السائد أن المصدر الرئيسي للتلوث والاحترار المناخي، الذي يهدد مستقبل الكرة الأرضية، يتمثل بالانبعاثات الهائلة التي تلوث الأجواء، عمليات الانتاج والاستهلاك المتفلت من القيود، في الدول الصناعية الكبرى، وتلك النامية التي تتحول إلى صف عمالقة الصناعة والاقتصادات الأولى في العالم.
هذه”البديهية” خرج تقرير أعدته “ناشيونال جيوغرافي”، ليكشف انها لا تعبر عن كامل واقع التلوث المر.
فالتقرير يبين أن دولا صغيرة، بينها دول أوروبية مشهود لها ببرامجها الرائدة في الحفاظ على البيئة، كالدانمارك وهولندا، وأخرى كأستراليا وإيرلندا المتميزتين بسهولهما الخضراء الشاسعة، تعاني أجواؤها أسوأ أشكال التلوث، الذي تعد نسبته أعلى بكثير من تلك المعتمدة عالميا، تحت عنوان “الخطر”، ةوذلك قياسا إى حجم هذه الدول، وحجم الانتاج فيها.
ثمة “شواذ” يرد في التقرير، وهو الولايات المتحدة الأميركية.
هنا الدول العشر ذات الآثار الأكبر على البيئة:
قطر
نسبة انبعاثات الكربون في قطر لكل فرد هي الأعلى في العالم، وأعلى بثلاث مرات مما هي في الولايات المتحدة.
ووفقاً لـ “تقرير الكوكب الحي” (Living Planet Report)، الذي ينتجه الصندوق العالمي للحياة البرية (World Wildlife Fund ) وشبكة الآثار العالمية (Global Footprint Network)، من بين تقارير أخرى، إذا كان كل إنسان سيعيش مثل الانسان القطري العادي، فإن الأرض سوف تحتاج الى موارد اكبر بخمس مرات مما هو موجود عليها.
فكما هو الحال اليوم، يستخدم البشر ما نسبته 50 في المئة أكثر من الموارد التي يمكن أن تجددها الأرض في السنة. بعبارة أخرى، إن البشر يستخدمون ما يعادل موارد كوكب ونصف الكوكب في السنة. وبحلول عام 2030، سوف يستخدم البشر ما يعادل موارد كوكبين كل عام.
عندما يجتمع زعماء العالم في ريو دي جانيرو في يونيو/ حزيران، سوف تكون “القدرات الحيوية” للكوكب- أي القدر الذي يمكن للأرض أن تدعم به الحياة مادياً- موضوع النقاش بالتأكيد. وتظهر بيانات الآثار العالمية (Global Footprint Network ) أن البشر في جميع أنحاء العالم يستخدمون موارد أكثر من القدرة البيولوجية الموجودة لديهم لدعمهم.
لماذا تعتبر قطر في أعلى قائمة المستهلكين؟ إن النفط الذي يتم ضخه من الرمال الغنية في البلد الصحراوي لا يحسب من استهلاك البلاد (إلا إذا تم حرقه داخل الدولة)، إلا أن استخدام الطاقة في هذا البلد الشرق أوسطي مرتفع جداً.
إذ يقدم الماء والكهرباء مجاناً للمواطنين، الأمر الذي وصفه فريد بيرس في عموده في صحيفة الغارديان عام 2010 بـ “الكهرباء السائلة”، بما أن المياه في الشرق الأوسط غالباً ما يتم انتاجها عن طريق تحلية مياه البحر، وهو نشاط مستهلك للطاقة بشكل كثيف.
(في هذه الصورة، التي أخذت في أكتوبر/ تشرين أول 2011، غاسلات النوافذ تعود الى الأرض على طول واجهة الطابق 52 في برج تورنادو).
إن الطلب على الطاقة يرتفع بنسبة 7 في المئة سنوياً لتشغيل معامل تحلية مياه البحر ومكيفات الهواء التي تحافظ على الحياة في الصحراء إضافة الى معدات انتاج الغاز الطبيعي التي تمول ذلك.
الكويت
ظلت نيران الإطارات، التي اندلعت في مدينة ” رحية”، 75 ميلاً (120 كيلومترا) إلى الشمال من مدينة الكويت، مشتعلة لأكثر من عشر ساعات في الشهر الماضي.
كما هو الحال في قطر المجاورة، فإن أسعار الغاز في الكويت هي من بين أدنى المعدلات في العالم، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي هو من بين أعلى المعدلات. هذا، بالإضافة إلى أن عدم وجود البنية التحتية للنقل العام، يجعل السفر على الطرق الوسيلة الوحيدة لتنقل للمواطنين ونقل البضائع للشركات.
ووفقاً لشبكة الآثار العالمية (Global Footprint Network )، يستخدم الشخص الكويتي العادي موارد أكثر بـ 22 مرة من تلك التي توفرها البلاد للشخص الواحد.
الإمارات العربية
على الرغم من كونها رابع أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم (بعد المملكة العربية السعودية وروسيا، وإيران)، فقد دفعت دولة الإمارات العربية المتحدة علناً باتجاه تجديد بروتوكول كيوتو (الاتفاق بين الدول الصناعية للحد من انبعاثات)، وأعلنت عن خطة لزيادة انتاج الطاقة المتجددة، وحتى أنها أطلقت “مشروع توليد الطاقة الشمسية المركزة 1 جيجاوات”.
مع ذلك فإن دبي، وهي مدينة من 1.5 مليون شخص (وكثير منهم من المهاجرين سعياً وراء الثروة، مثل العمال في الصورة أعلاه)، أكبر مركز تسوق في العالم، ومنتجع للتزلج في الأماكن المغلقة، وتحصل حالياً على جميع احتياجاتها من الطاقة من حرق الغاز الطبيعي، وهذا هو السبب في أنها تحتل المرتبة الثالثة على لائحة Global Footprint.
الدانمارك
انبعاثات الكربون في الدانمارك هي نصف تلك الموجودة في الولايات المتحدة، ولكن متطلباتها من الأراضي الزراعية (مساحة الأراضي القابلة للحياة والتي يمكن استخدامها لإنتاج المحاصيل) أعلى من ذلك بكثير.
ولأن هناك استهلاك كبير للحوم للفرد الواحد في الدنمارك، فإنه ينبغي للبلاد استيراد كمية كبيرة من الحبوب – كبيرة الى حد أنها تصل الى 215000 قدم مربع (2 هكتار) من الأراضي للشخص الواحد، أو أكثر بمرتين ونصف من الأراضي التي تملكها البلاد.
الولايات المتحدة
قال تقرير لشبكة الآثار العالمية (Global Footprint Network) إذا كان الجميع سيعيش مثل الأميركي العادي، فإن إنتاج الأرض السنوي من الموارد سوف ينضب بحلول نهاية مارس/ آذار.
إن عشق الأميركيين للرحلات على الطرق البرية، التشكيك في وسائل النقل العامة، والطلب المتزايد على الطاقة أمور تغذي نسبة انبعاثات الكربون المرتفعة لكل فرد.
بلجيكا
إ القدرة البيولوجية للاراضى الزراعية في بلجيكا منخفضة للغاية، لذلك فإنه يجب عليها استيراد الكثير من احتياجاتها الغذائية. هذا يفسر بداية الترتيب العالي لبلجيكا على قائمة Global Footprint Network.
أستراليا
ينبعث من الاستراليين ما نسبته 28.1 طن من ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد، وهي من أعلى المعدلات للفرد في العالم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الطلب في البلاد على الخشب والغذاء والمراعي يستخدم ما يعادل 753000 قدم مربع (7 هكتار) من الأراضي للشخص الواحد، أي ما يقرب من أربعة أضعاف ما هو متاح في المتوسط حول العالم.
كندا
إن القدرة البيولوجية لكندا هي 14.92 هكتار للفرد الواحد، أي 5.5 أضعاف متوسط الاستهلاك العالمي. إذن، إذا كانت موارد العالم وفيرة في أماكن أخرى كما هو الحال في كندا، فسيكون لدينا موارد أكثر من كافية للتركيز عليها .
مع ذلك، إن مدن كندا تحتكر الطاقة بشكل كبير. إذ تحتل البلاد المرتبة السابعة بين الدول لأعلى نسبة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد. فقد ارتفع إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في كندا بنسبة 24 في المئة بين عامي 1990 و 2008.
هولندا
يستهلك هذا البلد الصغير، ذي الكثافة السكانية المرتفعة والمساحة الصغيرة نسبياً بالنسبة للمحاصيل الزراعية والمراعي، أكثر بستة أضعاف من الموارد (الطاقة والغذاء، وغيرها) مما يعتبر البلد قادراً على انتاجه، وحوالي ثلاث مرات أكثر مما يمكن للأرض بالاجمال أن تتحمله.
إيرلندا
مع ذلك، وفي عام 2008، كانت انبعاثات الغازات الدفيئة في ايرلندا بالنسبة لكل فرد ثاني أعلى معدل في الاتحاد الأوروبي.
إن الزراعة هي أكبر مصدر للانبعاثات، إلا أن الانبعاثات الصادرة من المركبات زادت اكثر من الضعف منذ عام 1998.
مع ذلك، كانت هناك تحسينات في السنوات الأخيرة: كان عام 2009 العام الثاني على التوالي الذي انخفضت فيه انبعاثات قطاع النقل، وزادت مصادر الطاقة المتجددة في أوائل العقد الأخير من القرن العشرين في خفض الانبعاثات الناتجة عن قطاع الطاقة بنسبة 10 في المئة في عام 2009.
أرسل تعليقك