تغير المناخ، جاء الخبراء بفكرة تداول الحق في التلويث، وخلق حافز مالي لكبح الانبعاثات. وكان من نتيجة ذلك تحويل الكربون إلى سلعة يجري تداولها.

يملك صانعو السياسات ثلاثة خيارات للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري ,الخيار الأول هو وضع حد معين للانبعاثات لا يمكن للشركات تجاوزه. الخيار الثاني هو فرض ضريبة على الكربون حيث تدفع الشركات مقابل كمية ثاني أوكسيد الكربون التي تطلقها في الجو، وهذا الخيار سيدفع الشركات للاستثمار في بدائل أنظف طالما كانت الكلفة أرخص من دفع الضريبة.

ويقوم الخيار الثالث على وضع خطة لتجارة الانبعاثات (سوق للكربون)، وفي هذا السيناريو تقوم الشركات بشراء وبيع "حق التلويث" بين بعضها البعض. ومنذ توقيع بروتوكول كيوتو عام 1997، ظهر في أدبيات دبلوماسية البيئة مفهوم «تسعير الكربون» الذي يهدف إلى وضع سعر لانبعاثات الكربون في الغلاف الجوي، تطبيقًا لواحد من أهم مبادئ الإدارة البيئية التي ارتضاها المجتمع الدولي في إعلان ريو عام 1992، وهو مبدأ «الملوث يدفع».

ويقول خبير شؤون الطاقة وأستاذ البيئة في جامعة الخليج العربي في البحرين، الدكتور إبراهيم عبدالجليل، إن دولًا كثيرة بدأت تتبنى هذا المفهوم كأحد آليات الحد من انبعاثات الكربون المسببة لتغيرات المناخ. إلا إن ذلك قوبل بالرفض من دول وصناعات أخرى، بخاصة كبار منتجي النفط والصناعات القائمة عليه مثل صناعة البتروكيماويات وغيرها. وكانت المجموعة العربية ضمن فريق المعارضين، فهي اعتبرت ذلك مؤامرة على صناعة النفط. وحتى حينما لاحت فرص الانخراط في سوق الكربون العالمي من خلال آلية كيوتو للتنمية النظيفة، كانت المشاركة العربية محدودة للغاية».

تملك كل سلعة نشتريها بصمةً كربونيةً تمثل الكمية المكافئة لغاز ثاني أوكسيد الكربون الذي تحرر خلال مراحل إنتاجها. لنفترض أن سيارة متوسطة احتاجت إلى طن من الحديد لتصنيعها، فالبصمة الكربونية لإنتاج هذه الكمية من الحديد تساوي طنين من ثاني أوكسيد الكربون. وفق الأسعار الحالية للكربون في الاتحاد الأوروبي، ستكون قيمة هذه الانبعاثات نحو 27 دولاراً، وتستطيع الشركات التي يمكنها خفض انبعاثاتها من الكربون أن تبيع حقوقها في التلويث لتلك الشركات التي لا تملك القدرة على خفض الانبعاثات لقاء مبلغ يقل عن 27 دولاراً.

ترتبط تصاريح بيع الكربون بمبلغ إجمالي يقابل هدف كل بلد في خفض انبعاثاته. في بداية مرحلة التداول، يجري تخصيص التصاريح للشركات مجاناً أو يتم شراؤها من خلال مزاد أو سوق للكربون. ثم يتناقص عدد التصاريح المتاحة بمرور الوقت، وهذا يدفع الشركات للاستثمار في خيارات الإنتاج الأنظف وتقليل مخرجات ثاني أوكسيد الكربون. وعلى المدى الطويل، تساهم تجارة الكربون في تعزيز الابتكار وتؤدي إلى خفض أسعار التقنيات الجديدة.

يمكن لتجارة الكربون أن تحقق معادلة الربح لجميع الأطراف إذا جرى تطبيقها مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة العالمية لتغير المناخ، ويكون ذلك من خلال الجمع بين تسعير الكربون مع «أرصدة الإزاحة». وتقوم فكرة أرصدة الإزاحة على دفع ثمن الانبعاثات التي تتم إزاحتها في بلد آخر غير البلد الذي يتسبب فيه التصنيع بالتلوث. فقد يكون لصانع فولاذ أوروبي تقنية متقدمة في الإنتاج ضمن بلاده، لكنه يختار الاستثمار في مشروع تنموي نظيف في الهند لخفض مجمل الانبعاثات الناتجة عن استثماراته.

و، تتبع السلطات مجموعة من الإجراءات بهدف خفض غازات الاحتباس الحراري. ولا يقتصر الأمر على إلزام الملوثين بخفض انبعاثاتهم أو تسعير الكربون، بل توجد أيضاً حوافز تشجيعية تقلل كلفة اعتماد البدائل التقنية النظيفة. وتشمل هذه الحوافز الإعفاءات الضريبية، وخفض الرسوم الجمركية على المنتجات الخضراء، وتوفير الدعم الحكومي لإنتاج الطاقة من مصادر متجددة.

وجمعت الحكومات حول العالم نحو 22 بليون دولار من إيرادات تسعير الكربون عبر مزادات التصاريح، والمدفوعات المباشرة للوفاء باشتراطات حدود الانبعاثات، وإيرادات ضرائب الكربون. ويمكن استخدام هذه الأموال من خلال إعادة استثمارها في مشاريع تنموية خضراء، أو توظيفها في خفض العبء الضريبي الإجمالي.

سوق عالمية للكربون

وكانت هناك 42 دولة و25 سلطة حكم إقليمي تقوم بتسعير الكربون مع نهاية سنة 2017  وما زالت سوق الكربون في الاتحاد الأوربي هي الأكبر حتى الآن، وإن كانت الصين بدأت بإطلاق ثماني مبادرات تجريبية تمهيدًا لإنشاء نظام تجارة كربون على المستوى الوطني سيكون هو الأضخم عالمياً.
لم يقتصر الأمر على الحكومات، إذ إن هناك أكثر من ألف شركة ومستثمر يؤيدون اعتماد سعر شامل للكربون. كما انضم نحو 80 من كبار المدراء التنفيذيين إلى مجموعة قادة المناخ في المنتدى الاقتصادي العالمي، في حين يواصل ائتلاف «قيادة تسعير الكربون» حشد تأييد قطاع الأعمال لجهوده، علمًا أنه أصبح يضم 30 حكومة و180 شركة.

إن انتهاء العمل ببروتوكول كيوتو المناخي في سنة 2020 يعتبر تاريخًا فارقًا، إذ سيكون اتفاق باريس هو الناظم لخطط تسعير الكربون الدولية بعد تلك السنة. لذلك فإن تفاصيل آلية تجارة الكربون العالمية ما زالت قيد التفاوض، نتيجة اعتماد اتفاق باريس على مبدأ «المساهمات المحددة وطنياً» في خفض الانبعاثات.

وفي حين كان بروتوكول كيوتو يتبنى دفع التعويضات للبلدان النامية مقابل الانبعاثات التي تطلقها الدول المتقدمة، فإن اتفاق باريس يوفر الفرصة لتوسيع نطاق أسواق الكربون وتعزيز تكاملها. ففي ظل الخطط القائمة حالياً، يمكن لشركات صناعة السيارات أن تختار مورّداً للصلب لا يخضع لضريبة الكربون، بينما سيؤدي ربط مختلف نظم تداول الكربون في سوق عالمية مشتركة إلى استقرار الأسعار وتقديم خيارات لتخفيض الانبعاثات تكون أكثر فعالية من حيث الكلفة.

مواطن الضعف في تجارة الكربون

يُفترض بأسعار تصاريح الكربون أن تكون مرتفعة نسبيًا من أجل دفع المنتجين للاستثمار في تقنيات أنظف. غير أن أسواق الكربون شهدت أسعاراً منخفضةً على مدى سنوات عدة . وفي مطلع سنة 2017، تراوح سعر طن ثاني أوكسيد الكربون بين أقل من دولار واحد في المكسيك وبولندا و126 دولاراً في السويد، في حين لا يزال السعر السائد في أكثر الأسواق العالمية نحو 10 دولارات للطن الواحد. وهذا ما يدفع الخبراء والعديد من السياسيين، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للمطالبة باعتماد حد أدنى يكون ملزمًا في تسعير الكربون دولياً. أظهر مسح غير رسمي أجري خلال انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير في دافوس أن غالبية المديرين التنفيذيين يرون أن تحديد سعر عادل لطن الكربون بنحو 20 دولارًا ضروري لإنجاز التحول الفعّال في الاستثمارات، واقترح أكثر من نصفهم أن يصل هذا السعر إلى 40 دولاراً بحلول 2025.

وفي حين لم تجر العادة على إدراج الطيران والشحن الدوليين ضمن خطط التجارة بالكربون، لكن الطيران المدني اتجه في 2016 إلى إنشاء آلية قائمة على العرض والطلب للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وستدخل هذه الآلية حيز التنفيذ اعتباراً من سنة 2020.

ويقول عبدالجليل إنه حتى الآن لم ينجح المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون تتحدد فيها الأسعار بموازين العرض والطلب، كما أن اتفاق باريس لتغير المناخ ترك الباب مفتوحًا أمام جميع الدول لاختيار ما يناسب ظروفها من إجراءات وسياسات للحد من الانبعاثات، مفضلًا فرض ضريبة الكربون عن الاتجار فيه. وإلى أن تتبلور الأجندة الدولية، ولا أرى ذلك في المستقبل القريب، فسيظل موقف الدول العربية متأرجحاً».
العرب

 

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون فشل المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون فشل المجتمع الدولي في خلق سوق عالمية للكربون



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon