الرياض ـ مصر اليوم
أكد مجموعة من الخبراء إن استغلال الطاقة النظيفة ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني ويسهم في تقليل استنزاف الثروة الوطنية في توليد الكهرباء، فعدم استخدام الوقود التقليدية في إنتاج الكهرباء يتيح للدولة تصدير الكميات المخصصة لمحطات الوقود بالأسعار العالمية، وبالتالي رفد خزينة الدولة بموارد مالية كبيرة.
الدكتور هيثم باحيدرة مدير مركز التميز للطاقة المتجددة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، قال لجريدة عكاظ : إن عملية استغلال الطاقة النظيفة (الشمس – الرياح) في المملكة يتطلب جهودا كبيرة، نظرا للفوارق السعرية الكبيرة بين توليد الكهرباء بين الطاقة المتجددة وبين الطاقة التقليدية (النفطية)، مشيرا إلى أن هناك تحركا كبيرا في سبيل خفض التكلفة الإنتاجية للكهرباء الناجمة عن الطاقة النظيفة، بيد أن العملية ما تزال في البدايات، الأمر الذي يجعل عملية التحول نحو هذه النوعية من الطاقة من الصعوبة بمكان على الأقل خلال الحقبة المنظورة.
وأضاف باحيدرة، إن توليد الكيلو واط الواحد بالطاقة التقليدية يبلغ 5 هللات للقطاع السكني، فيما يتراوح سعره بالطاقة المتجددة مابين 20 – 25 هللة، مشيرا إلى أن التقنيات المستخدمة في توليد الكهرباء بالوسائل النظيفة في تطور مستمر بشكل سنوي، مبينا أنه حضر معرض في إحدى الدول العالمية يضم 300 شركة، فيما بلغ عددها في المعرض نفسه في العالم التالي 400 شركة، بيد أن المفارقة أن شركات مشاركة في المعرض السابق اختفت وخرجت من السوق، نظرا لعدم قدرتها على تطوير تكنولوجيا منافسة للتكنولوجيا الجديدة، مما عرضها لخسائر كبيرة دفعت لإعلان إفلاسها.
وأشار باحيدرة إلى أن أسعار النفط تتحكم بشكل رئيسي في اتجاهات الدول نحو استغلال الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، مضيفا أن بعض الدول اتجهت للطاقة المتجددة بقوة خلال فترة ارتفاع أسعار النفط، فيما بدأت الوتيرة في التراجع مع انخفاض أسعار الوقود في السوق العالمية.
وأضاف باحيدرة، إن الدخول بقوة في مشاريع لتوليد الكهرباء بالطاقة المتجددة من قبل الكثير من الدول يبدو مغامرة غير محسوبة، نظرا لأن التكاليف مرتفعة في المقام الأول وثانيا، فإن عملية استكمال المشاريع تتطلب فترة لا تقل عن 18 شهرا، وهي مدة طويلة نسبيا تجعل من التكنولوجيا المتعاقد عليها قبل الشروع في المشروع قديمة، مما يعرض الدول لخسائر كبيرة للغاية، مشددا على ضرورة الدخول في توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة بحذر شديد، خصوصا أن المملكة تمتلك ثروة طبيعية نظيفة غير متوفرة في الدول الأوروبية، مثل الطاقة الشمسية، داعيا إلى ضرورة توطين التقنيات من خلال بناء كوادر بشرية قادرة على النهوض بهذه الصناعة الهامة للحصول على الطاقة النظيفة.
وأوضح أن النظرة للتكلفة العالية لتوليد الكهرباء بالطاقة النظيفة، تبدو قاصرة للغاية، خصوصا وأن الطاقة النظيفة غير ضارة بالبيئة على الإطلاق، بخلاف الوقود التقليدي الذي يسهم في نشر الكربون في الطبقة الهوائية، مما يكلف الدول مبالغ كبيرة في سبيل تنظيف التلوث الحاصل.
وأوضح الدكتور سمير البيات المشرف على نقل التقنية وريادة الأعمال بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن المملكة تتجه بقوة نحو استغلال الطاقة المتجددة، لافتا إلى أن المملكة ستبدأ في الاستفادة من الطاقة النظيفة في غضون السنوات الخمس المقبلة، مؤكدا أن مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، لديها برنامج طموح لاستغلال الطاقة المتجددة، بحيث ستصل إلى نحو 30 في المائة تقريبا في غضون السنوات المقبلة، مضيفا أن الطاقة المتجددة تتطلب استثمارات ضخمة في البداية، بيد أن النتائج كبيرة في السنوات المقبلة، خصوصا وأن الحصول على الطاقة الكهربائية عبر استخدام الرياح والشمس لا يتطلب استخدام وقود، مشيرا إلى أن الشمس والرياح متاحة على مدار العام، ومؤكدا إلى أن الدول العالمية تدعم بقوة استخدام الطاقة النظيفة، من خلال تقديم التسهيلات الكاملة لمحاولة انتاج الكهرباء عبر الوسائل النظيفة غير المضرة للبيئة.
وقال البيات: إن الاتجاه نحو استغلال الطاقة النظيفة يسهم في دعم الاقتصاد الوطني، خصوصا أن هذه النوعية من الاستثمارات تسهم في تقليل أو انتهاء استخدام الوقود (الغاز – الديزل) وبالتالي فإن المملكة ستكون قادرة على تصدير النفط بالأسعار العالمية، مما يعني دعم خزينة الدولة بالموارد المالية، لاسيما إذا عرفنا أن توليد الطاقة الكهربائية يتطلب حاليا استخدام كميات كبيرة من الديزل والغاز في محطات الكهرباء الموزعة على مختلف مناطق المملكة.
وحول أسعار الطاقة النظيفة، أوضح البيات أن المملكة لديها سياسة واضحة بشأن تسعيرة الطاقة الكهربائية، فالدولة تقدم هذه الخدمة للمستهلك (القطاع السكني) والقطاع الصناعي بأسعار متدنية ومدعومة، لافتا إلى أن هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج تمثل الجهة الرسمية المخولة بوضع تسعيرة الكهرباء، وبالتالي فإن المستهلك في ظل السياسة المعلنة لن يستفيد كثيرا باختلاف التسعيرة سواء بالنسبة للطاقة المنتجة من خلال الطاقة المتجددة أو الطريقة الحالية المعتمدة على الوقود، مشيرا إلى أن القطاع الصناعي لن يشعر كذلك باختلاف في التسعيرة في حال التحول بشكل كامل نحو استغلال الطاقة المتجددة.
وقال البيات: إن غالبية الدول العالمية تتجه بقوة نحو توليد الكهرباء بالطاقة النظيفة، حيث تحتل الدول الأوروبية المقدمة للتحول نحو الاستفادة من الطاقة المتجددة في الحصول على الكهرباء في تغذية احتياجاتها، حيث تنقسم تلك الدول إلى قسمين، فالبعض يستخدم الرياح والبعض الآخر يعتمد على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء، لافتا إلى أن إسبانيا وألمانيا وهولندا والولايات المتحدة تعتمد في شبكتها على الطاقة النظيفة، فيما تعتمد فرنسا على الطاقة النووية في الحصول على الكهرباء، حيث تقدر بنسبة 60 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية.
أرسل تعليقك